أنفاق دبي.. روائع المعمار تعانق جماليات الفن

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في شوارعها يسكن الجمال، يرتدي ألواناً زاهية يهيمن عليها الذهبي والأحمر، حيث يشكلا معاً وهجاً خاصاً أكسب دبي في الليل رداءً لامعاً، تلك الشوارع التي تشكل شرايين حياة، حيث تعودت أن تنبض بالحيوية، ذلك ما يعكسه ضجيجها المتواصل على مدار الساعة، فهي لا تكاد أن تنام حتى تفيق على أولى نسمات الفجر، حيث تشق السيارات صمتها المؤقت. في الليل تتحول شوارع دبي بأضوائها البراقة إلى لوحة فنية، سكبت في كادرها ألوان كثيرة، أكسبتها بعداً جمالياً خاصاً، يتواءم مع امتشاق الأبراج والبنايات التي تعودت أن تعانق السماء، وأن تمسح جبين «دانة الدنيا» بنعومة السحاب، فيزداد وجهها حسناً وجمالاً.

جمال دبي لم يقم محرابه فوق الأرض وحسب، وإنما امتد نحو الأعماق أيضاً، فصنعت من أنفاقها أيقونات جمال حازت على «خمس نجمات»، العبور فيها لا سيما في الليل يمثل رحلة في عمق الجمال والسحر، حيث تتلألأ الأضواء فيها، لتكشف عن لوحات فنية ساحرة، صنعت بأصابع وأقلام فنانين معروفين، تعودوا تحريك فراشيهم بين فتحات الجدران، وسكب ألوانهم عليها، لتصبح جداريات فنية، مسكونة بالحب ومفردات التراث المحلي والشعبي.

100

في دبي، هناك أكثر من 100 نفق تختلف في أطوالها ومساحاتها، وحتى أعماقها، ولكنها تشترك فيما بينها بكونها تمثل معابر للجمال، وما تمثله من حلقات وصل بين جسور دبي العالية وشوارعها الواسعة ومناطقها، أقدمها هو نفق الشندغة، وهو يعد الأهم والأقدم بين أنفاق دبي، أنشئ في سبعينيات القرن الماضي، ليكون معبراً رئيساً للمركبات، يربط بين بر دبي وديرة، ويقع تحديداً تحت مياه خور دبي الممتدة إلى قلب الإمارة.

لكل نفق في دبي حكايته، وجدارياته الخاصة التي توثق لملمح من ملامح جمالها، ولكل واحد منها نصيبه من الإبهار والجمال والكمال الذي طالما امتازت به «دار الحي»، فقد روعي عند إنشاء هذه الأنفاق اختيار تصاميم تجميلية خاصة، بعضها مستوحاة من تفاصيل الموروث الشعبي، والتراثي للإمارة، وأخرى جاءت لتوثق معالم دبي، وثالثة خصصت للحرف العربي، وغيرها.

أنفاق دبي تشبه كثيراً ما تعمر به حيطانها من جداريات خلابة، تحمل تواقيع فنانين ثقال الوزن على الساحة الفنية، ولكن ما يميز هذه الأنفاق أن معظم جدارياتها شكلت من السيراميك المزركش بألوان زاهية، لتمثل علامة فارقة في وجه دبي الجميل. لتبلغ بها العلا، ليس في عمرانها وحسب، وإنما في أنفاقها أيضاً، وبلا شك أن نفق المطار الذي يقع جزء منه تحت مطار دبي، يظل واحداً من أكثر معالم بينة دبي التحتية جمالاً وإبهاراً، فهو يحمل توقيع الفنان التشكيلي محمد فهمي، الذي صنع فيه جدارية بلغ طولها ما يقارب 75 ألف متر مربع. في نفق المطار قدم محمد فهمي، 88 لوحة مرسومة، إضافة إلى أعمال زخرفية كثيرة، منفذة جميعها على السيراميك، ومستخدماً عناصر لونية استوحاها من البيئة المحلية.

حكاية

نفق المطار يعد مثالاً حياً على جمال وجه دبي، فقد جسد فيه محمد فهمي حكاية دبي، التي استوحاها من تاريخها وواقعها وكذلك مستقبلها، ليقدم من خلالها حكاية مركبة تجمع بين ظلال الأمس واليوم، ورؤية المستقبل، فحمل النفق مسحة جمالية خاصة، بدأها الفنان محمد فهمي بالرموز التراثية كما الصحراء والهجن ورياضة القنص، الخيول، مساكن دبي القديمة، البحر، السفن، ثم سلسلة متصلة للزخرفة الإسلامية المبسطة والفسيفسائية الروح، ليأتي بعدها منتصف الحكاية التي يستكملها فهمي عبر مشاهد مبنى بلدية دبي، ودوار الساعة، والميناء، والمباني الحديثة، والأبراج ليمتد نحو الزخرفة الإسلامية.

Email