مصر والذكريات الجميلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يا مصرُ يا أجملَ البلدانِ مِنْ قِدَمٍ

يَهفو لها القلبُ لا يَنْفكُّ يُغْليها

 

أنَّى حَلَلْتُ وأنَّى سِرْتُ أْذكرُها

أحْلى سِنينيَ قد قَضَّيتُها فيها

 

قد عشتُ فيها سِنيناً جادَ عابِقُها

بالذكرياتِ التي ظَلّتْ تُناغيها

 

في كلِّ زاويةٍ منها يفوحُ شَذىً

يُحْيي لنا في شِغافِ النّفسِ ماضيها

 

مَعَالمٌ في المدى ظَلّتْ مُرَفْرِفَةً

تَلوحُ في الأفْقِ في أبهى تَجلّيها

 

يا أجملَ الذكرياتِ الغُرِّ يا وَطَراً

من عَهْدِ مَرْحَلَةٍ زانتْ أمانيها

 

كمْ قد شُغِلْنا بأحْلامٍ لنا عَظُمَتْ

نَطوفُ أرجاءَها نَحدو أغانيها

 

كمْ قد نَهلْنا عُلوماً من معارِفِها

من جامعاتٍ بها نَزهو بها تِيها

 

لم أنْسَ أزْهرَها الميْمونَ إنَّ بِهِ

لِمثْلِنا غايةٌ جَلَّتْ لرائيها

 

جِئْناهُ نَسعى لِنَيْلِ الْعلمِ ما فَتِئتْ

حِياضُهُ ثَرَّةً تَهْمي غَواديها

 

كانتْ لنا روْضةً غَنّاءَ يانعةً

يُغرّدُ الطيرُ في أعْلى رَوابيها

 

تَحمي العروبةَ والإسلامَ قاطِبةً

ممَّا يُرادُ بِهِمْ يا حَيَّ حاميها

 

في كلِّ فَنٍّ لها سَبْقٌ ونائِلةٌ

تَفرّدتْ في الدُّنا من ذا يُجاريها

 

كانتْ ثقافتُها في العصْرِ سائدةً

تَشَكَّلَ الفكْرُ في شَتَّى مَناحيها

 

تأثيرُها قد غدا ذا بَصْمةٍ وَضُحَتْ

في فِكْرِنا لم تزلْ تزهو مغانيها

 

قد كان شوقي لها في الشّعرِ رايتَها

وحافظٌ في مدى الأمجادِ شاديها

 

وكيف نَنْسى أديبَ العصرِ من بَلَغَتْ

أفكارُهُ في المدى أقْصى نواحيها

 

طَهَ حسينِ الذي ينسابُ من فمِهِ

طِيبُ البيانِ الذي أثْرى معانيها

 

وكم لعباسٍ العقّادِ مِنْ أثَرٍ

أعطى الثقافةَ ما قد كان يُعْليها

 

وغيرُهُمْ جُمْلةٌ ممن نَعُدُّهُمُ

من الأُلى أصبحوا أبهى لآليها

 

عِشنا بها زمناً يا حيُّهُ زَمَناً

قد انقضى مِثْلَما تَجري ثَوانيها

 

في كلِّ منطقةٍ ذِكرى مؤثَّلَةٌ

تثيرُ بي وَلَهاً ممَّا أرى فيها

 

إنّي لأذكرَ أياماً بها سَلَفَتْ

من ذكرياتٍ غدت ْكالشَّهْدِ حاليها

 

يا أجملَ الوقتِ ذاكَ الوقتُ يُبْهُرني

يزهو كما البدرِ في داجي لياليها

 

أنَّى ذهبتُ أرى ذِكرىً بها صَدَحَتْ

أطيارُها في الرُّبى من ذا يحاكيها

 

مِصرُ الجديدةِ والميرلانْدُ زِينَتُها

بِها مِنَ الحسْنِ ما قد كان يُزْهيها

 

عُمْرانُها كان آياً لا يطاوِلُهُ

في ذا الجمالِ سِواها مَنْ يُضاهيها

 

أمّا الحسينُ فَحَدِّثْ عنْهُ لا حَرَجٌ

مَهوى القلوبِ التي تاهتْ بِهِ تيها

 

ساحاتُهُ مُلِئتْ بالقادمينَ لَهُ

يَحدوهُمُ مِنْ ضَنى الأشواقِ حاديه

 

الي ذكرياتٌ بنادي الصَّيْدِ والهةٌ

لذلك الحَيِّ مِنْ أحْلى نَواحيها

 

يا قصرَها العيْنِيَ يا مَنْ بات يَشْغَلُني

يا مَنْ غدا في ثنايا النفسِ مُحْييها

 

يا شارعَ الدّيوانِ يا مَنْ صارَ أمْنِيَةً

تَرنو لهُ العُين مِن بُعْدٍ فَـيَشْجيها

 

يا شارعَ الزهراءِ يا مَنْ قد شُغِفْتُ بِهِأ

نْعِمْ بِهِ ذكرياتٍ طابَ ماضيها

 

يا أحْسَنَ الذكرياتِ الغُرِّ زاهيةً

تَحلو بها شَفتي إن جاء طاريها

 

يا مِصرُ يا هِبةَ النيلِ الكريمِ بها

يَسْقي المدى طيِّباً يَروي أهاليها

 

كنَّا كما أهْلِها لا شَيءَ يَفْرُقنا

عشنا معاً عيشةً زانتْ مَراميها

 

شعبٌ لطيفٌ أنيسٌ من طبائِعِهِ

حُبُّ النُّكاتِ التي للناس يُهديها

 

رغمَ الظروفِ التي قد عاشها زَمَناً

يبدو أمامَكَ راضي النفسِ هانيها

 

كم ذا يعاني من شِدّاتِهِ شَظَفاً

لكنّهُ بِحِبالِ الصّبْرِ يَطْويها

 

كأنّ دُنياهُ ما قد مَسَّها لَغَبٌ

ولا همومٌ طَرَتْ قد باتَ يُخْفيها

 

مَنْ ذا يراهُ يرى الإنسانَ مُقْتنعاً

بِعَيْشِهِ رغمَ ضيقِ الحالِ راضيها

 

ضَحْكاتُهُ تملأُ الآفاقَ جَلْجَلَةً

فيها السعادةُ لا تحتاجُ تَنويها

 

بَسَاطةٌ فيهمُ أكْرِمْ بِذا خُلُقاً

تَزينُهُمْ ألَقَاً لا ما يُضاهيها

 

نقولُها مِلءَ أفْواهٍ لنا صَدَقَتْ

ما كنتُ في حاجةٍ أنّي أُحابيها

 

يَنَابِعُ العلْمِ من أيْديهمُ غَدَقَتْ

سحّاءَ من صِغْرِنا ما لستُ أُحصيها

 

حتى غَدوْنا شباباً في معاهدِهِمْ

نَعُبُّ منها علوماً لا نُكافيها

 

أقبِّلُ الْكَفَّ تلك الْكَفُّ ناصعةٌ

قد علَّمتنا الذي للنّفسِ يُحْييها

 

ما قصّرَتْ مصرُ قد أعْطَتْ وما بَخِلَتْ

جَزاها عن تِلْكُمِ الأفضالِ باريها

 

جَزاءَ ما قَدّمَتْ من خِدْمَةٍ عَظُمَتْ

فَيْنانةً بالمُنى تُهدي مُحِبّيها

 

قد علّمتنا بوقتٍ ما يُجادلنا

فيهِ سِوى من بغى في ذاك تمويها

 

لا يُنكِرُ الفضْلَ إلا جاحِدٌ غَمِطٌ

يُؤذي الحقيقةَ من قد كان يؤذيها

Email