« البيان » تحاور السفير السوداني الذي تغزل في وزيرة موريتانية

عندما سبقت الرومانسية.. الدبلوماسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تغزل الرجل بالمرأة ظل على مدى العصور واحدا من اهم نماذج الشعر العربي، سواء كان غزلا عفيفا او صريحا، وكثيرا ما اثار الخلافات بل والحروب بين القبائل العربية القديمة، واستمر ذلك على مدى العصور، ولكن في الآونة الأخيرة ظهر غزل من نوع آخر وهو غزل سفير في وزيرة خارجية.

تبدأ القصة عندما كتب شعراء في وزارة الخارجية السوادنية قصائد غزلية في وزيرة خارجية موريتانيا (الناها بنت مكناس)، ومع دخول أطراف عديدة في قصائد الغزل بالوزيرة التي تربت في بيت سياسي عريق وظهور قصائد موريتانية ترد على الغزل السوداني، بل وصل الامر الى مطالبة رئيس الجمهورية بإقالة الوزيرة من منصبها حفاظا على كرامة بلادها.

فقد لفتت وزيرة خارجية موريتانيا الانتباه إليها في المحافل الدولية بقامتها الفارعة وأناقتها المميزة رغم احتشامها وتدثرها دائماً في ملاحف تقليدية تختارها من فئة الألوان الزاهية انسجاماً مع موقعها المرموق الذي يفرض عليها الاعتناء قليلاً بشكلها.

صحيفة «السراج» الموريتانية لسان حال التيار الإسلامي رأت في الغزل السوداني بالـ (ناها) خروجاً على الأعراف الدبلوماسية، واعتبرته تصرفاً غير لائق ومهين ورأت في المسألة رؤية دونية للمرأة التي جاءت تمثل بلدها، وطالبت الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالغيرة على الوزيرة المتغزل فيها، لذا يجب إعفاؤها من منصبها ومنعها من السفر خارج البلاد، وهو نفس حال العديد من مواقع الانترنت في موريتانيا.

«البيان» حاورت الدبلوماسي الذي اطلق شرارة حرب الغزل الدبلوماسية بين السودان وموريتانيا السفير عبدالله الازرق سفير جمهورية السودان في لندن، حيث قال السفير «أنا انتمي لأسرة آل مجذوب بالسودان التي ينظم ‬53 فرداً من أفرادها الشعر، ونحن نعتبر انفسنا من حراس الشعر واللغة العربية بالسودان لعشرات السنين، والكثير منا تخرج في الازهر، وجامعة المدينة المنورة، ومن هنا جاء حبي للشعر واللغة العربية، وليس لدي اي ديوان منشور، ولكن لدي الكثير من القصائد التي نشرت في بعض الصحف السودانية».

ماذا تخبرنا عن حكاية قصائد الشعر الغزلي بوزيرة خارجية موريتانيا (الناها بنت مكناس)

هي ليست قصائد غزل بالمعنى الدارج للكلمة، هي قصائد رصينة ومحترمة تعبر عن عمق العلاقة بين الخرطوم ونواكشوط، وعلاقتنا بموريتانيا قوية وذات ابعاد خاصة، فمثلا علاقتنا الثقافية بها قوية جدا ربما بشكل يفوق علاقتنا بمصر، الجارة التي تربطنها بها روابط كبيرة فوق الوصف ورغم ذلك فإننا لنا طبيعة خاصة في علاقتنا بهم فالمذهب الديني الذي نتبعه في السودان هو المذهب المالكي، جاء لنا من هناك وتتشابه ازياء النساء هناك مع السودان، وكذلك يلبس الرجال العمامة مثلنا وعادتنا في البيوت تكاد تكون واحدة، لذا هناك رابطة ثقافية عميقة جدا، والشعر الذي نظم في الوزيرة هو تعبير عن حبنا لموريتانيا في شخص الوزيرة، والقصيدة الاولى كتبتها انا عندما جاءت في زيارة رسمية للسودان، وللتأكيد على ان الامر لم يكن غزلا قلت هذه القصيدة في عشاء رسمي حضرته الوزيرة الموريتانية، ووزير الخارجية السوداني، وسفراء الدول العربية المعتمدون في الخرطوم، ثم جاراني ستة من الشعراء السفراء ممن يعملون بوزارة الخارجية السودانية، وهذا الامر ليس غريبا، اذ ان الصلة بين الشعر والفن والادب لها جذور عميقة في الدبلوماسية السودانية، فقد كان اول وكيل للوزارة اديبا.

لكن الجميع يتحدث عن غزلك في الوزيرة وذكرك اسمها !

انا قلت:

حيّ الميامين من شنقيط والناها

قم حيّها بحبور حين تلقاها

واحضن بها عبق التاريخ تحمله

من أرض شنقيط فيّاضا وموّاها

وانثر لها الورد في الخرطوم إن لها

ربعا وأهلا هنا تاقوا للقياها

كل ذلك وتقول ليس غزلا !

بالطبع لا انا اتحدث عن موريتانيا والتي كان اسمها شنقيط في الماضي، وابتي هنا ليس معناه الاب بل اشارة الى الشاعر الموريتاني السفير باباه ولد سيدي عبدالله مدير إدارة الإعلام بالخارجية الموريتانية وعضو الوفد المرافق للوزيرة، وبعد ذلك رد باباه بقصيدة ثم توالت القصائد لكل من السفير عمر دهب قصيدة (محيا الناها) وللوزير المفوض محمد الطيب قسم الله قصيدة (الناها). وأخيراً نظم السفير د. خالد محمد فرح سفير السودان في السنغال قصيدة، وللتأكيد على ان الموضوع كان تحية لموريتانيا القيت القصيدة مرة اخرى في موريتانيا امام الجميع وفي حفل عام ونشرتها الصحف الموريتانية، ولاقت قبولا جيدا.

ما هو رد فعل الوزيرة على القصيدة في ظل احتدام المناقشات على الإنترنت؟

معالي الوزيرة شخصية محترمة جدا ومن بيت معروف في موريتانيا والعالم العربي ووالدها كان وزير خارجية موريتانيا، وتربطنا بالوزيرة علاقات جيدة وتعرفني واعرفها وبيننا كل تقدير واحترام.

هل طلبلت الوزيرة منكم وقف القصائد او حدث تدخل من وزير الخارجية السوادني لوقف موجة القصائد التي تتغزل بالوزيرة ؟

لم يحدث تدخل من الوزيرة الموريتانية او وزير الخارجية السوداني، لأن القصيدة القيت في حضورهما مع جمع من السفراء العرب، ولاقت قبولاً طيباً بين الحضور، وليس كما صور بعض الجهلاء الذين ينطبق عليهم قول الشاعر:

لا.. الشعر لايحدث في ارواحهم طربا ولا الزهور لها في ارضهم حرم.

أبيات من قصيدة السفير في الوزيرة

حيّ الميامين من شنقيط والناها

قم حيّها بحبور حين تلقاها

واحضن بها عبق التاريخ تحمله

من أرض شنقيط فيّاضا وموّاها

وانثر لها الورد في الخرطوم إن لها

ربعا وأهلا هنا تاقوا للقياها

وللورود هنا سفن وأشرعة

بحبّكم كان مجراها ومرساها

بل أنثر الدرّ كي تنصف فيا أبتي

إن الورود قطوف من محيّاها

الطير غرّد أشجانا وقافية

كتبتها وأنا ، إنّا كتبناها

لما أتانا الأُلى إنّا نجلّهمو

تراقص القلب تيها بعد إذ تاها

وفاض كالنيل بالأشواق مجلسنا

ودثّر النفس باللقيا وزكّاها

وصفّق الموج بالنيلين مزدهيا

وفاح عطر شذيّ إذ ذكرناها

أحبابنا الشوق للسودان يسبقنا

شنقيط نحوكمو حثّت مطاياها

وللشناقيط في كل القلوب هوى

شقائق الروح بل أسمى سجاياها

النبل والكرم السودان موطنه

هنا حصون تصون العز والجاها

تفطرت كبدي من بينهم زمنا

واليوم جاؤوا فيا سُعدي وبُشراها

جئناكمو نقتفي آثار من علموا

أن المواطن أسماها ثريّاها

فلو درت إذ أتت ما يحملون لها

بين الجوانح من حُبّ لأغناها

لم ننس حضنكم الرحب الفسيح لنا

نُسقى به من عذاب الكرم أحلاها

إن أسدت الدنيا في أيامنا هبة

فلا أرى غير أنّا قد عرفناها

يا قبلة المجد سودان البشير

وهام العز من ولد العُليا وسمّاها

فإن عجبت فلا تعجب لما جمعت

إن الأصالة مأوها ومرعاها

Email