مهير الكتبي يحتضن جذور الغافة التي ولد في ظلها

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترجل الشاعر مهير بن سعيد بن ساري الكتبي عن صهوة الشعر بعد حياة ثرية ومليئة بالأحداث، ليحتضن جذور الغافة التي ولد في ظلها. وقد كان الراحل شاعراً تفاعل مع الأحداث الوطنية والتراثية، وتفرد بأنواع الشعر المحلي مثل «التغرودة» و«الونة» و«الردح»، وكان إلى جانب هذا شاهداً على العديد من التحولات التي شهدتها دولة الإمارات.

وتضيء سيرة حياة مهير بن سعيد بن ساري الكتبي على مراحل من تاريخ الدولة باعتباره واحداً من المخضرمين الذين عايشوا ظروف الحياة ما قبل الاتحاد، وشهدوا التغيرات الجذرية التي أحدثها إنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة.

وبفقدان الشاعر الراحل، تفقد الإمارات واحداً من الكبار الذين يمتلكون موهبة نادرة وذاكرة شعبية من الصعب أن تعوض.

يذكر أن أكاديمية الشعر في أبوظبي وثقت سيرة الراحل وأشعاره في كتاب صدر منه أكثر من طبعة.

محطات

في تغريدة له قال الباحث والشاعر سلطان العميمي، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، مدير أكاديمية الشعر في أبوظبي: «انتقل إلى رحمة الله تعالى الشاعر مهير الكتبي عن عمر 82 وهو شاعر اشتهر بفن التغرودة والونة والردح، وعاش أغلب سنين حياته بمنطقة الهير في العين».

كما نعاه العديد من الشعراء ومتابعي الشعر وطلبوا له الرحمة من بينهم الباحث والخبير الشعبي الدكتور راشد المزروعي.

سيرة

والشاعر مهير الكتبي عاش معظم حياته بمنطقة الهير، وكأنه بهذه الحياة بقي ملتصقاً بمسقط رأسه، حيث كشف ذات مرة بأنه ولد في ظل غافة.

والكتبي الذي كان قد روى سيرة حياته، ذكر أنه سافر في شبابه مثله مثل أبناء الإمارات سعياً وراء الرزق، فمنذ أوائل أربعينات القرن العشرين حتى أواخر ستيناته، كان العديد من أبناء الإمارات يذهبون للعمل في الكويت، وقطر، والبحرين، والدمام.

وكانت السعودية وجهة الكتبي قبل أن يلتحق بالجيش، وعمل هناك في الظهران، وفي الخبر، والدمام، وكان معه الشاعر الحزيمي راشد بالعبدة الشامسي. وبعد ما يقارب العام قضاها في العمل هناك، عاد إلى الإمارات وكان له حينها مشاكاة مع عدد من الشعراء، من بينهم الشاعر معيوف بن شوين بن أحمد الكتبي، لأنهم عادوا من حصلوهم على أجرهم.

من المحطات المفصلية في حياة الراحل الكتبي عمله في الجيش البريطاني في الشارقة عام 1957، وفي عام 1958 اشترك في حرب الجبل الأخضر في عُمان، ليعود إلى الإمارات في نفس العام.

إبداع

في العام 2010 أصدرت أكاديمية الشعر في أبوظبي كتاباً حول الشاعر مهير الكتبي للباحث عمار السنجري، وتضمن الكتاب مجموعاته الشعرية إلى جانب سيرته الذاتية، وجمع الكتاب بين دفتيه قصائد الكتبي كاملة عن طريق الرواية الشفاهية من الشاعر نفسه، حيث كان السنجري يتردد على خيمة الشاعر في قرية الهير.

وسردت سيرة الشاعر في الكتاب الذي توزع على 149 صفحة من القطع الصغير في المقدمة، بعد ذلك عرضت قصائده التي تم توثيقها بشكل كامل، وتضمن مناسبة القصيدة والأماكن التي وردت فيها مع شرح واف لمعاني الألفاظ والكلمات المحلية، بجانب تفاصيل توضح البحر الشعري الذي نظمت عليه.

وجاء في الكتاب أن أهمية تجربة مهيّر الكتبي الشعرية في تنوع الأغراض الشعرية التي كتب فيها، بين المدح والغزل والوصف، إضافة إلى المساجلات الشعرية التي دارت بينه وبين عدد من الشعراء الراحلين أو المخضرمين. كما ذكر الباحث أن الكتبي يتميز بنفَسه الشعري القصير، حيث يقدم من خلال نصه فكرته بصورة مركزة في عدد قليل من الأبيات.

Email