الآرامية.. لغة شفهية تقاوم الاندثار في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

الآرامية من لغة رسمية للعديد من الممالك في الألفية الأولى قبل الميلاد، ولغة السيد المسيح، إلى لغة شفهية يتناقلها عدد غير قليل من السوريين في 3 بلدات بريف دمشق.

وعلى الرغم من أهمية هذه اللغة التي تشكل إرثاً فكرياً وإنسانياً، إلا أن هذه اللغة تواجه حالياً خطراً كبيراً من اندثارها تعمق ذلك بتأثر متحدثيها بالأحداث التي شهدتها سوريا خلال سنوات الحرب فيما يسعى البعض بمحاولات فردية لإنقاذ هذه اللغة من الاندثار.

وقال ريمون وهبي الحاصل على ماجستير باللغات السامية (اللغة الآرامية) من جامعة Heidelberg الألمانية لـ«البيان» إن اللغة الآرامية هي أرث ثقافي وفكري وديني للعالم بأسره وليست حكراً على سوريا فقط.

وأضاف وهبي أن هذه اللغة وصلت إلى ذروة انتشارها وعظمتها في الألف الأولى قبل الميلاد، وكانت لغة سكان آسيا الغربية (مصر – بلاد الشام – تركيا وصولاً للهند)، حيث تبنت الإمبراطوريات التي كانت تحكم هذه المناطق (الآشورية - البابلية – الأخمينية الفارسية) اللغة الآرامية، واعتمدوها كلغة رسمية للسياسية والتجارة، لأنها كانت اللغة الأسهل تدويناً في ذلك الوقت، وانتشرت بحكم هذه الإمبراطوريات، أما ممالك بلاد الشام فقد كانت هذه اللغة هي اللغة الأم لسكان المنطقة، وقد تكلمها بها السيد المسيح.

والآرامية في غرب بلاد الشام (من حلب إلى حماة ودمشق وصولاً لفلسطين) نسميها الآرامية الغربية وهي ما يقصد بها الآرامية، وهذه اللغة تأثرت باللغة الفينيقية والكنعانية«، مشيراً إلى أن آخر معاقل هذه اللغة هم أهالي معلولا وجبعدين والصرخة (بخعة)».

أما الآرامية الشرقية فهي تعتبر من لهجات الآرامية وتضم السريانية والآرامية والأشورية والكلدانية، بالإضافة إلى أن بعض اليهود يتكلمون الآرامية بفعل السبي البابلي، لافتاً إلى أن الآرامية الشرقية تأثرت باللغات الفارسية والكردية والتركية.

الأبجدية الآرامية

يقول وهبي إنه «كان في العالم القديم العديد من طرق التدوين تطورت مع الزمن، حيث كانت الهيروغليفية تعتمد على التصوير والرسوم، أما الأكادية فكانت تعتمد على المقاطع الصوتية، حتى جاء الفينيقيون وفي عام 1100 قبل الميلاد اخترعوا الأبجدية، وبعد حوالي 100 عام أخذ الآراميون عنهم هذه الأبجدية واعتمدوها وطوروها، حيث أوجدوا الحروف الساكنة ( ه – و – ي) وهي مشابهة لأحرف العلة باللغة العربية (أ – و – ي)، وجعلوا فواصل بين الكلمات، وبعد فترة أضافوا التشكيل للأحرف»، لافتاً إلى أن الأبجدية تتكون الآرامية من 22 حرفاً.

وكل المناطق التي تبدأ تسميتها بـ «بيت أو بر» هي أسماء آرامية.

الآرامية المكتوبة

وفيما يخص العثور على نقوش أو مخطوطات مدونة باللغة الآرامية، قال وهبي إنه «لم يتم العثور على أي نقش أو مخطوط مدون بالآرامي في معلولا»، مضيفاً أنه «مع بداية القرن العشرين بدأت حركات التدوين للآرامية، وكتبت بالحروف اللاتينية أو بالحروف المربعة أو الحروف السريانية، وكل شخص يكتبها بطريقة مختلفة تناسبه، دون أن يكون هناك قواعد متعارف عليها لتنظيم هذه الكتابة».

وتابع وهبي أن «هناك أشخاصاً يستطيعون التعبير عن كلامهم بالكتابة وهناك أشخاص لديهم أخطاء بتقسيم الكلمة أو إضافة الضمائر إلى كلمات سابقة أو لاحقة وليس في موضعها النظامي».

وأردف «أما ككتابة أم لهذه اللغة فلم يتم العثور على أي أثر لها في معلولا ولا حتى في القرى المجاورة التي تتحدث الآرامية كـ «جبعدين والصرخة (بخعة)»، ولكن يوجد مخطوطات آرامية في بعض المناطق السورية وخاصة في شمال شرق سوريا».

Email