سوق الاسهم المحلية في 1997

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهد سوق الاسهم في الامارات تطورات جذرية خلال العام 1997 الماضي حيث اجتذب السوق المزيد من المستثمرين ودخلته شرائح جديدة لم تكن تهتم بالاسهم من قبل ولكن زيادة الاصدارات الجديدة والارباح السريعة التي جلبتها للمكتتبين جعلت الكثير من الموظفين يسارعون الى الاكتتاب في اي اصدار جديد فمن خلاله يمكنهم تحقيق ارباح كبيرة وبنسبة 100% من قيمة الاسهم التي خصصت لهم وذلك من مدة شهر واحد فقط فكثير من الاسهم الجديدة ارتفع سعرها السوقي بعد التخصيص الى ضعف سعرها الاسمى او اكثر. هذه الظاهرة جعلت رب الاسرة لا يكتفي بالاكتتاب لنفسه فقط بل يكتتب له ولأفراد الاسرة جميعا وعمد البعض الآخر الى الاكتتاب بأسماء اشخاص يعرفهم اولا يعرفهم عن طريق تأجير الجوازات وخلاصات القيد حتى يتم التخصيص ويحصل على اسهم هؤلاء بواسطة توكيل خاص ويبيع هذه الاسهم ويضاعف رأسماله في غضون شهر واحد. ولكن اللجان التأسيسية للشركات الجديدة تنبهت لذلك ووضعت الضوابط الكفيلة بمنع هذه الظاهرة التي اختفت فعلا في آخر اصدار شهدته السوق المحلية خلال عام 1997. وقد تسارعت الاصدارات الجديدة خلال العام الماضي وكان ابرزها شركة اعمار العقارية ومصرف ابوظبي الاسلامي وشركة الواحة للتأجير وشركة الاتحاد للتأمين وشركة الوثبة للتأمين والخزنة للتأمين وشركة ابوظبي لبناء السفن. كما شهد سوق الاسهم المحلية خلال العام الماضي عمليات مضاربة واسعة على الكثير من الاسهم القيادية الحديثة, مما رفع اسعارها الى مستويات قياسية لم يوجد ما يبررها ولم تقم على اسس علمية حيث ان هذه الشركات الجديدة لم تظهر لها ميزانية بعد حتى يقال ان مستوى الارباح الذي حققته كان الدافع وراء الاقبال الشديد على شراء اسهمها ولكن الدافع الوحيد مجرد سماع بعض التوقعات عن مستقبل واعد للشركة محل المضاربة. وفي هذا الخصوص يقول احمد موسى احمد من المركز الدولي للاسهم في ابوظبي تواجه المستثمر المحلي صعوبات كثيرة في محاولة استخدام الطرق العملية والنماذج العقلانية في اتخاذ قرارات الاستثمار في أي نوع من الأسهم إلا ان من يتمسك بالدراسات والتحليل المنطقي وفهم الأسس العلمية لإدارة المحافظ الأستثمارية فانهم بلا شك انقذو اموالهم من الضياع فلذلك ان شراء وبيع الأسهم بطريقة عشوائية لا يحقق للمستثمر الامان والطمأنينة اللازمة وتعرضه الى المخاطر لذلك فإن التوازن هو الذي يحقق للمستثمر اقصى فعالية ويحافظ على رأس المال الأصلي ولكن خاصية التوازن والأعتدال صعب تحقيقها في السوق والتي تعتبر من أهم المعوقات التي تواجه القرار الاستثماري وخاصة ان السوق هو حشد (جماعة) تتصف بصفات تختلف كثيراً عن صفات الأشخاص الذين يكونوه. فإن الفرد داخل جماعة يفكر بطريقة تختلف عن الطريقة الذي يفكر بها بمفرده, إذ ان غريزة الجماعة هي التي تسيطر في النهاية على تصرفاته. وعلى الرغم من ذلك فإن المستثمرين أو المضاربين قد لا يكونوا متواجدين في الأسواق المالية بصورة شخصية إلا أنهم متصلون مع بعضهم البعض فكريا وعقليا فهولاء جميعاً يطلعون على نفس الأنباء الاقتصادية التي تؤثر بالسوق ويتعرضون الى نفس الاشاعات والضغوط ويراقبون نفس تحركات الأسعار كما انهم يتعاملون مع نفس الوسطاء والسماسرة في السوق ونتيجة لذلك فإن افكارهم وارائهم بمجموعها تنعكس على تحرك اسعار الأسهم وعلى حجم التداول في السوق فالسوق هو جماعة تمتلك صفات سلوكية ومن أهم صفات هذه الجماعة انها دائما تنحو بتصرفاتها الى المبالغة والتضخيم في كل شىء فالجماعة لاتفكر بصورة معتدلة بل تميل دائما نحو المغالاة, لذلك نرى هذه الأيام ان اسواق الأسهم تبالغ في تجاوبها مع أي من المتغيرات والأحداث التي تؤثر في الأسعار سواء نحو الصعود أو الهبوط لذلك نجد صعوبة في تفهم نفسية السوق أو تفسير تصرفاتها وفقا للحسابات والتحليل المالي المعتماد فالجماعة كفيلة بتضليل من يتمسك بالدراسة والتحليل ومن هنا نستطيع القول ان من يتحكم في تحركات الجماعة عنصران اساسيان هما الخوف والطموح, فالخوف يؤدي الى الأفراط في التشاؤم والطموح يؤدي الى الأفراط في التفاؤل عند شراء الاسهم فهؤلاء العاملان يقفان وراء السلوك المفرط والمبالغة التي تسود الأسواق المالية لذلك على المستثمر تجنب ان يدمج شخصياً أو ان يتأثر بقرارات الجماعة. والانسياق وراء البيع أو الشراء تقليداً لهم. وعن تطورات سوق الأسهم المحلية عام 97 قال زهير جبران الكسواني مدير مكتب الشرهان للأسهم في الشارقة واصل سوق الأسهم المحلية أزدهاره خلال عام 97 امتدادا للاعوام الثلاثة المسابقة وسجلت معظم الأسهم أعلى أسعار لها في حين انتعش التداول محققا أعلى معدلاته على الأطلاق وشمل جميع قطاعات الاسهم حتى تلك التي لم تتحرك على مدى الأعوام الماضية, بذلك كسب رصيداً كبيراً من ثقه المتعاملين عززت وضعه على الساحة الاقتصادية والاستثمارية المحلية ليتبواء صدارة القنوات الاستثمارية الوطنية المأمونة, واستطاع أن يحل بديلا لدى الكثير من المستثمرين المواطنين عن أدوات استثمارية أخرى منافسة خصوصاً الخارجية منها مثل الاستثمار في الأسهم والسندات العالمية والعملات وذلك لتفوقه عليها من حيث الاستقرار وخلوه من التقلبات وحسن أستمرار مراقبته وهو الأمر الذي فضله المستثمر في الامارات الذي يميل الى اسلوب الاستثمار وليس الى أسلوب المضاربة أثر توفر الوعي الاستثماري. وقد استقطب السوق العديد من الفعاليات الجديدة في حين زاد قدامى المستثمرين من حجم محافظهم مما أدى الى زيادة حجم الطلب بصورة أجمالية وهو عامل مساعد في رفع السعر. وقد بلغ عدد الشركات التي تنشر أسعارها ويتم تداول اسهمها بصورة دورية 35 شركة بزيادة 7 شركات عن عام 96 منها 3 جديدة, يبلغ اجمالي رأسمالها 13.8 مليار درهم مقارنه مع 10.3 مليارات عام 96 بزيادة 33.8% وتبلغ إجمالي القيمة السوقية لاسهمها 90 مليار درهم مقارنة مع 56.6 مليار درهم عام 96 بزيادة نسبتها 59% في حين كانت 45.6 مليارا عام 95 وما مقداره 36.7 مليارا عام 94 وما مقداره 40.4 مليارا عام 93. ويقدر حجم التداول في السوق خلال العام مابين 2.5 الى 3 مليارات درهم. وان هناك أسباب عديدة وراء الانتعاش الفريد في سوق الأسهم, اهمها مايشهده اقتصاد الدولة من نمو مضطرد وأزدهار في مجالات التجارة الداخلية وتجارة أعادة التصدير وأرتفاع مستوى الانفاق الحكومي واستقرار أسعار البترول, اضافة الى عوامل مساعدة وفرت مناخا ملائما للاستثمار المالي أهمها الاستقرار السياسي والاقتصادي وعوامل داخل أطار السوق نفسه منها ما حققته الشركات والبنوك من أنجازات مالية ملموسة عام 1996 والتي ظهرت في النصف الأول من عام 1997 وتوقعات بتحسنها عن عام 1997 والتي ستظهر خلال الشهور القليلة المقبلة, كذلك استقرار عائدات المنافس الرئيسي وهي الفوائد البنكية على الودائع والتي استقرت مابين 5 - 6% سنويا في المتوسط, وتشبع الاستثمار العقاري وجمود حركة مبادلات الأراضي والانشاءات. وقد استقطب السوق شريحة واسعة من المستثمرين الجدد يقدر عددهم بعشرات الآلاف منهم من استطاع الاستثمار في الاسهم القديمة, ومعظمهم دخلوا السوق من باب سوق الأصدار الأولى كمكتتبين في الأسهم الجديدة وقد أفرز التعامل في السوق فئة من المضاربين أستطاعت التأثير على أسعار بعض الأسهم صعوداً وهبوطاً رغم ذلك خلا السوق من أية ممارسات غير قانونية. وقد حقق معظم المستثمرين أرباحا مادية ملموسة منها رأسمالية بسبب زيادة أسعار الأسهم وأخرى أيرادية من ناتج توزيعات الشركات كانت نقدية أو أسهم منحة فقد زادت 10 شركات رأسمالها في صورة أسهم منحه كالتالي: اتصالات 25%, فنادق 12.5%, تأمين العين 30%, تأمين دبي 50%, تامين الشارقة 15%, البنك العربي المتحد 15%, بنك الشارقة الوطني 25%, بنك دبي الاسلامي 11%, البنك التجاري الدولي 15%. أما سوق الأصدار الأولى فقد سجل افضل نشاط له في تاريخه حيث تم إضافة 3 شركات في النصف الأول من العام برأسمال مدفوع مقداره 2.5 مليار درهم وهي أعمار, والواحة للتأجير, ومصرف أبوظبي الاسلامي ويشكل رأسمالها 22% من رأسمال الشركات موضوع الدراسة وكان من المتوقع اضافة عدة شركات في النصف الثاني من العام, وقد عملت الشركات الجديدة على تنشيط السوق الثانوية بسبب استمرار انتقال الأسهم من فئة الى أخرى. ورغم ذلك مازال سوق الأسهم محدوداً ولم يستطع المساهمة بفاعلية في دوران رأس المال الوطني داخل الدولة بسبب عجزه عن أستيعاب فائض السيولة المتاحة وذلك لعدة أسباب أهمها تشبع أسعار معظم الأسهم بوصول العائد الاستثماري فيها الي ريع متوسط يدور بين 3 الى 5% والى ان قطاع الخدمات يسيطر على السوق في حين غاب قطاع الزراعة والبتروكيماويات ومثل قطاع الاستثمار وقطاع الصناعة وقطاع الأغذية شركة واحدة لكل منهم وقطاع العقارات شركتين, هذا ومازال السوق يعاني من عدة مشاكل مستعصية أهمها: انخفاض كمية الأسهم المتداولة منسوبة الى أجمالى الأسهم المتوفرة في السوق إذا لا تتعدى 3% فقط. إستمرار أنحسار الأسهم لمصلحة محافظ شخصية جامدة غير قابلة للتداول حتى بأسعار مرتفعة بسبب نهج الاستثمار لدى كبار المستثمرين. عدم توفر دراسات بالأرقام عن حجم السوق وكمية التداول بسبب عدم وجود جهة رقابية واحدة, مما يشكك في كفائته. عدم الأفصاح المالي خلال العام, لعدم نشر ميزانيات سوى في نهاية السنة المالية, الأمر الذي يترك الأسعار بعيدة عن الأداء الاقتصادي والمالي خلال العام. وهناك عدة أجراءات من شأنها النهوض بسوق الأسهم ليصبح وعاء استثماريا أكبر لتوظيف جزءاً كبيراً من المدخرات الوطنية وكي يلبي طموحات المستثمر المحلي منها: تنشيط سوق الأصدار الأولي بتخصيص أكبر عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة وانشاء شركات تغطي جميع القطاعات وخصوصا الصناعية بأنواعها. توحيد القيمة الاسمية للاسهم لتصبح 10 دراهم للسهم وما يتبع ذلك من تجزئة الأسهم ذات القيمة الأسمية البالغة 100 درهم. انشاء صناديق استثمارية للتعامل بالأسهم المحلية. تبسيط اجراءات نقل ملكية الاسهم والغاء رسوم التسجيل لبعض الشركات التي تتقاضي رسوم. كتب ـ علي لاشين

Email