المِدْبَس.. حجرة استخلاص عسل التمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشتهر دولة الإمارات العربية المتحدة بزراعة النخيل، إذ يوجد في الإمارات أكثر من 41 مليون نخلة، ما يؤكد الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة للنخلة.

وقد ورد ذكر النخيل في القرآن الكريم في عدة مواضع، كما دعت السنة النبوية إلى الاهتمام بتناول التمر، حيث إن له دوراً مهماً في تغذية الإنسان والحفاظ على صحته من الأمراض، كما استعملت أجزاء من النخلة في بناء العريش مثل جذوع النخلة وسعفها.

دبس التمر

اهتم الأهالي بالحصول على دبس التمر، حيثُ إن استخراج الدبس من التمر يعتبر من المهن القديمة التي مازالت مستمرة حتى الآن عند أهل الإمارات، والدبس هو سائل له مذاق حلو ويستخرج من التمر عن طريق المدبس.

أنواع

من أفضل أنواع النخيل التي اشتهرت باستخراج الدبس من تمرها نخلة «جش حبش» أو قد تسمى «أم السِّلاّ»، كما توجد أنواع أخرى مثل الخوص واللولو والخنيزي والأشهل والنغال والبرحي.

ويمثل المدبس المكان المُخصص للحصول على الدبس، وهو عبارة عن غرفة متوسطة الحجم لا يوجد في جدرانها فتحات، وذلك لمنع دخول الفئران أو الوزغ «الطيطار»، وفي أرضيتها قنوات يسيل فيها الدبس ثم يتم تجميعه في حفرة بها جرة من الفخار.

تبدأ عملية استخلاص الدبس من التمر بوضعه تحت أشعة الشمس لمدة يومين متتاليين ثم يتم تنظيفه من الأتربة والشوائب، وكذلك استبعاد الثمار غير الناضجة، يتبع ذلك تجميع التمر في أكياس من خوص النخيل تسمى الخِصَفْ (وهي مُفرد خصافة) تلك الأكياس التي تُرص فوق بعضها وتترك عدة شهور.

وبسبب انضغاط هذه الأكياس في درجات حرارة مُرتفعة يتكون دبس التمر الذي يسيل في المجرى الموجود في أرضية المدبس حتى يتجمع في «خَرْس» من الفخار يتم وضعه في الحفرة المُخصصة لجمع الدبس، وكان الخَرْسُ غالباً ما يغطى بقماش لفصل الشوائب، وعندما يمتلئ الخرس يتم جمع الدبس الموجود فيه بواسطة قدح، ثم يحتفظ به في المحبرة وهي أوعية نُحاسية.

نماذج

مازالت بعض المباني القديمة تحتفظ بغرفة «المدبس»، مثل بيت الشيخ سعيد بن مكتوم «البيت الثانوي» في الشندغة، وبيت بن جمعان في ديرة، وأحد البيوت في قرية حتا التراثية، كما كان يتم قديماً عمل المدابس في المحلات التي كانت تبيع التمر أو الدبس في السوق.

تعتبر هذه المكونات التراثية ذات أهمية كبيرة، لأنها تثبت ابتكار وبراعة الأجداد في تطويع العناصر البيئية في حياتهم بأفكار قد تكون سهلة ولكنها تعتبر شاهداً على عراقة هذا التراث، ويجب المحافظة على هذا الموروث ونقل هذه العناصر إلى الأجيال القادمة.

Email