«دبي أوبرا» خمس سنوات من السحر

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تبدو كمثل لؤلؤة، خرجت لتوها من عمق البحر، على صفحتها تتراقص الألوان المشبعة بالفرح، ما أن تلجها حتى تشعرك بصوت «النهام» الذي تعود أن يضرب بقدميه على ظهر السفينة، بقوة، مرة أو مرتين، وأحياناً ثلاثة، حتى يستشعر ارتداد الصوت النابع من سكون البحر، تراه يرفع يديه محلقاً كما الأشرعة، داعياً بصوت جهور، على ثلة من البحارة الذين تعودوا الغوص في الأعماق والتفتيش بين الشعاب عن اللآلئ. خمس سنوات تامات، مضت على ظهور لؤلؤة «دبي أوبرا»، تلك التي زرعت في ظلال أطول برج في العالم، وباتت قبلة عشاق الموسيقى و«أبو الفنون» وعروضاً استعراضية أخرى، قبلة عشاق الثقافة والكلاسيكية، ووجهة عشاق التصميم المعماري الفريد، الذي تألقت به «دبي أوبرا» وأضحت معه شعاعاً ينير فضاء دبي، حيث وضعت الإمارة على طريق المدن الثقافية التي تهتم بكل أشكال الثقافة والفنون، ومدارسها وروادها ومبدعيها. خمس سنوات أكملتها «دبي أوبرا» على الأرض، لتعبر خلالها عن كل «حركة في الموسيقى»، حيث لكل واحدة منها معناها على السلم الموسيقي، الذي ينسجم تماماً مع طبيعة المشهد الفني المحلي، وهرمون التفاعل، الذي تشعر به بمجرد أن تتخذ من أحد مقاعد الأوبرا الحمراء مجلساً، ليتيح لك إثراء تجربتك الخاصة، ويثير في نفسك شغف اكتشاف السحر الكامن بين حركات الموسيقى، ونظيره الكامن بين تفاصيل المشاهد المسرحية، يتيح لك أيضاً اكتشاف ما يحيطك من جماليات في المشهد والتصميم وكلاسيكيات الأوبرا.

قائمة

على طول السنوات الخمس، لم تخلُ خشبة «دبي أوبرا» من الصوت الأنيق المتألق، ففي فضائها حلقت العديد من الأصوات التي طالما حركت مشاعر الناس، في ذلك الفضاء حلق المغني الأوبرالي الأسباني خوسيه كاريداس، حيث عبأ صوته المدى، وشكل امتداداً لروعة نجمة الفلامنغو سارا باراس، التي لا تزال دكت أقدامها محفورة على خشبة مسرح دبي أوبرا، في ذلك الفضاء حلقت أيضاً كوكب الشرق أم كلثوم، وحضرت على أرض الواقع عبر تقنية الهيلوغرام، آنذاك روت على مسامع متابعي حفلتها «سيرة الحب»، وغنت لهم «أنت عمري»، كما أحيت الأوبرا صوتها مجدداً من خلال التونسية غالية بنعلي، ذلك الحضور المتأنق، انسحب على العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذي تمايل الجمهور طرباً على صوته.

مساحة واسعة

في فضاء «دبي أوبرا» يمتد صدى الصوت كثيراً، فيه أوجد الفنان الإماراتي حسين الجسمي والفنانة أحلام، مساحة واسعة لهما، كما تأنق على الخشبة اللبناني راغب علامة، بينما غنت السورية لينا شاماميان لبلدها وللقدس ولتونس، وأطل على ذات الخشبة عازف البيانو الأرميني غي مانوكيان ليقود أوركسترا عريضة، قدمت حفلاً موسيقياً، قدم فيه أروع أعماله، إلى جانب مجموعة من كلاسيكيات العرب، لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وزكي ناصيف. حجم خشبة دبي أوبرا بدا فضفاضاً، اتسع للعديد من أصحاب الأصوات الساحرة، وطوال هذه السنوات، لم تتوقف حركة أقدام العارفين بالمسرح وفنونه وطقوسه، فعليها حضرت حسناوات «بحيرة البجع»، وحلقت «آنا كارينا» بقوامها الساحر، كما حضرت أيضاً موسيقى الأفلام، فكان لسلسلة «سيد الخواتم» حضور خاص، بينما تجلت موسيقى «الجوكر» بكل ما تحمله من معانٍ عميقة على الخشبة ذاتها.

عوالم

كلما مررت ببابها تفتنك دبي أوبرا، تدعوك لأن تطلق العنان للشغف وتثير في نفسك «شهوة الاستماع إلى الموسيقى» والتحليق في عوالمها، تدعوك لأن تتمعن تلك المنحوتة الفنية، الساكنة، والمتشبثة بالجدار المقابل لمبنى دبي أوبرا، تلك الجدارية التي نحتت من حروف عربية أصيلة، حملت عنوان «إفصاح» والمستوحاة من مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «إن الفن بجميع ألوانه وأنواعه يعكس ثقافة الشعوب وحضارتها وتاريخها»، هذه المقولة التي عبرت عن دبي ورؤيتها ومشهدها الثقافي والفني، الذي بات يعد بوابة للمنطقة برمتها، وعبره أسست لها مكانة نوعية على الخريطة الثقافية والفنية.

تسحرك دبي أوبرا بكل تفاصيلها، وبتصميمها المعماري الأنيق، وبسفنها الصغيرة، وبتلك الحركة الخاصة التي تستدل من خلالها على حركة الأبراج والكواكب، تدعوك لأن تحتسي فنجان قهوتك الأسمر، بالقرب منها، بينما عيناك تتعلقان برقصة نافورة دبي، وبأضواء برج خليفة، أما أذناك فستبقيان مشغولتين بما استقته من ألحان ستظل خالدة في الذاكرة.

Email