المدرسة الجقمقية.. أجمل مدارس العهد المملوكي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر حي الكلاسة شمال الجامع الأموي بدمشق القديمة أحد الشواهد الحقيقية على أهمية المدينة كمركز إشعاع علمي منذ مئات السنين، حيث كان يحتوي هذا الشارع على 20 مدرسة.

ومن هذه المدارس الجقمقية، التي بنيت منذ قرابة 700 عام، حيث كان السلاطين والأمراء يقومون ببناء المدارس لتخليد ذكراهم، فضلاً عن أنها كانت مقابر لهؤلاء بعد وفاتهم كالظاهرية والعادلية والعزيزية وغيرها من المدارس.

وتعتبر الجقمقية أحد أجمل المعالم الأثرية التي بنيت في العهد المملوكي، وتتميز بأنها كانت تعلّم الخط العربي إلى جانب القرآن الكريم.

 

 

 

 

معالم

قالت أمينة متحف الخط العربي إلهام محفوض لـ«البيان»: إن «المدرسة الجقمقية من أهم المدارس في العهد المملوكي وأجملها وكان مكانها دار القران الهلالية للمعلم سنجر الهلالي حتى عام 1360م/ 761ه، ثم غزا تيمورلنك مدينة دمشق عام 1400 م/ 803 ه وتدمرت الكثير من المباني والمعالم الأثرية في دمشق».

وأضافت محفوض: إن «الأمير سيف الدين جقمق أمر في عام 1420 م ببناء المدرسة التي حملت اسمه والتي تعتبر صدقة جارية»، لافتة إلى أن «المدرسة تضم قبر الأمير سيف الدين الذي توفي عام 1453 م بجوار قبر والدته التي توفيت قبله بعام واحد فقط».

وأوضحت محفوض بأن «المدرسة الجقمقية بالإضافة إلى تعليم القرآن الكريم، هي الوحيدة المختصة بالخط العربي في سوريا، وخصص لها أوقاف (طاحونة وسوق الصوف) كعائدات لدعم طلاب العلم من خلال شراء الكتب والمخطوطات ولباس صيفي وشتوي، وكان التعليم مجانياً ومتاحاً لجميع طلاب العلم».

وتابعت: «كان هذا المبنى مفروشاً بالبسط والسجاد، ويوجد فيه قناديل من الذهب الخالص»، موضحة أن «أهم الشيوخ الذي قاموا بالتدريس في هذه المدرسة شرف الدين مفلح ومحمد عيد السفرجلاني، وكانوا يدرسون الخط العربي والقرآن الكريم».

وأشارت محفوض إلى أن المدرسة الجقمقية استمرت في عملها منذ تأسيسها، حيث تم تحويلها عام 1898 إلى مدرسة حديثة عرفت باسم «المدرسة الجقمقية العلمية الحديثة».

وأوضحت: «تعرض مبنى المدرسة لدمار في الحرب العالمية الثانية وتدمر جزء من السقف وأحد الجدران بشكل كامل، فأعيد ترميمه في زمن الوحدة بين سوريا ومصر، وفي عام 1974م، تم افتتاح المبنى كمتحف للخط العربي».

 

 

 

 

 

 

قيمة معمارية

قالت محفوض: إن «مساحة المدرسة الجقمقية تبلغ 280 متراً مربعاً وهي صغيرة نسبياً بسبب وجودها في حارة ضمن أحياء دمشق القديمة وهذه الأحجام الطبيعية للمدارس كونه يوجد في حي الكلاسة 20 مدرسة».

وأضافت محفوض: إن «المدرسة تتألف من 3 إيوانات جنوبية وشرقية وغربية بشكل حرف ب مقلوب، والسقف من خشب الحور الذي كان متوفراً في دمشق وخاصة الغوطة، وكان يصنع السقف من الألواح الخشبية والأعمدة، يتم تحضيرها في موسم خاص حتى تكون خالية من الحشرات والسوس، ثم تدهن بمادة معينة وخلطات خاصة لحماية ومعالجة الخشب، ثم تزخرف بالعجمي زخرفة نباتية وهندسية».

يضاف إلى ذلك، بحسب محفوض، «الزجاج المعشق (الملون) الذي يعكس ألواناً جميلة داخل المكان بالاعتماد على أشعة الشمس وانكسارات الضوء بزوايا مختلفة».

وتابعت محفوض: «كتب على جدران المدرسة العديد من الآيات القرآنية».

 

 

 

 

 

 

 

 

محتويات المتحف

قالت محفوض: إن «المتحف يحتوي على العديد من القطع الأثرية المهمة ومنها نسخة من نقش النمارة، الذي توجد نسخته الأصلية في متحف اللوفر، وهي نسخة جصية نقش عليها بالآرامي والسرياني قبل الإسلام».

ونقش النمارة يرجع تاريخه إلى عام 328م، عثرت عليه بعثة فرنسية في مطلع القرن العشرين في قرية النمارة شرقي جبل العرب بسوريا، ويعتقد غالبية المختصين أن نقش النمارة هو شاهد قبر امرئ القيس بن عمرو الأول، أحد ملوك المناذرة في الحيرة قبل الإسلام.

وأضافت محفوض: إنه «يوجد في المتحف جلاميد بازلتية عمرها يفوق ألف عام تم العثور عليها في البادية السورية عام 1962م».

Email