العمر لحظات حلوة.. أجملها تلك التي يعلن فيها ارتباط قلبين برباط شرعي يرضاه الله تعالى ويباركه الناس.. وللتعبير عن تلك الفرحة أشكال وألوان بعضها فنون.. وآخر جنون.. ومعا نتذوق فنها وجنونها.. ومنهم نستفيد.. يمكننا وبمنتهى الثقة أن نطلق على تلك العادة السودانية الفريدة أنها أغرب ماسمع عنه في طقوس الأفراح خاصة من دولة عربية.. ففي شمال جمهورية السودان يقدم الأهالي على تقليد غريب جدا حيث يقومون باحضار العريس امام جمع من أهله وأهل زوجته وأهالي البلدة التي ستتم فيها ليلة العرس، ويتم اختيار نفر أقوياء من الحضور ويقومون بنزع ملابس العريس وجلده بالسياط وضربه بالعصى وتعذيبه بكل الوسائل الممكنة والتي لا تتسبب في أحداث عاهة مستديمة له. ويرجع هذا التقليد الغريب الى فكرة مؤداها ان تلك الطريقة هي الاثبات الوحيد أن العريس رجل قوي يمكن الاعتماد عليه في المستقبل ويمكن ان تكون العروس آمنة معه في حياتهما القادمة لهذا يعتبر الضرب بالسياط وسيلة لاثبات تلك القدرة، والتحمل أمام الألم مهما بلغت قوته وعلى العريس أن يثبت لهم ذلك بعدم الاعلان عن الألم بأي وسيلة. ومعروف ان الجالية السودانية منتشرة في بلاد عديدة ومن أكثر التجمعات السودانية في مصر وهي منتشرة في انحاء القطر المصري كله لذلك فقد اكتسب السودانيون العادات والتقاليد المصرية ونقلوا الى المصريين بعض تلك العادات والتقاليد السودانية نراها كثيرا في الأفراح المصرية. وبسبب هذا التلاحم والترابط لم يستطع أحد تحديد ما ان كانت عادة ضرب العريس عادة سودانية ام مصرية من أصل نوبي وان كان الاحتمال الاخير هو القرب للواقع عند اغلب علماء الانثربولوجيا عموما.. مصرية.. سودانية.. نحمد الله انها ليست منتشرة ومأخوذاً بها والا كان على كل العرسان ألف رحمة.. وعلقة تفوت.. عفوا أيها العريس ليست تلك الجملة خطأ طباعياً فيمكنك ان تسمع تلك الكلمات موجهة الى عريس رأى أن يحتفل بعرسه على أرض مصر والسبب في السطور التالية.. للشعب اليمني طبيعة خاصة في طريقة اقامة احتفالات العرس هناك وعندما ينتقل الى أي بلد أخر يحرص اليمني ان يتمسك بما يستطيع من عاداته وتقاليده واهمها على الاطلاق ارتداء العريس لزيه الوطني بما فيه وأهمه الخنجر الذي يضعه في جنبه والذي يكون موضع اهتمام ولفت نظر جميع الحضور وغالبا ما يكون مرصعا بالجواهر والذهب واحيانا الماس وكل على حسب قدراته المادية وامكانياته. ولا يقتصر حمل الخنجر على العريس فقط ولكن من العادة ان يمتد هذا التقليد الى جميع الحضور من الرجال وهنا يحدث الاختلاف فكل الفنادق وقاعات الافراح الكبرى في جمهورية مصر العربية تشترط عدم دخول أي نوع من أنواع الاسلحة سواء نارية أو بيضاء وبالتالي يجد دائما ذلك التقليد رفضا من جانب ادارة الأمن من قاعات الأفراح وهذا يجعل العريس وضيوفه امام خيارين لا ثالث لهما اما التخلي عن هذه الطقوس واقامة الافراح على الشكل التقليدي في مصر أو اقامة الأفراح داخل مساكنهم وبالتالي اقامة أي تقاليد وطقوس يرون فيها سعادتهم وغالبا مايقدم اليمنيون المقيمون في مصر على الخيار الثاني الا اذا كانوا يريدون اقامة فرحهم وسط عدد لا يستوعبه المسكن أما ان يسمح أفراد الأمن بدخول هذا الكم الذي غالبا مايكون هائلا فهذا أمر يعتبر من المستحيل ويصبح امام العريس ان يواجه العبارة الطريفة عفوا ايها العريس ممنوع الدخول. كل الحبايب اثنين اثنين!! ومن أكثر الظواهر غرابة في عالم الأفراح التي تقام في مصر ذلك التقليد الغريب - جدا - والذي يقدم عليه العريس الأندونيسي حينما يصر أن تحتوي قاعة الافراح على كوشتين لجلوسه هو وعروسه في واحدة وترك الثانية خالية تماما دون جلوس أحد عليها. وكثيرا مافوجئ المسئولون عن قاعة الافراح سواء داخل فنادق أو مستقلة وهم يضعون اللمسات الاخيرة في الاتفاق مع العريس بهذا الطلب الغريب وغالبا مايقابل هذا الطلب بالرفض حيث ان الكوشة الواحدة تتكلف مبلغا كبيرا لعملها وبعد هذا يطلب العريس واحدة أخرى وقد تحدث مشاكل تصل الى حد الغاء التعاقد الا ان الغالبية العظمى من ادارات الفنادق وقاعات الأفراح يمكن ان تستجيب لهذا الطلب ويفاجأ الحضور من الجنسيات الاخرى والذين يتصادف وجودهم ان هناك كوشة كاملة وكرسياها خاليان وكأن العريس يبعث رسالة للجميع يؤكد فيها مطلع الاغنية الشهيرة كل الحبايب اثنين.. اثنين. أفراح خليجية أما الأفراح الخاصة بالأخوة العرب في الخليج والتي يطلبون أن تقام في مصر فهي تحمل روحا خاصة جدا يتعانق فيها سحر الخليج العربي وعاداته وطقوسه مع الفرحة المصرية العارمة وطرقها الرائعة في التعبير عن تلك الفرحة. فكثيرا ماكانت تزداد العروض التي تطلب اقامة أفراح أصحابها من الخليج على أرض مصر سواء تصادف وجودهم في مصر أو ربما كان أهل العروس وأهل العريس من مصر وأحيانا يكون ذلك طلبا خاصا متفقا عليه فيما بينهم أن يقام الفرح في مصر لجوها الرائع وكرم شعبها واحتفائهم غير العادي في مثل هذه الظروف السعيدة.. ولكن قلت هذه الظاهرة كثيرا عن الماضي وأصبح الشكل الأكثر انتشارا في أفراح الخليجيين في مصر هو اقامة فرح يغلب عليه الطابع الديني تقسم فيها قاعة الافراح الى قسمين احدهما خاص بالرجال والاخر بالنساء ولكل قسم طاقمه الخاص به رجالا مع الرجال ونساء مع النساء والغريب ان اصحاب الافراح يطلبون ان يكون المصورون المسئولون عن تصوير الجزء الحريمي من النساء أيضا وهذا الشكل من الأفراح أول من بدأه في مصر هم الخليجيون والطريف ان كثيرا من المصريين المتدينين ابتدع تلك الطريقة في أفراحهم واعدادهم ليست قليلة. أفراح أجنبية وأرض مصر ليست مسرحا لاقامة افراح الجاليات العربية فقط ولكن كثيرا ماكانت أرض الافراح بالنسبة للجاليات الأجنبية خاصة تلك التي تقيم على أرض مصر سواء للدراسة أو للعمل وهذا لا ينفي أن هناك الكثيرين من الأجانب كان حلمهم الكبير هو اقامة احتفال زواجهم على ارض الكنانة لجوها الساحر وعبق التاريخ الذي يمثل للأجانب شيئا مهيبا ويحلمون كثيرا بالاقتراب من هذا التاريخ. وعن تقاليع احتفالات الأجانب فهي غالبا ماتكون بسيطة جدا مقارنة بما نفعله نحن ويكون الارتباط بالبيئة المصرية أهم مايؤكد عليه أصحاب الفرح في محاولة منهم للاندماج في الجو المصري الساحر. واحيانا كثيرة يفضل العروسان ان يقام لهما حفل فرعوني يرتدي فيه العريس والعروس الزي الفرعوني الخاص بتلك الفترة ويعيشان طقوس الزواج الفرعوني بعد ان يتما الطقوس الخاصة بهما وبدياناتهما وبتلك الطقوس الفرعونية يتشكل الجو الأسطوري الذي يحلمان به. وليس الشكل الفرعوني فقط هو الذي يثير اهتمام الاجانب فكثيرا مايطلبان اقامة تصور للعصر المملوكي من حيث الديكورات وأنواع الأطعمة والملابس وعندما يتم ذلك يعيش العروسان هذا الجو الخيالي الذي يحقق امنيتهما بالحياة في هذا العصر ولكن احيانا يضحي العروسان بتحقيق هذا الحلم لانه يكون مكلفا من الناحية المادية وكثيرا ما يحسب الأجانب الأمور من الجانب العقلي وليس العاطفي والمزاجي. البساطة سر التألق وبرغم بساطة حفلات أفراح الأجانب سواء المقامة في مصر أو خارجها أو حتى في بلادهم نفسها الا انها تمتاز بالجمال والتألق وعن هذا الموضوع يتحدث الينا خالد عبدالله مدير قاعة احتفالات بأحد الفنادق الكبرى بالقاهرة حيث قال: حفلات الأجانب بصفة عامة سواء كانت في بلادهم أو عندنا في مصر أو أي دولة تختلف كثيرا عن أفراحنا وهي ليست حتى متشابهة في المعنى الذي نريده من اقامة هذه الافراح فأفراحهم عندنا مثلا لا تحتاج الى حجز قاعة الأفراح وعمل برنامج به مطربون ومطربات وراقصات وعروض ولكن يمكن ان يقام على حمام السباحة في جو اسري جميل لا ينصرف فيه انتباه المدعوين بعيدا عن العروسين ولكن يكون الاهتمام بهم والاحتفال بزواجهم هو أهم ما في الحفل واحيانا لا يتكلف الفرح الأجنبي ربع تكاليف الأفراح الضخمة التي نتكلفها نحن بحيث يكون قاصرا على زفة كلاسيكية على نغمات الكمان مع حفل ديسكو بسيط وغداء خفيف ولا يستغرق الأمر كله ساعتين وعلى الأكثر ثلاث ساعات فيخرج الحفل بسيطا غاية في الروعة والهدوء والرقي ويكون ذكرى جميلة ليوم هادئ لن ينساه جميع الحضور.. ويختتم خالد عبدالسيد حديثه بكلمة تستحق أن نختم بها حديثنا نحن أيضا.. صدقني ياعزيزي.. البساطة سر التألق. حقا.