دبي والتراث.. قصص نجاح ملهمة في زمن العولمة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعانق روح الحداثة قصص الأصالة بمفرداتها المتنوعة في ثنايا دبي، هذه الحاضرة العصرية العالمية التي تنبض بحكايات روائع ثقافية وتراثية متفردة، تخط معها دانة الدنيا، أبرز النماذج الناجحة في الجمع بين قيمة التراث وأهمية مواكبة الحداثة، إذ تلهم العالم أجمع في عصر العولمة، أهم فنون ومناهج صون التراث وفق أنشطة وفعاليات نوعية تجعله مشوقاً وجاذباً في تفاصيل الحياة اليومية، من خلال برامج ثرية بالحكايات تعرف الناس إلى أجدى أساليب صون التراث والأخذ بطرق الحداثة. وقد أكد عدد من الخبراء في التراث والثقافة، في حديثهم ل"البيان"، أن دبي تلهم دول العالم كيفية صون التراث وجعله مفردة حية في تفاصيل الحياة اليومية، عبر ما تقدمه وتتبناه من طرق شيقة ومجدية في هذا السياق.

قال الباحث والخبير التراثي البريطاني، د. نيكولاس ستيفنسون، المستشار العلمي، رئيس قسم البحث الأكاديمي في جامعة أكسفورد لـ«البيان»: حرصت دبي على تحويل جهودها لحماية التراث الوطني إلى عمل مؤسسي قائم على استراتيجيات وخطط ذات أهداف واضحة ومحددة، وأنشأت العديد من الهيئات والجهات المعنية بحماية التراث ومنها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، مشيراً إلى أن حفاظ دبي على تراثها ومناطقها الأثرية مثل منطقة الشندغة وحصن الفهيدي في ظل عصر العولمة، يلهمنا كيفية حماية آثار أجدادنا وتاريخهم من الاندثار. وأضاف ستيفنسون: تستقطب الفعاليات والبرامج والمهرجانات العالمية التراثية التي تقيمها دبي ومنها مهرجان دبي وتراثنا الحي، عدداً كبيراً من الزوار من مختلف الجنسيات والثقافات، مما يولد لديهم شعور بالانتماء والفخر، الأمر الذي يؤدي لزيادة وعيهم تجاه معالمهم التاريخية

وأشار ستيفنسون إلى الدور الذي تلعبه الإمارات في حماية التراث العالمي منذ مصادقتها على اتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي في عام 1972.

40 عاماً

بدوره، سلط المهندس رشاد بوخش، رئيس المجلس العالمي للمتاحف - فرع الإمارات، الضوء على جهود دبي في الحفاظ على المواقع الأثرية والتراثية والمتاحف على الساحة الدولية، بالقول: المؤتمرات التي نقيمها في دبي، ويحضرها أناس من عدة دول من العالم، عن ترسيم المباني القديمة، وكيفية صونها قد جذب انتباههم، وأثار إعجابهم، كما نناقش في تلك المؤتمرات سبل صون الأماكن التراثية، وتلهم الحضور كيفية الحفاظ على التراث العالمي للبشرية. وأضاف: تجربتنا في الحفاظ على تراثنا تجربة ناجحة، وأصبحنا مرجعاً لدول العالم من خلال النهج الذي نتبعه بالحفاظ عليه. غدت دبي اليوم مركزاً ومرجعاً للحفاظ على التراث العمراني العالمي من خلال حفاظها على تراثها العمراني الذي بدأ منذ أكثر من 40 عاماً، وخلال هذه الفترة استطعنا الحفاظ على 215 مبنى تاريخياً من قلاع وحصون ومتاحف ومدارس قديمة، ودخلنا مرحلة جديدة، وهي مرحلة التقييم للمكان التراثي من الناحية التاريخية والاقتصادية وغيرها، وهذا نظام عالمي متبع.وفي سياق متصل، ذكرت الأديبة والباحثة الثقافية الهندية، سوميثيا عيلياث، أنها عاشت على هذه الأرض الطيبة منذ 22 عاماً، موضحة أنها معجبة جداً بما وصلت إليه دبي من تطور وتقدم بموازاة تبنيها للتراث وصونه بشتى مفرداته، ولفتت إلى الموقع المتميز لدبي على خريطة العالم، حيث يقيم فيها أناس من مختلف الثقافات والجنسيات، ولاتزال تحافظ على تراثها وثقافتها الغنيتين. كما تلهم دبي الأفراد من مختلف الجنسيات، كيفيات صون تراثهم بصورة شيقة ومجدية، وذلك من خلال مراقبتهم ما تفعله دانة الدنيا. وأضافت عيلياث: دبي تعلم الجميع وتثقفهم حول صون التراث، من خلال المهرجانات والفعاليات والبرامج التراثية، ، التي تجذب الزوار من شتى أصقاع الأرض، إذ تعرفهم بتراثها، وتذكرهم بتراثهم هم، وكيفية الحفاظ عليه.

شغف كبير

«أعجبني كيف يكرس الإماراتيون الموارد والوقت للحفاظ على إرثهم التاريخي، ولديهم شغف كبير في الإشادة بتراثهم وجذورهم»، هذا ما قالته رئيسة المنظمة العالمية للمترجمين المحترفين الأرجنتينية أورورا هوماران، عندما حظيت بفرصة زيارة دبي في عام 2019.

وفقاً لما قالته هوماران، فإن اهتمام دبي بمناطقها الأثرية بالرغم من أبراجها الشاهقة، يدفع الآخرين إلى إعادة التفكير في الحفاظ على تراث أجدادهم، ويثري معرفتنا بكيفية حفظ التاريخ والتراث الإنساني.

Email