لأول مرة في الشرق الأوسط: إعداد لائحة لتصنيف وتقنين استعمالات الاراضي في دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

انتهت ادارة التخطيط والمساحة ببلدية دبي من اعداد لائحة تصنيف وتقنين استعمالات الاراضي في دبي التي تمثل وثيقة مرجعية مهمة لصناع القرار بوزارات ودوائر التخطيط والبلديات والمهندسين الاستشاريين والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة والمقاولين والكليات والمعاهد الهندسية وبنوك التمويل والمؤسسات العقارية ومؤسسات ادارة المشاريع. جاءت اللائحة التي استغرق اعدادها عامين ونصف وينتظر اعتمادها من قبل حكومة دبي قريبا في مائتي صفحة وتضمنت 400 خارطة لكافة قطع الاراضي سكنية وتجارية تتيح كافة المعلومات عن قطع الاراضي المراد الاستفسار عنها. وتضمنت اللائحة ايضا تصنيفا آخر لاستعمالات الاراضي الصناعية (خفيفة ومتوسطة وثقيلة, وتصنيفا ثالثا لاستعمالات الاراضي التجارية على مستوى الاحياء والمراكز والضواحي. وباقرار هذه اللائحة التي أعدها المهندس محمود ناجي اخصائي التشريعات التخطيطية والعمرانية في المدن الامريكية والذي يعمل حاليا رئيسا لشعبة التشريعات التخطيطية وتنفيذ الخطة ببلدية دبي تصبح دبي اولى المدن العربية والخليجية في الشرق الاوسط التي تضع لائحة تشريعية وتنفيذية وتخطيطية لمدنها واحيائها وتصنيف استعمال الاراضي فيها. وقد قسمت اللائحة المناطق السكنية في دبي الى تسع فئات بحسب ارتفاعات المباني السكنية ومواقع الفلل الخاصة واستعمالات سكنية اخرى. كما تتضمن اللائحة تقسيما آخر للمناطق السكنية التجارية وللمناطق الزراعية ومناطق المحميات الطبيعية والمناطق الاثرية. وقد تم استحضار تقسيم جديد من امريكا يتعلق بمناطق التطوير الخاصة P.U.D وهي التي تطبق في قطع الاراضي الخاصة التي يقوم اصحابها بتخطيطها ثم تعرض على الجهات المعنية لاعتمادها او تعديلها. كما تضمن التخطيط تحديدا لمناطق المياه الجوفية واستعمالات الاراضي فوقها وحجم الاستخدامات التجارية التي يمكن ان تؤثر على هذه المياه. تطرقت اللائحة التشريعية ايضا للاستعمالات الملحقة داخل المناطق السكنية والاستعمالات المؤقتة كالورش ومكاتب الفنيين. تطرقت اللائحة التشريعية ايضا للاستعمالات الملحقة داخل المناطق السكنية والاستعمالات المؤقتة كالورش ومكاتب الفنيين. كما تم وضع انظمة تشريعية للتحكم وضبط الازعاج خاصة فيما يتعلق بالمناطق الصناعية المجاورة لمناطق سكنية وذلك بتجديد مواعيد العمل ووسائل تصميم هذه المباني الصناعية. تطرقت اللائحة ايضا لقوانين مواقف وجراجات السيارات. كما تم وضع ضوابط خاصة بالاستعمالات كالفنادق والشقق المفروشة والمحلات وعدد مواقف السيارات اللازمة لكل استعمال. وعن هذه اللائحة يقول واضعها المهندس محمود ناجي: لقد كانت هناك دراسات سابقة غير مكتملة عن امارة دبي ودون ان تحتوي على خارطة واحدة, وعندما انتدبت الى بلدية دبي أعدت قراءة كل هذه الدراسات, وعلى غرار المعمول به في الولايات المتحدة قمت باعداد اللائحة ليصبح هذا التقنين الخاص بدبي هو الاول من نوعه في الشرق الاوسط. وأوضح المهندس ناجي ان اللائحة التشريعية لتصنيف استعمال الاراضي في دبي تتضمن بندا خاصا باستعمالات لوحات الاعلانات ومساحات واضواء هذه الاعلانات وهي امور غير مقننة في اي من دول الشرق الاوسط. فضلا عن وضع قوانين خاصة بالاستعمالات غير المطابقة للاراضي تسمح لأصحابها تكييف اوضاعهم خلال فترة زمنية محددة. واشار المهندس ناجي الى ان اللائحة تتضمن جانبا تشريعيا وآخر تنفيذيا, وان الاخير يشتمل على طرق واجراءات تقديم الطلبات التخطيطية للاستعمالات ومراجعتها واعتمادها حسب القوانين الموضوعة, وكيفية متابعتها والتأكد من مطابقة التنفيذ للتخطيط المعتمد فضلا عن اضافة بند خاص بالتماس اعادة النظر للراغبين في تعديل قرارات اللجنة الهندسية العلمية. وأشار المهندس ناجي الى ان اللائحة ينبغي ان تراجع سنويا ويتم تعديلها حسب متطلبات الواقع لكل مدينة اوحى مؤكدا عدم امكانية تنفيذ اللائحة بمعزل عن خرائط تصنيف الاستعمالات. وشدد على عدم امكانية تطبيق قوانين مدينة على مدينة اخرى نظرا لاختلاف ظروفها الاقتصادية والسكانية والجغرافية والبيئية مشيرا الى ان اختيار القوانين الملائمة يتم بموجب دراسات جادة لكل هذه العوامل. وفي ضوء السياسات العامة للامارة, بحيث لا يصرح بعمل مناطق سكنية في منطقة, ثم تخصيصها او تخطيطها مستقبلا لان تكون منطقة صناعية. وفيما اكد المهندس ناجي أهمية اللائحة لكافة المعنيين كونها تنظم العلاقة بين الحكومة والاستشاريين وقطاع المقاولات واصحاب العقارات, انتهى الى اهمية اللائحة لمدينة وامارة دبي بسبب التطور العمراني والانشائي السريع الذي تشهده والذي يستلزم تقنينا خاصا باستعمالات وتصنيف الاراضي حفاظا على حق الاجيال المقبلة وحفاظا على قيمة هذه الثروة الطبيعية غير القابلة للزيادة بحيث يتم استخدامها استخداما رشيدا يعود بالنفع على اقتصاديات الامارة. وعلى الصعيد نفسه كشفت دراسة لبلدية دبي ان علم تصنيف وتقنين استعمالات الاراضي تعود بداية استخدامه في بعض مدن العالم لاوائل العشرينات من هذا القرن, ففي امريكا مثلا وافق الدستور الامريكي عليه كقانون محلي للمدن في عام 1926 اثر قضية اختلفت فيها شركة امبلر ريالتي مع بلدية مدينة اوهايو, واثر مناقشة القضية في المحكمة العليا تم وضع قوانين الاستعمالات فيما بعد موضع التنفيذ ليعمل بها في المدن الامريكية, واصبح هناك تخصصات في الجامعة لدراسة هذا العلم, كما تخصص محامون في هذا المجال لحاجة القطاعين العام والخاص اليه. واوضحت الدراسة ان ضرورة التشريع التخطيطي الخاص باستعمالات الاراضي والمباني ينبع من اسباب تكاد تتشابه في معظم مدن العالم, الا ان الحاجة لهذه التشريعات تكون اكثر من غيرها في المدن سريعة التمدد والتطور. وذكرت الدراسة ان يد التكنولوجيا والتصنيع ومظاهر التمدين السريع والعمران في بعض المدن الخليجية ساعدت على ظهور اخطار التلوث الاجتماعي والبيئي بأشكال متعددة منها: ـ نزوح الاهالي من مناطق سكناهم الاصلية نتيجة غزو هذه المناطق بالاستعمالات التجارية والخدمية واختلاطها بالعمالة الاجنبية مما ادى لفقدان القيمة الاجتماعية لمعنى الحي او الفريج وساعد على خلق اضطراب في العلاقة بين المدينة وسكانها الاصليين. ـ التلوث البيئي ممثلا في نفث الدخان الصادر من المناطق الصناعية على المناطق السكنية والسكنية التجارية. ـ الازعاجات الصوتية والضوضاء المكثفة في المدن. ـ اختلاطات الاستعمالات والنشاطات دون تنسيق او تقنين مما يؤثر على قيمة العقار/ الارض. ـ مزاحمة السيارات على الفراغ المحيط بالمناطق السكنية. ـ تهديد المناطق ذات الحساسية البيئية بالانقراض. ـ هدم المباني ذات الطابع التراثي والاثري لاقامة المباني الجديدة بغرض المردود المادي البحت. ـ عدم كفاءة تخطيط البنية التحتية (ماء ـ كهرباء ـ طرق وصرف صحي) في استعمالاتها وذلك بسبب انعدام التخطيط (وتحديد الاستعمالات اولا) والتنفيذ. ـ تشويه واجهات المباني نتيجة لصق الاعلانات دون تقنين يكفل تجميل المنظر العام للمدينة. واشارت الدراسة الى ان هذه الظواهر قد تبدو بسيطة, الا انها تتفاقم حتى يصعب مجابهة اخطارها في ظل غياب النظم التشريعية والتنفيذية لدى صناع القرار. وأشارت الدراسة الى ضرورة الاخذ في الحسبان معايير طبيعة المجتمع ومعتقداته وعاداته وظروفه الحياتية, اذ ان الغاية من وضعها الارتقاء بالمستوى العام للمدينة وسكانها ومواكبة التطور العالمي من حولنا. وحددت الدراسة أهمية تنظيم وتقنين استعمالات الاراضي ممثلة في الآتي: أ ـ التنسيق بين أهداف مشاريع التطوير المختلفة للمدن, ورسم الخطوط التوجيهية التي تشكل الهيكل العام للمدينة حسب الاستراتيجيات والاهداف العامة للدولة. ب ـ تشكل مرجعا رسميا لمدراء المـؤسسات ودوائر التخطيط ولصناعة القرارات التخطيطية الصحيحة. ج ـ توفير المعلومات الكاملة والضرورية للاستشاريين لتصميم المشاريع الاستثمارية والخاصة بأصحاب الاراضي دون اعاقة, قبل تسليم هذه المشاريع للسلطات المختصة بمراجعتها وتدقيقها. د ـ تنظيم العلاقة بين المشاريع العامة والخاصة وتضمن اختيار الموقع الافضل والانسب للاستعمال. هــ ـ المحافظة على القيمة المادية (أسعار الاراضي) والعمل على زيادة هذه القيمة حسب موقعها واستعمالاتها المخصصة. وانتهت الدراسة الى ان تصنيف استعمالات الاراضي وتقنينها هو من أهم الوسائل التي تنظم مدن اليوم المتطورة وتوجه نموها حسب امكانياتها وثرواتها الاقتصادية والاجتماعية واحتياجات سكانها المستقبلية. كتب - محمد الصدفي

Email