متحف تدمر يحكي قصصها وابداعات اهلها عبر الزمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلدت مدينة تدمر (المدينة الاعجوبة) باللغة الآرامية (بالميرا) مدينة النخيل باللغة الرومانية, أوابد وكنوز اثرية مازالت تثير الدهشة والاعجاب, ليس في عيون من يراها فقط, بل من علوم الاثار ايضا . واذا كانت مدينة تدمر بمساحتها التي تمتد 12 كم2 هي بحد ذاتها متحف اثري متكامل في الهواء الطلق, الا ان متحفها الذي بين في الستينات يضم اهم المكتشفات الاثرية في تلك المدينة, هذه المكتشفات التي تحتاج لعناية خاصة من الاهتمام والتوثيق والحفظ. وتقول الدراسات الاثرية العالمية والوطنية بان 70% من اثار تدمر مازالت مطمورة تحت التراب, بينما تشير دراسات اخرى على ان ما تم اكتشافه من آثار هذه المدينة لم يتجاوز الــ 13% حتى الان. اول ما يطالعك في المدخل الخارجي للمتحف الذي يحتضن اجزاء من تاريخها مجموعة من التحف والمنحوتات والتماثيل الفنية الرائعة والتي تدل على مهارة الفنانين التدمريين, ويتصدر هذه التماثيل تمثال ضخم (اسد اللات) الذي اكتشف من قبل بعثة بولونية في منتصف السبعينات وكان يتربع على مدخل احد المعابد التدمرية في اطراف المدينة. في البهو الداخلي للمتحف المؤلف من طابقين يطالعنا كهف تدمري بني كنسخة طبق الاصل بشكله وابعاده لكهف اكتشف في محيط مدينة تدمر, ودخل هذا الكهف عائلة لانسان الكهوف مؤلفة من الاب والام وطفليهما وامام مكتب مدير المتحف توضعت عدة قطع اثرية منها ما اكتشف مؤخرا عند احد العائلات التدمرية, وهو عبارة عن قاعدة لاحد الاعمدة التي كانت تقيمها العائلات التدمرية الثرية على طريق تدمر دير الزور, وقد كتب على هذه القاعدة نص باللغة الآرامية (التدمرية) ترجم لنا خالد الاسعد الخبير الاثري, ومدير متحف تدمر الذي يقرأ الآرامية كقراءته للعربية بيسر وطلاقة تضمنت الكتابة اسم العائلة التي اقامت هذا العامود وتاريخ اقامته, اضافة إلى معلومات اخرى. اما اهم محتويات المتحف والتي حدثنا عنها مديره الاسعد مهني التمثال المرمري الرائع ونسر (بعل شمين) سيد السماوات, وإله المصر والخصب في سوريا, وايضا اسد (اللات) الذي ذكرناه سابقا والذي كان يحرس احد المعابد التدمرية القديمة بينما يقف حاليا في مدخل المتحف لحماية كنوزه الاثرية المكتشفة. وهناك العديد من التماثيل منها, حسناء تدمر والتي تقدر قيمتها بحوالي 30 مليون دولار. كذلك تماثيل لاسرة (سلام اللات) , واسرة (مبارك) واسرة (زبدة) واسرة (عجيلي) و(عطية زيد) ايضا يوجد في المتحف مجموعة خزفية رائعة من قصر الحير الشرقي القريب من تدمر (110) كم شمال شرق. كما يضم المتحف مجموعة من النقود منها قطعة نقدية صكتها الملكة زنوبيا وتحمل صورتها وهي صورة زنوبيا الوحيدة المكتشفة حتى الآن, إلا انها غير واضحة المعالم. كما يضم المتحف العديد من الخزفيات ليس من عهد مملكة زنوبيا انما تمتد من القرن الأول وحتى السادس الميلادي. ومما يتضمنه المتحف أيضا منسوجات متنوعة من الحرير الصيني, إلى الصوف والكتان وكذلك منسوجات قطنية كانت تستخدم كأكفان منسوجة ومزخرفة لمثوى التدمريين والتي مازالت بقاياها موجودة حول جثتين محنطتين لرجل وامرأة من تدمر وقد وضعتا في أقفاص زجاجية في الطابق الثاني من المتحف وجدنا في مدافن أسرة (عتنتان) والتي يعود تاريخهما إلى العام التاسع قبل الميلاد. وأيضا يضم هذا الطابق الثاني من المتحف عددا كبيرا من قطع الفسيفساء والزخارف الجصية التي كانت تزخرف البيوت التدمرية, كذلك حلي ونقود ذهبية وأوان زجاجية رائعة. وما يزين الطابق الثاني واجهات من التوابيت التدمرية المنحوتة, والتي تجسد الأسرة التدمرية صاحبة المدفن برب عائلتها والأم التي تقف دائما عند قدمي الزوج دلالة الطاعة والرضا . وحول اللغز الأهم من الآثار التدمرية المكتشفة حتى الآن وهو خلوها من أية صورة أو نحت أو تمثال لملكتها زنوبيا, يقول مدير المتحف: فعلا حتى الآن ليس لدينا أية صورة أو نحت أوتمثال للملكة زنوبيا سوى صورتها على العملة التي صكتها وهي غير واضحة المعالم, ولكن يكفي ان نقول ان الرومان عندما قاتلوا زنوبيا وانتصروا عليها وأخذوها أسيرة ومكبلة إلى روما, هل لهم ان يبقوا على أي أثر لها؟؟ واختتم الأسعد حديثه عن المتحف بجملة واحدة: (من سيكون سعيد الحظ الذي سيعثر على تمثال الملكة؟) . دمشق ــ عواطف منصور

Email