«أيام الشارقة التراثية» فرق فنية وأنشطة تُراثية تنشر البهجة في خورفكان

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تتواصل فعاليات أيام الشارقة التراثية في المنطقة التراثية بخورفكان، في ظل إقبال جماهيري مميز من عشاق ومحبي التراث وسُكان عروس الساحل الشرقي، مع التزام تام بكل الإجراءات الوقائية والاحترازية بما يسهم في ضمان السلامة والصحة للجميع. وتنوعت الفعاليات والبرامج والأنشطة، حيث عروض فن الهبان، والفن العراقي، والحكواتي، وغيرها من الفعاليات التي نشرت البهجة والسرور في أوساط الحضور.

وقدمت فرقة «فن الهبان» التابعة لجمعية خورفكان للثقافة والفنون الشعبية والتراث، في ساحة المنطقة التراثية عروضاً وحركات استعراضية ورقصات شعبية على أصوات آلة المزمار التي تسمى «الهبان»، وإيقاعات الطبول المصاحبة للوصلات الغنائية والأزهايج القديمة المتعددة الشعبية الخليجية القديمة التي تمثل كل منها قصة من قصص الإنسان الإماراتي بشكل خاص والخليجي بشكل عام، وتمثل ارتباطه بتاريخه وتراثه واعتزازه بعاداته وتقاليده. كما أدت فرقة الشمائل العراقية، على مسرح المنطقة التراثية، أغاني عراقية تراثية من جنوب ووسط العراق، لاقت إعجاب الحضور من المواطنين والمقيمين، وتفاعل معها بشكل مُبهج.

حدث كبير

وقالت عائشة غابش، المنسق العام لأيام الشارقة التراثية: «تحت رعاية ودعم كريم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي يعتبر التراث جسراً يجمع ثقافات العالم وتنوعه وثرائه، تتميز هذه الدورة من أيام الشارقة التراثية، الفعالية التراثية الثقافية الكبرى، بحضور قوي للفنون الشعبية والحرف اليدوية التقليدية، والدول المشاركة، تعزيزاً لهذه الأيام بحيث يعيش جمهور وعشاق التراث، تفاصيل ومشاهدات غنية تظهر خصوصية الاختلاف بين حضارات البلدان وألوانها وهويتها الاجتماعية، والتي جاءت جميعاً لتلتقي بين ربوع الشارقة».

وأضافت: «كما تأتي المشاركات الحيوية من قبل المؤسسات الرسمية، سواء من خلال أجنحتها، أم من خلال تقديم خدمات لوجستية لمعهد الشارقة للتراث لتنظيم هذه الأيام، وهذا الحدث السنوي الكبير، حيث تحرص جميعها على تقديم التراث بما يليق به ويستحقه. كما يضعنا هذا الحدث الكبير أمام مسؤولياتنا لتقديم كل ما هو مميز دائماً، وذلك من أجل الحفاظ على تراث دولتنا وإمارتنا الحبيبة».

عبر وحِكم

للحكواتي تاريخ عريق وقديم، فالحكواتي هو الذي يقوم بنقل وسرد الحكايات والأخبار والأحداث، وهو الذي يشكل ذاكرة مميزة عند الأجيال، ويقدم الحكمة والعبرة، ويوصل الرسائل القيّمة من خلال ما يرويه من حكايات، والذاكرة الإماراتية القديمة فيها من هذه الحكايات الكثير، وهي تشكل موروثاً تراثياً ثقافياً مهماً. وعلى مسرح المنطقة التراثية في خورفكان كان الأطفال على موعد مع الحكواتي عبد الناصر التميمي، الذي ارتحل بهم إلى الماضي من خلال حكايات ظريفة حافلة بالحكمة والعبرة.

وقال الحكواتي، عبد الناصر التميمي: «سردنا لأطفالنا بعض الحكايات والقصص التي لاقت تفاعلاً واستحساناً من قبلهم، ومن بين تلك الحكايات، (بو درياه)، وهو شخصية خرافية يعرف عنها كل أبناء الساحل الخليجي بما فيها الساحل الشرقي للخليج وصولاً إلى الهند، وكان الآباء يستغلون هذه الشخصية لإخافة أبنائهم، كي لا يخرجوا إلى البحر منفردين، فيقولون لهم لا تذهبوا إلى البحر حتى لا يخرج لكم (بو درياه)».

وأكد أن (بو درياه) الذي قدمه في الحكاية هو «جني طيب»، وقدم التميمي القصة ممزوجة بالكلمات التراثية حتى يحفظها الأطفال، وهي قصة تتحدث عن أضرار الطمع وعن التضحية. وشخصيات القصة الرئيسية هي بو درياه، بو عبد الرحمن الطواش، كلثم ابنة الطواش، وسردار التاجر الهندي الطماع، ونيتا زوجة سردار.

وأشار إلى أنه كان يقدم منذ فترة العديد من الحكايات، وأنه من خلال دراسته في معهد الشارقة للتراث وضع أسساً للحكايات، من أهمها أن تحتوي على محتوى ثقافي وعلى نوع من التراث الموروث من القصص الشعبية القديمة والتي يطورها بأسلوب جديد وحديث، ويقوم بترصيعها بالأمثال الشعبية، وتحتوي أيضاً على العبرة في النهاية، فمثلاً «من طمع طبع»، والكاذب نهايته سيئة، مشدداً على أنه يقدم القصة بأسلوب غير مباشر ويجعل الطفل يستنتج ويجعل الأطفال يتعايشون مع الحكاية ليصلوا إلى الهدف منها بأسلوب مشوق.

من جانبها، قالت الإعلامية والفنانة فاتن عبدالله، التي شاركت التميمي في سرد الحكاية، إنها سعيدة بهذه المشاركة وبمساعدة الحكواتي في سرد القصة، إضافة إلى تفاعل الأطفال مع الحكاية، ومعها، خصوصاً عند طرح الأسئلة لمعرفة مدى استيعاب الأطفال للحكاية، وقد كان واضحاً حب الأطفال للحكاية وتفاعلهم معها، وقدرتهم على الإجابة عن الأسئلة التي تكشف مدى متابعتهم للأحداث، وقد نالوا الجوائز بسبب هذا التفاعل ولحسن إجاباتهم عن الأسئلة.

ألعاب شعبية

تعتبر الألعاب الشعبية رمزاً من رموز الثقافة والتراث لكل دولة في العالم، حيث تعكس التاريخ وتحكي عن زمن ما، كان في مكان ما، وهي ألعاب ترسم خارطة طريق للمستقبل، وربما ما سيؤول إليه لاحقاً، فالألعاب الشعبية ليست مجرد ألعاب يلهو بها الصغار أو ربما حتى بعض الكبار، إنما هي أيضاً فكر وثقافة، فلم يكن في الماضي وسائل الترفيه الحالية من تكنولوجيا ومحطات تلفزة وإذاعات، لكن تلك الألعاب البسيطة كانت هي عنوان الترفيه، وهي ألعاب الذكاء، ووسيلة لتجميع الأهل والأصدقاء، ولذلك اهتمت أيام الشارقة التراثية في خورفكان، بركن بيت الألعاب الشعبية، لعرض نماذج للألعاب الشعبية القديمة في المنطقة التراثية بخورفكان، تلك الألعاب التي كان يلعبها الأولاد والبنات منذ مئات السنين، وقدم لها عروضاً حية ومن بين تلك الألعاب: النشابة، اليواني، القراحيف، السيايير، التيلة، البعير من الكرب، الدوامة الزبوت، لعبة السيارة، الرنج، كيرم، معجال، والقرقعانة وغيرها.

وقالت منى جابر النقبي، مسؤولة بيت الألعاب الشعبية في المنطقة التراثية بخورفكان: «يضم بيت الألعاب الشعبية العديد من النماذج للألعاب المتعارف عليها بين أهالي مدينة خورفكان منذ القدم، والتي مارسها أولاد وبنات خورفكان منذ القدم، ومن خلال بيت الألعاب الشعبية ضمن فعاليات الأيام، استطاع معهد الشارقة للتراث العمل على إحياء هذه الألعاب من خلال الندوات والمحاضرات التي سيتحدث فيها عدد من الباحثين في مجال التراث عن تلك الألعاب وقوانينها والأدوات المستخدمة فيها والفئة التي كانت تلعب بتلك الألعاب، كما سيتم تقديم عروض حية لبعض الألعاب الشعبية أبرزها لعبة الرنج ولعبة التيلة ولعبة الكيرم ولعبة المعجال، من أجل المساهمة في إحياء تراث تلك الألعاب الشعبية وتعريف زوار أيام الشارقة التراثية بمدينة خورفكان وبماضي أهالي المدينة، وتعزيز التراث العريق في نفوس أبنائنا من الجيل الجديد، والمحافظة على تلك الألعاب الشعبية كي تبقى محفوظة في ذاكره الكبار والصغار».

تاريخ بالألوان

عرض بيت صبغ الملابس في المنطقة التراثية بمدينة خورفكان العديد من الأدوات التي كانت تستخدم في صبغ الملابس قديماً، ومن ضمنها صحون لوضع الألوان وقطع قماشية «كنادير أطفال» اللون الأبيض، وكذلك حل الورس؛ واللومي اليابس؛ والكركم الناعم؛ وصبغ القرمز، إضافة إلى ورق حناء ناعم؛ والورس؛ والزعفران، والنيل، وورق حناء ناعم، وصبغ القرمز.

وقالت مريم أحمد عبدالله النقبي: «قمنا بإحياء هذه الغرفة التي نتواجد فيها، وهي غرفة كانت مخصصة لصبغ الملابس، حيث إن والدي حدثني عن هذا الأمر، فهو قد قام بصبغ ملابسه في صغره، وكانت عملية صبغ الملابس تتم من خلال الاستفادة من الأعشاب الطبيعية، حيث كان الأجداد في السابق تأتيهم الملابس باللون الأبيض وكذلك الأقمشة، ولحاجتهم لتلوين ملابسهم استخدموا النيل، الورس، الرمان، القرمز، الحنا، ورق اللوز، الليمون، الكركم، وغيرها، ولم يكونوا يخلطون الألوان، بل كل عشبة كانوا يستعملونها منفردة».

وأضافت: كانوا يأتون بقدر كبير (إناء كبير) ويضعون فيه الماء وتحته النار المشتعلة من الحطب، وبعد أن يغلي الماء يضعون لوناً واحداً، فمثلاً النيل يعطيك اللون الأزرق، وبعد تصفيته من الشوائب التي فيه بسبب التسخين يعاد الماء إلى الإناء ثم يضعون فيه قطعة الملابس المراد تلوينها، أو (الخام/ القماش) ويكون على نار هادئة مع تحريكه، وبعد أن يكتسب اللون لا يتم رفعه باليد وعصره، بل يرفع بالعصي، وبعد أن تقطر المياه منه يتم وضعه على الحبل في الظل، ولا يتم وضعه في الشمس، لأن الشمس تجعله باهتاً، ويبقى اللون على قطعة الملابس فترة من الوقت، وبعد أن يتفتح اللون يعودون إلى صبغه من جديد.

وقالت: هناك عشبة خاصة كانوا يصبغون منها «كندورة العريس» وهي عشبة الورس، وهي عشبة طرية، ويخلطون معها حل الورس والمسك والورد ودهن الورد والعود، وكذلك العروس كانوا «يفركونها» لمدة أسبوع بالورس ثم أسبوعاً بالنيل ومن ثم أسبوعاً بالكركم، وكان يشبه الحمام المغربي حالياً، فتخرج العروس جميلة. مؤكدة هذا من تراثنا وتراثنا هويتنا وهو تاج على رؤوسنا.

Email