الكاتب محمد بن جرش في روايته الأولى

«السيد والحشرة».. سرديات إنسانية لواقع خيالي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

نسج الكاتب والباحث الإماراتي الدكتور محمد بن جرش في روايته الأولى «السيد والحشرة»، عبر لغة سردية شفيفة أبعاداً إنسانية.

فيما يخص دحض الظالم من جهة وإبراز مصداقية العلاقات التي تستند إلى الاحترام والتقدير والحب الإنساني، وعكست الأحداث المتتابعة، قدرته على توظيف الزمان والمكان توظيفاً فنياً لا تخدم الشخوص فقط، بل تعمل على تعميق الأحداث، وصياغة فضاءات لأسئلة مستفزة عدة. أما عن نهجه في إبداع روايته، فهو مزيج بين الفنية، والواقعية السحرية، بحيث يحار المتلقي في حسم موقعه، بسبب تماهي الواقعية مع الغرائبية، والعكس صحيح.

ظلال مظلمة

تراوحت شخوص رواية «السيّد والحشرة» بين شخوص الظّلم التي مثّلها السيّد وأعوانه وعمدة المدينة وشخصيات مستسلمة تابعة مثّلها رئيس مركز البحوث البيولوجيّة والموظفون، وشخصيّات محبّة أو تبحث عن تعويض بالحب الذي تقع فيه ومثّلتها حسناء بنت السيّد الظّالم، والشخصيّة الرئيسية شخصيّة أحمد الباحث عن بصيص وأمل، والذي يحمل تساؤلات مشروعة في التحرر والانعتاق من الظلم والنفور من الروتين الظالم الذي يستجيب له الناس.

خيوط متشابكة

أما الشخصيات المساندة في الرواية فكانت تحمل هي الأخرى أبعاداً إنسانية ومحورية في مجرى الأحدث وتمثّلها شخصيّة «أم أحمد» ووالده الذي راح ضحيّة نزاهته وشرفه أمام الظلم، و«عم حسن» صاحب المقهى الذي راح ضحيةً للانتقام، لاحقاً بولده الذي سلك طريق العصابات، بعد أن يئس من وجود فرصة للخير.

وبالطبع، فإنّ الحشرات «النمل الأبيض» التي تحمل أسباب قوّتها من اجتماعها وشراستها هي ممثلة للفئات المخنوقة في الأطراف والأرياف والطبقات الفقيرة في المدينة.

وتتصاعد الأحداث حين يصاب «أحمد» باحث علم الحشرات، في مقتله العاطفي والنفسي، حين يستكثر عليه السيّد أن يحبّ ابنته، أو حين يُسرق جهده في تسجيل براءة مكافحة النمل باسمه، بل يُهان ويؤذى وينعت بأقسى الصفات دونيّةً، ما يحمله على الانتقام بواسطة النمل وخبرته في استنساخ سلالة جديدة لا تموت، وتتصرف بذكاء في عنصر المفاجأة واقتناص اللحظة المناسبة.

خيال علمي

من جانب آخر، قد تبدو الرواية أنّها تنحو إلى الخيال العلمي لتوضيح فكرتها، إلا أنّها تستميل القارئ المغرم بالانتصاف للمظلوم من الظالم، ومع أنّ أحمد، كطبقة وشريحة مهملة، ينتبه في خضمّ انتقامه إلى صوت الحبّ والعقل، إلا أنّ النمل يكون قد غزا المدينة وفتك بالكثيرين، ما يدعوه لأنّ يتأهّب للفرار بأمّه من أتون هذه الحرب.

محور «كورونا»

وفي إيقاع السرد متنامي الأحداث يواكب النصّ الروائي المعتمد على الحوارات والاستدعاء والانسياب بين أكثر من محطّة، ما هو جارٍ، ربما في تخليق السلالات المَرَضيّة المؤذية أو صناعتها بيولوجيّاً، كسؤال تطرحه شعوب العالم حول «كورونا»، ومفاهيم هي من مواليد الإرهاب، كعنصر المفاجأة واحتراف الجريمة وحساب البشر نيابةً عن خالقهم، وهروب النمل إلى الجحور والعشوائيّات حين يستشعر الخطر، كما تحمل الرواية، التي تتوشى بتعابير أدبيّة وثقافة رومانسيّة وسياسية، ما يفيد أنّ السيّد ربما يكون ضحيّةً، وليس جلاداً كما يظهر بكامل قسوته للناس.

Email