يعكس تهكم الشباب على الواقع، قلة ذوق وكثرة غلبة .. مسلسل سوري جديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلة ذوق وكثرة غلبة.. مسلسل كوميدي اجتماعي يتناول قصة عائلة مكونة من الأب عزمي «عمر حجو» وأولاده الثلاثة صبحي «قصي خولي» وربحي «ليث مفتي» وفتحي «طارق صباغ» وعمتهم شكرية «هدى شعراوي» وزوجها أبو حمدي «رياض شحرور» والمسلسل من اخراج هشام شربتجي. تبدأ أحداث العمل بعد وفاة الأم بحوالي السنة، حيث تنوي العمة تزويج أخيها مرة ثانية فيقرر الأولاد الثلاثة رفض خطة العمة ويبدأون بالعمل للوقوف في وجه هذا المشروع، وتتشابك هذه القصة مع قصص جانبية شيقة تبين اهتمامات الجيل الشاب وردة فعله على الأحداث الجارية في العالم الخارجي في محاولة للسخرية من المحيط والأحداث. يتعرض المسلسل في حلقاته الى هموم المجتمع السوري الذي يعد صورة مصغرة من المجتمع العربي بمشاكله وهمومه واهتماماته، كما يتناول كيفية التعامل مع الأحداث المحلية والعربية والعالمية، وذلك من خلال رسم الابتسامة على شفاه المشاهدين. بشكل عام تبدو حلقات العمل متصلة، ولكن نرى في كل حلقة قصة مستقلة بذاتها ويكاد يكون متسلسلاً زمنياً دون فجوات. المخرج هشام شربتجي قال عن هذا العمل الكوميدي الجديد: ـ البساطة هي فن المعقد، فن المركب، فن الصعب، فن السهل الممتنع، لكنه الفن التركيبي. لقد انتهت أزمنة الفنون المركبة الصعبة، وخاصة اننا نعمل بأداة تلفزيونية، ندخل الى الناس، وقد عبئت أدمغتهم بعشرات نشرات الأخبار، ولذلك جميل ان نموت ونحن مبتسمون. لماذا التركيز على الأعمال الكوميدية؟ ـ بين فترة وأخرى اشتغل عملاً خارج حدود الكوميديا لكي ارتاح.. لا تستغربين الأمر، فمنذ فترة عملت «الوجه الآخر» وارتحت، «رسائل سعيد» وارتحت، «جلادون» وارتحت. هكذا أنا أعمل مثل هذه الأعمال لأقول انني موجود في مجالات اخرى. وآخر هذه الأعمال كان «أسرار المدينة» وكنت مرتاحاً جداً، بل كان بالنسبة لي بمثابة الاجازة. لا يعني هذا الكلام انني أستسهل هذه الأعمال، بل بالعكس أراها من الفنون المركبة الصعبة والجميلة، والنص الذي حصلت عليه لحسن سامي يوسف ونجيب نصير، ومن أجمل النصوص التي رأيتها، وأتمنى ان تتكرر تجربتي بهذا الاتجاه، ولكن الكوميديا من الفنون التي تغامرين بها ودون ان تفكري بنتائجها التي قد تكون كارثة. ـ ما الجديد الذي تقدمه هنا؟ ـ أولاً، لا وجود للنجوم، مع احترامي الشخصي للجميع. بمعنى آخر لست معتمدا على شخص واحد (كنت في السابق أعتمد على ياسر العظمة مثلاً أو دريد لحام أو أيمن زيدان) ولكن هنا جميع الأدوار محصورة في مكان واحد. المضحك في الكوميديا انها تقدم الحياة العامة كما هي بالألفاظ النابية التي نستنكرها دائما على التلفزيون. مع العلم انه لو أخذنا النكات لرأينا ان 99.9% منها، بما فيها السياسية، تحتوي على خلفيات جنسية. ثانياً الكوميديا تعتمد على لعبة الأذى والمقالب، من مقالب غوار الى شارلي شابلن، ومن «مدرسة المشاغبين» الى «العيال كبرت».. بشكل عام هذا العمل يحتوي على لعبة مقالب أب مع أولاده، الأولاد مع عمتهم. هذا النمط جديد ويختلف عن كوميديانات المكان الواحد التي اشتغلتها لممدوح حمادة. لدى حمادة كنا نرى المشهد الواحد يطرح أفكاراً متشعبة ويلف ويدور، وأظن ان السبب يكمن في كونه رساماً كاريكاتيرياً، يختزن الافكار ويجسدها بمختزلات، بأفكار مهمة جداً. أما ما يميز حكم البابا عن ممدوح حمادة ان الأول وببسيط العبارة «سلال» ويمكن ان أعماله تشبه شخصيته الى حد بعيد. ـ ألا تخاف من سيطرة المكان الواحد بمعنى آخر ان المشاهد قد يمل من هذا النمط؟ ـ هنا تكمن الصعوبة والخطورة معاً، لأنه من يفترض ان يمل بعد اسبوع واحد من العمل هو نحن. إذ ان الأسبوع التالي يصبح متوتراً وفي الأسبوع الثالث نعمل ونحن مسجونين، إذ نشعر ان الديكور أصبح مهجعاً بل سجناً حقيقياً، ولكن رغم ذلك لم يحدث انه قد حدث أي ملل في الأعمال التي عملتها، إذ ان الحركة موجودة، والأفكار موجودة والأشخاص تلعب دورها بشكل صحيح، العمل في الكوميديا بالنسبة لي كما هو أكل الفشار أو البذر تماماً، أي عندما يجلس أحدهم أمام التلفاز ويبدأ بتناول البذر ويقول هذه آخر حبة وهذه واحدة أخرى وهكذا.. بشكل عام تقع المهمة الصعبة على المخرج فلا يتوجب عليه ان يرمي أوراقه دفعة واحدة في الحلقات الأولى، بل يجب ان يترك شيئا لديه وتكون عينه متجددة دائماً إن كان في زوايا الكاميرا أو حركتها. ـ لا نجوم في العمل بالاضافة الى وجوه شابة جديدة.. ألا تخاف من النتائج؟ ـ يمكن ان أقامر بكل شيء إلا عملي، ولكنني أراهن، والمقامرة غير الرهان.. وأنا بشكل عام متفائل بالشباب، لأن الشاشة يجب أن يكون فيها نوع من الضخ للوجوه الجديدة. هناك مخرجون يعملون بشكل مريح، أي ان الشخص الذي يلمع في عمل ما يتسارعون اليه ويأتون به ويأخذونه كما هو، أما إذا لاحظت أثناء التصوير فإنني أنزع عيني وأعطيها للممثل. ـ تتهم بأنك تخرج باذنك، بينما نعيش في عصر يعتمد على الرؤية الفنية، كيف ترد على هذا الاتهام؟ ـ أعتبر هذا ميزة وليس اتهاما، والتلفزيون بشكل أو بآخر هو فن الوجه البشري، فن الاذاعة المرئية نبض الحياة الواقعية. لننتبه الى كيفية استعمال الأذن للفظ جملة واحدة بنغمات متعددة (مثلاً كلمة صباح الخير يمكن ان تقال كشتيمة ويمكن ان تكون محببة).. ولا ننس ان مدرسة ياسر العظمة تعتمد على هذه النغمة الجميلة السلسة التي توصل الفكرة دون عذاب والتي يمكن ان تكون مغيبة لدى بعض المخرجين لأنهم درسوا في الخارج. الممثل ليث المفتي يلعب دور الفتى الأوسط (ربحي) الذي يخطط لئلا يأخذ أحد مكان أمه المتوفاة، سألناه عن عمله مع المخرج فقال: انه يمدنا بطاقات وامكانيات كبيرة حتى نقدم كل ما لدينا دون خوف أو تردد، ومع ان العمل يقع في مكان واحد والذي يمكن ان يشكل حالة من الملل بعد فترة قصيرة، إلا انه وبفضل المخرج تم كسر هذه الحالة، باضفائه جوا من المحبة والنكتة. هناك دائماً حميمية وابتسامة رغم التعب والارهاق. حول شعوره حال تلقيه قرار اختياره لهذا المسلسل الجديد، قال: ـ أكون كاذباً إذا لم أقل الحقيقة، لقد دمعت عيناي، ويبدو ان ذلك له علاقة بالرهبة والخوف والتحدي باثبات الوجود.. إذ ها هي الفرصة قد جاءت لأثبت ذاتي في الوسط الفني، انه فرصة لتحقيق حالة من النجومية، اضافة الى ان الدور جميل والعمل مع المخرج ممتع جداً. الفنان الموهوب الصغير طارق عبدالهادي الصباغ (11 عاماً) الذي شارك في أعمال كثيرة ويلعب هنا دور الولد الذي يسترق السمع لمخططات عمته وينقلها لأخويه. سألناه عن انطباعه العام عن المخرج فقال: أنا مرتاح معه الى درجة كبيرة، وفي الحقيقة كان لديّ بعض الخجل، لكنني تجاوزته الآن، وأصبحت أرقص وأغني ولا أواجه أية مشكلة مع الكاميرا وأظن ان ذلك سببه يعود الى تعامل المخرج اللطيف والمريح معنا. الفنان عمر حجو سألناه عن الصعوبة التي يراها في مثل هذه الاعمال بالنسبة لممثل كبير في السن فقال: هذا النوع من الاعمال يحتاج الى شباب ينضحون بالحيوية، وما اعجبني في هذا العمل هو الدور الجميل والجديد، اذ ان الاب لا يتمتع بشخصية، واخته تسيطر عليه تماما لقد دخلت في جو الشخصية بعد حلقتين او ثلاثة، فالدور عبارة عن رجل مهزوز ذي شخصية ضعيفة اخته مسيطرة عليه تماما اضافة الى ان تربية الاولاد امر جديد بالنسبة له، لانه كان معتمدا على زوجته في هذا الامر ونراه هنا قد وقع في دوامة بين اخته واولاده وما اريد قوله هنا انني احببت الدور كثيرا لانه جديد بالنسبة لي ومن ناحية اخرى اشعر بالحنين الى مرحلة الطفولة والشباب من خلال هذه الشخصية. دمشق ـ ميادة بيلون

Email