منال عجاج.. فساتين مستوحاة من الحضارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت مصممة الأزياء السورية منال عجاج مسكونة بحلم أن تصبح مصممة أزياء منذ طفولتها، فمشت وراء حلمها، وحققت الكثير في سن مبكرة، وحصدت في كل مرحلة من مسيرتها المزيد من النجاح الذي وصلت إليه بفضل تفردها وأفكارها، التي تترجم إبداعاً في عالم التصميم. قدمت عجاج التي تقيم في دبي العديد من العروض، منها عرض «أبجدية الياسمين 1» في «برلين» عام 2014، وهو عنوان مستوحى من ديوان شعر للشاعر الراحل نزار قباني، وعرضت فيه فساتين مستوحاة من حضارات متعاقبة على سوريا، بدءاً من الفينيقية والآشورية والإغريقية والرومانية والبيزنطية والأموية والعباسية وصولاً إلى الحداثة، ومن ثم قدمت «أبجدية الياسمين 2» في «بيروت»، و«أبجدية الياسمين 3» في «لوس أنجليس» من منطلق قناعتها بأن عروض الأزياء يجب أن تُبنى على قصة.

وعجاج موهبة بالفطرة ترسم أيضاً إلى جانب عملها في التصميم، عن هذا قالت في حديثها لـ«البيان»: رسمت لوحات تعني لي الكثير منها لوحة للمغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نبع الإلهام والعطاء، ولوحة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كذلك رسمت لوحة لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وكل هذه اللوحات مصدر فخر لي.



 

كما تحدثت عجاج عن جوانب مختلفة من تجربتها من حلال الحوار التالي:

 

علاقة تاريخية

*استطعتِ سرد قصة حضارات متعاقبة على سوريا من خلال الأزياء فكيف كانت هذه التجربة؟


** لقد سلطت الضوء على تلك العلاقة التي واكبت تاريخ الأزياء منذ نشأته، فلا يمكن أن نعتبر الأزياء على اختلاف أنماطها جزءاً منفصلاً عن التاريخ، بل هي حالة حضارية تتغير بتغير الزمن وتصبح جزءاً من التاريخ.



*قدمتِ مجموعة من العروض، منها (آلهة الياسمين) في برلين عام 2014 وأخرجه حينها الفنان عبدالمنعم عمايري، فكيف تم التعاون بينكما؟

** آلهة الياسمين من أجمل العروض التي قدمتها وأقربها إلى قلبي، لم يكن اختيار الفنان عبد المنعم عمايري محض صدفة، بل لأنه فنان موهوب ومبدع، تجمعني به علاقة صداقة وقد أخرج التجربة على أحسن وجه. وكنا نتشاور ونتبادل الآراء ولكنني تركت العنان لإبداعاته ورؤيته حتى خرجنا بتلك النتيجة، التي ما زالت حيه في ذاكرتي، وفي ذاكرة الكثيرين حتى هذه اللحظة.



*لأي مدى ساهمت العروض مثل «أبجدية الياسمين» وغيرها والتي تبدو وكأنها عرض مسرحي في إيصال رؤيتك، وهل تعتقدين أنك تتفردين بمثل هذه العروض في العالم العربي؟


** استطاعت العروض التي قدمتها أن تحمل رؤيتي إلى أنحاء مختلفة من العالم، وهذه نتيجة متوقعة عندما يجمعك مع مهنتك شغف وحب، فعرض الأزياء ليس منصة تسويقية بقدر ما هو سيناريو مبنيّ على قصة يؤدي دور الأبطال فيها عارضات رشيقات، وتتصاعد الحبكة بتصاميم جميلة إلى أن تصل إلى هدف منشود ومحدد يكتب قبل أن يبدأ العرض

باختصار إذا لم يبنَ عرض الأزياء على قصة هادفة لا مغزى لوجوده، ولا أعتقد أنني الوحيدة التي تتبع هذا النهج فهناك أسماء مبدعة في عالم الأزياء أحترم قدراتهم وأقدرها.

 

 



حضور جذاب

* ما البصمة التي تعتقدين أنها تميزك، وتحرصين على وضعها في تصاميمك؟


** أحرص دائماً على أن تكون قصاتي أنيقة ومريحة فيها قوة ورقة، تبرز جمال المرأة وأنوثتها وتعزز من حضورها الجذاب أينما وجدت وهو ما يميزني.



*أن تقومي بوضع تصميم لفستان زفاف وأنت بعمر الـ 14 هو إبداع كبير، ما الذي بقي من ذاكرتك عن تلك التجربة؟

** مر على التجربة سنوات طويلة وتنتعش ذاكرتي كلما مرت بها، لتعود إلى مخيلتي كلما تذكرت تلك الحقبة ذاكرة المكان والحي والشارع والبيت، ففستان الزفاف الذي صممته في ذلك الوقت لم يعد ثوباً مصنوعاً من خيوط وحبكات، بل بات زاوية من تاريخي أخلد إليها في أوقات كثير وأنهل الإبداع من معطيات تلك المرحلة.



* ما طبيعة وميزات أحدث تشكيلة طرحتيها؟

** أطلقت مؤخراً مجموعة للأزياء الجاهزة حصرياً لمنصة «نمشي» استوحيتها من الظروف المعاصرة من زهرة اللوتس على وجه التحديد تلك الزهرة الملونة الجميلة، التي تتميز بعطرها الفواح، زهرة تشبه المرأة بقوتها، فهي بالرغم من ساقها الرفيع لا تعيش إلا على سطح الماء ورغم عمرها القصير الذي لا يتجاوز الأربعة أيام أحياناً تهب الحياة من خلال بذورها المتجددة لأزهار أخرى.

*أطلقتِ علامتك التجارية «مانوليا» من دمشق وأشرتِ حينها إلى أنها رحلة ستصلين بها إلى بغداد ومصر ودول ومدن كثيرة أخرى، أين وصلت الآن، وما طبيعة الأزياء التي تقدميها من خلال «مانوليا»؟

** كنت أبدأ دائماً بأحلام كبيرة في أية خطوة جديدة أقبل عليها وعلامة «مانوليا» كانت قفزة نوعية لتاريخ منال عجاج بالأزياء، لأنها تمثل منحى مختلفاً يواكب تطلعات المرأة العملية والعصرية وبأسعار تناسب شريحة كبيرة وعشاق الموضة، حتى الآن حققنا انتشاراً في أماكن مختلف ولكننا ما زلنا في بداية الطريق وقريباً ستصبح أزياء «مانوليا» متاحة على منصات تسويقية معروفة في المنطقة، وستصبح في متناول الجميع.

ملكية فكرية:

*تحكمين في القضايا الخاصة بحقوق الملكية الفكرية في محاكم دبي، هل لك أن تحدثينا عن هذه التجربة؟


** أنا محكم خبير في قضايا الأزياء في محاكم دبي، أطلع على قضايا خلافيه متعلقة بالأزياء وبعد دراسة معمقة للقضية وتفاصيلها، أصدر رأيي كوني خبيرة في القضية ويستند إليه القاضي أو يعتمد في إصدار الحكم، وهذه مهمة أضافت إلى مسيرتي المهنية بعداً جديداً، وهي مهمة ليست بسهلة ولكنني أستمتع بها، وأعيد الفضل فيه إلى هذه الأرض الطيبة التي تدعم التميز، وتحتضن الإبداع وتتنصف قاطنيها في كل المجالات حتى في ما يتعلق في الأزياء لا يضيع حق المظلوم، فمن أعماق قلبي أشعر بالحب والامتنان لفضل الله عز وجل، الذي منحني هبة العيش في هذا البلد الآمن والمعطاء.

 

 



* ما هي نصائحك للمصممين من أجل الحفاظ على حقوقهم الفكرية؟


** أنصح كل مصمم ما زال في بداية الطريق أن يتعمق في دراسة الأزياء، ويطلع على تاريخها حتى يتمكن من تكوين رؤية واضحة عن الطريق الذي اختاره، وأنصحه أيضاً أن يرسم بصمته الخاصة بصعود السلم رويداً رويداً، فمن يصعد بسرعة يقع بسرعة.

 * قدمت دروساً في التصميم خلال فترة الحجر المنزلي الناتج عن جائحة «كورونا»، فما الذي دفعك لهذا، وهل هناك موهوبون ما زلت تتواصلين معهم بعد هذه التجربة؟


** الحقيقة «كورونا» هي التي دفعتني والواقع الاستثنائي الذي عشناه خلال فترة الحجر، جعلني أفكر بمساحة إنسانية يمكن أن تخلق الفرح والمتعة لدى الكثيرين، وفعلاً كانت تجربة غنية جداً تعلم المشاركون خلالها أساسيات ساعدتهم على التفصيل والخياطة، والصراحة صدمت بالإقبال والالتزام من قبل الكثيرين والتواصل مستمر دائماً عبر منصات التواصل الاجتماعي.
 

Email