دليل الخليج.. القسم التاريخي 4

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد نشرنا سابقاً ملاحظاتنا حول الجزء الرابع من القسم التاريخي لدليل الخليج لجون لوريمر. أما الجزء الخامس فهو يتضمن 19 ملحقاً متمماً للقسم التاريخي، وضع لكل ملحق عنواناً من الحروف الألفبائية الإنجليزية من A إلى S.

عنوَن لوريمر الملحق الأول بـ «الأرصاد الجوية والوضع الصحي في منطقة الخليج»، وضمّنه عدداً من العناوين الفرعية، استعرض فيها الموقع الجغرافي للخليج، ومكانته ضمن التاريخ البيئي والمناخي لغربي آسيا. وأشار إلى الفصول المناخية. ثم الحرارة ثم سقوط الأمطار والرطوبة، ثم الوضع الصحي. ومن أهم الأمور التي استعرضها هو تاريخ الأرصاد الجوية في الخليج بدءاً بعام 1873 إلى عام 1907.

ووضع تسجيلاً للأمطار والفيضانات والخسائر من الأرواح والممتلكات، وشدة حرارة الصيف، وبرودة الشتاء، وحدد الأماكن التي أصابتها مثل هذه الكوارث، وخاصة الأمطار الشديدة. مما يبين لنا أن منطقة الخليج عاشت حقباً مطيرة جداً في العصر الحديث، كما مرت بها بعض فترات القحط والمحل. ومن ضمنها موجة جفاف أصابت أرض الإمارات في شتاء 1891 - 1892.

جيولوجيا الخليج

وتضمن الملحق الثاني جيولوجية الخليج، وتاريخه الجيولوجي، ومعادنه مثل: النحاس والأوكسيد الأحمر، والملح، والحديد. ومن الأمور الجيدة استعرض ما أصاب المنطقة من زلازل مسجلة بين عامي 1865 و1905، عبر حقب متفاوتة.

وحدد المواضع التي أصابتها الزلازل والخسائر الناتجة، مثل: الزلزال الذي أصاب مدينة بستك في أُغسطس 1880، وذلك الذي ضرب جزيرة قشم في مايو 1884 ثم في يونيو 1902. وذكر مصادر المياه، وأعماق الآبار الارتوازيّة.

أما الملحق الثالث فيستنفد 73 صفحة، ضمّنه كل ما لديه من معلومات حول الغوص وتشكل اللآلئ، وأحجام المحار وأنواعها، وأسمائها، وهيرات الغوص، وأسماء اللؤلؤ، وتنظيمات مواسم الغوص، والعاملين على سفن الغوص، ومهامهم، وأدوارهم بل حتى الأولاد المصاحبين للغاصة في السفن. والحياة الاجتماعية على سفن الغوص، والفن والأهازيج المؤداة، وتنظيمات الطواويش، وتقويم اللؤلؤ، وأسعاره.

وفيه تفاصيل كثيرة وجداول عديدة تفصيلية تكاد تشمل كل شيء له علاقة بالغوص، وقواربه ومساهمات أهالي الخليج في هذه المهنة، وتجارة الغوص المزدهرة. وفعلاً هو فصل مهم لدارسي تاريخ الغوص. وهو هنا قد وفر على الباحثين جهد التفتيش عن مصادر وتقارير أقدم مما وضعه لوريمر الذي جمع ما سبقه.

الملحق الرابع

واحتوى الملحق الرابع أخبار التمور وإنتاجها في بلدان الخليج، وقد حدد فيها الأقطار المنتجة، وكمية الإنتاج، وأنواع التمور، ومسمياتها. ومن دقته أنه أورد بلدان الخليج وما فيها من أشجار النخيل، ومدى إنتاجيتها.

فعلى أرض الإمارات يذكر أن رأس الخيمة أكثر مناطق الساحل نخلاً وإنتاجاً، كما أشار إلى نخيل أم القيوين ودبي، بل وحدّد أنواع النخيل المتعارف عليها في المنطقة، وهي قش ربيع، وقش حبش، وبو عذوج، واللولو، وقش عفر. وهذه هي النخيل المحلية قديماً قبل دخول الأنواع الأخرى. وركز على تجارة التمور بما فيها من أرقام وأوزان.

وضم الملحق الخامس مصائد الأسماك، وأنواع الأسماك، وبقية المخلوقات البحرية، وألوانها في قائمة طويلة مكتوبة بالإنجليزية والعربية. وفرّق بين تجارة الأسماك محليا وما يُستهلك في المدن والسواحل، وبين الأسماك المُصدرة والمُتاجَر بها، والأسماك المجففة والمملحة. وهو في كل ما مضى ينسب المبحث إلى معدِّه.

تجارة السفن

وذكر في الملحق السادس بيع السفن في منطقة الخليج، وبطبيعة الحال أورد أسماء هذه السفن والقوارب، مثل: البغلة، والغنجة، والبتيل، والبقارة والسنبوك، والبوم، وغيرها، واصفاً لها، ومعدداً لنوعية التجارات التي تحملها، والمهن التي تُستَعمل لها، بل لم يستثنِ قوارب الصيد الصغيرة مثل: الشاشة. والعاملين على ظهور السفن والمراكب، ودور كل واحد منهم.

كما أدرج ضمن هذا الملحق قائمة بأسماء بدن السفينة. وخصّص الملحق السابع للمواصلات المحلية، ودواب الحمل، وبهائم الرعي، وبدأها بالإبل ثم الخيول والحمير والبغال والأبقار والجواميس والأغنام والمعز، وبيّن أماكن وجودها وطريقة استعمال بعضها للنقل. بل وذكر الأمراض المتوطنة التي تصيب هذه البهائم.

وفي 36 صفحة وضع فيها ملحقه الثامن، وهو حول الديانات والمذاهب في منطقة الخليج، وأقر بأن الدِّين السائد بين سكان الخليج هو الإسلام. مع إلماحة سريعة ذات خلفية تاريخية لانتشار الإسلام في المنطقة وبعض الأحداث منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.

وفيه قوائم دقيقة بما تناسب عصر لوريمر. ورمز للمسلمين بالمحمديين. وأرفق ذلك بألقاب دينية حملها رجال دين وعلماء المذاهب والأديان. وأما الملحق العاشر فقد أفرده للمذاهب النصرانية، وإرسالياتها في منطقة الخليج، وتاريخ وجودها.

التيلغراف والبريد

وخصص الملحق 11 لخطوط التيلغراف، وذكر أهمية وجودها واستعمالها، وأشار إلى أماكن وضعها، ومسارتها. وأتبعه بملحق (12) حول البريد، وتبادل الرسائل، وبواخر نقل البريد، وتأسيس أماكن البريد. وضمّن هذا الملحق قائمة طويلة بعقود البريد.

وفي الملحق 13 أشار إلى تجارة الرقيق، وموقف بريطانيا من هذه التجارة بين عامي 1772 و1907. وأضاف عليه تلك المعاهدات التي ربطت بريطانيا بالمنطقة، ومنعت من خلالها هذه التجارة حسب ادّعاء لوريمر. وتتبّع ذلك زمنيا حسب تواريخ المعاهدات. وأورد كذلك إشارات إلى هذه التجارة داخلياً.

وبطبيعة الحال بيّن الجانب الإيجابي في كبح جماح الرق. وخصص الملحق 14 للأوبئة والتنظيم الصحي في 38 صفحة، وهو موضوع متشعب طوّف فيه إلى أوروبا وآسيا، ومؤتمرات مكافحة الأمراض الفتاكة. ثم أورد ما أصاب بلدان الخليج من طواعين وكوليرا وحصبة وجدري حتى عام 1907. واستعرض أمثلة من هذه الإصابات الخطيرة والخسائر البشرية التي نتجت عن هذه الأمراض.

الأسلحة والجمارك

وجعل الملحق 15 لتجارة الأسلحة، بدءاً باندلاع الحرب الأفغانية في عام 1879. وتتبّع تجارة الأسلحة زمنياً، وكيف انتشر استعمال البنادق وبقية الأسلحة النارية بين سكان الخليج. وأشار إلى محاولات السلطة البريطانية للحد من هذه التجارة الرائجة.

ثم تطرق لهذه التجارة في أقطار الخليج بالإضافة إلى مكران، وما ترتب على ذلك من معاهدات. واحتوى الملحق 16 الجمارك، مركزاً على بوشهر منذ عام 1895. وفيه إسهاب حول التجارة والضرائب ضمن قوائم كثيرة.

وخصص الملحق 17 للورد كوروزون، وزيارته للخليج ولقائه بحكام الساحل، وتتبّع الزيارة منذ انطلاقها بحراً من كراتشي إلى مسقط في 16 نوفمبر 1903، ثم إلى الشارقة في 21 من الشهر نفسه، ثم بندر عباس وقشم ولنجة، ثم الكويت في 28 من الشهر نفسه، ثم بوشهر.. وقد احتفى لوريمر بزيارة اللورد كوروزون احتفاءً شديداً، وأورد تفاصيلها.

واختتم الملحق بقائمة تضم الممثلين السياسيين البريطانيين في منطقة الخليج منذ عام 1811 إلى عام 1905. ثم قوائم طويلة أخرى حول الممثلين البريطانيين في العراق والدولة العثمانية وغيرها. واستنفد هذا الملحق 73 صفحة.

جهد كبير

بعد كل هذا الاستعراض لهذه الموسوعة التاريخية الضخمة يتبين لنا مدى الجهد الذي بذله لوريمر في جمع مادته من شتى المصادر المتوفرة بين يديه، وبكل أنواعها، وطرق كتابتها، وتدوينها. ومما لاشك فيه فإن لوريمر كان غالباً يستعرض المادة العلمية أو يؤلف بينها ويلفّق شتاتها لتخرج في مادة متكاملة.

وهو في أغلب حالاته لا يبدي رأياً، ولا يقدم تحليلاً، وإنما يسرد ما تحصّل عليه من معلومات دونها ساسة وعسكريون وإداريون ومستكشفون ومساحون ومؤرخون بريطانيون، فهي بالتالي تمثل وجهة نظرهم إلا في بعض الأحيان حين ينقل من بعض المصادر المحلية.

وهو حريص في كل ما سجله على تبيان التفوق البريطاني في مناحي الحياة، ومدى حرص كل القوى المحلية على علاقتها ببريطانيا. ولهذا فهو يتتبع تلك العلاقات زمنياً. ويبقى دليل الخليج مرجعاً لا يُستَغنى عنه. وأنا أنصح بالرجوع إلى النص الإنجليزي، فهو أفضل في فهم مراد لوريمر.

Email