الشعر يتألق في «ديار» تطوان والخرطوم والأقصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقامت دار الشعر في تطوان نهاية الأسبوع الماضي أمسية شعرية، عن بعد، تحت مسمى «حدائق الشعر»، شارك فيها الشاعر عبد اللطيف الوراري والشاعر المعتمد الخراز، وقد حضرا إلى حديقة مدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان، بينما شارك الشاعر ياسين عدنان من حدائق مراكش، وهو يلقي شعره عن بعد.

من جهته، أكد مدير دار الشعر مخلص الصغير أن القصيدة يمكن أن تتنفس هواء عليلاً في عالم عليل، وأشار إلى ارتباط الشعر بالطبيعة عبر التاريخ، موضحاً أن

كلمة أكاديموس، أو الأكاديمية، في اليونانية إنما تعني «الحديقة»، كما بين أن الشعرية المغربية الأندلسية إنما ارتبطت بفضاء الحديقة، منذ شعر الحدائق في الأندلس إلى شعر الطبيعة التقليدي في المغرب، والذي توج في تطوان مع المختار السوسي وأخيه إبراهيم الإلغي، حينما تغنوا بحدائق وبساتين بوعنان وكيتان، وكذلك فعل حسني الوزاني وهو يتغنى برياض العشاق.

من جهته، أكد ياسين عدنان أن الإصرار على الشعر والجهر بالقصيدة، في زمن الجائحة، شكل من أشكال المقاومة الجمالية للوباء، والانتصار للحياة وللشعري فيها. ويرى صاحب «رصيف القيامة» أن البشرية باتت تصطف، بالفعل، على رصيف القيامة، وهي تترقب مصيراً غامضاً ومجهولاً. وفي مثل هذه اللحظات الفارقة والحارقة، يقف الشعر إلى جانب الإنسانية وهو يعمق أسئلة الكينونة والوجود، بينما يُشرعُ شرفات جديدة على الأمل، من أجل استئناف الحياة على هذه الأرض.

واستهل الشاعر عبد اللطيف الوراري أمسية حدائق الشعر، وهو يلقي قصائد مدهشة تكشف عن عمق إنساني متفرد، ووعي شعري متجدد، يذهب بالتجربة الشعرية العربية إلى أبعد ممكناتها. ورغم أن الجو يختنق صيفاً، يقول الوراري، «إلا أن الشعر في فسحة الحديقة، حديقة دار الصنائع بمعمارها الأندلسي، أضفى غلالة سحرية على المكان»، لذلك، فأن تقرأ في هذا المكان، يضيف الوراري، «فأنت تحيي ذلك الفردوس الذي ما زالت ذكراه تسمع مع حفيف الأغصان ومع الجذور التي تتصل بنداء المتوسط». مثلما أعلن الوراري أنه «رغم الجائحة وظروفها العصيبة التي مست ما هو إنساني وجوهري، فالشعر يظل عزاء وضرورة، ليس في وجدان الشعراء وحسب، بل في أصل الأشياء».

بينما اختتم الشاعر المعتمد الخراز حدائق الشعر، وهو يحمل باقة من حديقته الشعرية في وجه العالم. ويؤكد الخراز أن الشعر في زمن كورونا قد «فقد دفء الحضور وما يحققه من تفاعل إنساني واتصال مباشر بين الشاعر ومتلقيه... لكنه وهو أحد أقدم الأجناس الأدبية الضاربة أنامله في تربة الجمال والروح، والخبير عبر تاريخه بكل أنواع الأمراض والأوبئة، مثل الكوليرا والطاعون والحمى وغيرها، له القدرة على فتح مسالك جديدة للتواصل مع المتلقي وتحقيق تفاعله وتجاوبه مع النصوص الشعرية، التي لم تعد نصوصاً حبيسة وسيطها التقليدي، الممثل في الورق، بل أصبحت تسافر عبر وسائط ووسائل مختلفة. وهو ما أضحى يراهن عليه الشعر اليوم، مستفيداً مما تمده به مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، التي صارت عمدة العصر في تحقيق التواصل الإنساني والجمالي».

وفي قاعة الشارقة بالخرطوم نظم بيت شعر الخرطوم أمسية شعرية، شارك فيها أربعة شعراء، أولهم الشاعر مهدي يوسف إبراهيم وهو قاص ومترجم وإعلامي، نشرت له في الصحف السودانية عشرات المقالات الفنية والقصص القصيرة والقصائد، ومن ضمن المقاطع الشعرية التي أنشدها:

في كل مساءٍ يا امرأةً

زرعتني أشعاراً خضراء

أعدو من قافلةِ الصمت

الممتدِ كما رمل الصحراء

وأسافرُ عبر البحر إليك كعصفورٍ

فالبحرُ صديقٌ للغرباء

والشعر هنا جاريةٌ تحترفُ الإصغاء

وأنا فنانٌ يشنقني

ليلٌ يتمطى بين ضفائر غجرية

وأنا فنانٌ تقتلني

عينان غيومٌ وثريّا

تلته الشاعرة ريجويس استانسلاوس من دولة جنوب السودان وقد شاركت بأمسيات عديدة ونشر وترجم لها عدد من الأعمال وهي أحد أصوات المرأة الشاعرة بجنوب السودان، لها ديوان تحت الطبع بعنوان (صباحات الشوارع)، وآخر بعنوان (الخريطة والجسد).

قرأت من وحي قصيدتها (امرأة من ماء) حيث تقول:

ترقص كما

فتاة باليه..

حد الجنون

«وحين واعدت قلما

أفلس جميع الشعراء

وامتهنوا مطاردتها

بين الدفاتر»

على امتداد حقول

القمح

وحديقة اللافندر

سماء بعيدة

هكذا تبدو جميلة

وحدها تختار

من تحب

ثم جاء دور الشاعر عمر علي عبد المجيد الأمير يعقوب، كاتب وقاص وروائي وشاعر، ومما شنف به الآذان قصيدته «الديوان»

هم يجهلون الحب

ينتظرون يحتضرون يعتذرون

في باب الموائد يذبحون

الحب صمت عن بريق

تشرئب به المواقف

لا يرى بالعين

تألفه عيون الأصدقاء الأوفياء

كانت حبيبة قلبي الفضلى تحدثني عن الموتى

جميلون انتقائيون لا يجدون

قافية ترتب شعر تلك المرحلة

واختتم الأمسية الشاعر الكبير محي الدين الفاتح، وهو صاحب السيرة المكتنزة بالعطاء في المحافل السودانية والعربية، ومما ألقاه من شعر:

جئت أنت..

خطوك الواثق إيقاع الجياد العربية

جئت أنت..

شعرك السادل ليل في الصحارى المغربية

جئت كنزا من أساطير القرون الآسيوية

جئت رمزا لصلاة الحب للرب بقلب العدوية

إنني أبصر في عينيك تمثالاً لعز عاش مجهول الهوية

إنني أقرأ في صدرك تاريخاً وعزاً حيث ترتاح القباب الأموية

وارتعاشات على كفيك كانت عفوية

سيرتني مثل خط الاستواء

وعيون في سواد الأبنوس وصفاء الأبنوس

 

كما أقام بيت الشعر بالأقصر أمسية شعرية لشعراء العامية المصرية وهم الشاعر أحمد خطاب من الجيزة والشاعر محمد المصري من أسوان والشاعر محمود البنا من الشرقية والشاعر وائل فتحي من القاهرة، وقام بتقديم الأمسية الشاعر حسين القباحي مدير بيت الشعر.

Email