دليل الخليج: القسم التاريخي 3

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد نشرنا سابقاً ملاحظاتنا حول الجزء الثاني من القسم التاريخي لدليل الخليج لجون لوريمر. أمّا الجزء الثالث فهو يتضمّن فصله السادس الخاصّ بتاريخ منطقة الإحساء وبدأه بتاريخ 1795، في علاقته بالدولة السعوديّة الأولى، وامتداد نفوذها إليه ثمّ الحملة المصريّة على الدرعيّة عام 1818 ثمّ يتحدّث عن تبادل النّفوذ في الإقليم بين السعوديين والمصريين.

ثمّ يعرّج إلى الحملة العثمانيّة على الإحساء، ومنها يتحدّث عن علاقة الإقليم بالبحرين. وكعادته يتطرّق إلى علاقة هذا الإقليم ببريطانيا حتى خضوع الإقليم للدولة العثمانيّة في عام 1871 إلى عام 1907. وأيضاً يلصق تهمة القرصنة بأهالي الإحساء.

في القسم التاريخي لدليل الخليج، يفرد جون لوريمر الفصل السابع للكويت بدءاً من هجرة العتوب إلى منطقة الكويت. ويشير إلى البصرة. وهو يتلمّس كلّ ما له علاقة بالعثمانيين أو المصريين من قبلهم في الإحساء. وهو من هذه الناحية يشير إلى تأثير تلك الأحداث على إمارة الكويت.

وبطبيعة الحال يتتبّع علاقة الكويت ببريطانيا العظمى، وهو الموضوع المهمّ بالنّسبة له. كما يشير إلى علاقات الكويت بإمارات الخليج الأخرى وقبائله. وبعدها يستعرض أمراء آل صباح منذ الشيخ مبارك الصباح. وهو هنا يسهب في الحديث عن تاريخ هذا الأمير في 36 صفحة، باعتباره أحد أشهر حكّام الخليج في العصر الحديث. وكاد يحيط بإيجاز بكافّة الأحداث في عهد هذا الأمير الفذّ.

الفصل الثامن

وخصّص الفصل الثامن لمنطقة نجد بدءاً بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب. واعتمد فيها على عدد من المصادر التي توفّرتْ لديهم. وبعدها يتحدّث عن حكّام الدرعيّة، وأدوارهم في نشر الدعوة في نجد وبقيّة أجزاء شبه الجزيرة العربية.

وتتبّع التوسّع السعودي حسب اتجاهات المناطق بداية من الغرب في إقليم الحجاز ثم في شرقيّ بلاد العرب، وفي العراق. وأفرد عدّة صفحات للإمام سعود بن عبد العزيز، ذاكراً دوره الكبير في نشر الدعوة والسياسة في أنحاء بلاد العرب.

وألمح إلى أوّل تواصل بين بريطانيا بين الدرعية. ثمّ يتحدّث عن خليفته عبدالله بن سعود حتى حملة إبراهيم باشا على الدرعيّة. ويواصل بعد ذلك تأريخه للدولة السعودية الثانية حتى سقوطها متتبّعاً أمراءها، وأهمّ أعمالهم وأدوارهم.

وكعادته فإنّ علاقة السّعوديين في طورهم الثاني مع بريطانيا العظمى هو أكبر همّه. ومبلغ علمه. ويلمح في موضع آخر بعلاقتهم بالعثمانيين، وبقيّة إمارات الخليج. ووصول قوّاتهم إلى إقليم عمان. حتى ضمّ العثمانيين لإقليم الإحساء.

وهو لا يفوت الفرصة في الإشارة إلى العداوات بين بعض القبائل العربية حتى استيلاء قبيلة شمّر على كامل نجد. ثمّ يتحدّث عن ظهور الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن بن فيصل، وعن الامتداد العثماني إلى القصيم. وفي ملاحق الفصل تفصيل حول جبل شمّر، وتاريخه، وقبائله، وأمرائه.

تاريخ العراق

وخصّص الفصل التاسع لتاريخ العراق العثماني منذ عام 1603 حين امتدّ النّفوذ العثماني إلى العراق في عهد السلطان أحمد الأول ثمّ مَن تبعه من سلاطين آل عثمان. ويتتبّع مسائل العراق الداخليّة حسب التحقيب الزمني. وهو حين يستعرض وضع العراق من خلال سياسة السلاطين العثمانيين، ويتخلّل ذلك حديثه عن علاقات البريطانيين والفرس مع العراق في تلك الفترات.

وهو في استعراضه هذا لا يغفل الوضع الاقتصادي والتجاري مع الإشارة إلى أهمّ موانئ العراق، وهو ميناء البصرة الشّهير. إضافة إلى التدخّلات الأجنبية مثل الهولنديين والفرنسيين الذين تنعكس علاقاتهم ببريطانيا على وجودهم على الأرض العراقيّة في فترة الحكم العثماني على بلاد الرافدين.

وهو في هذا الاستعراض يشير إلى ولاة بغداد المشاهير، إضافة إلى متصرّفي البصرة، وطريقة إدارتهم للولاية. إضافة إلى ما يتخلّل ذلك من علاقات بالقبائل العربيّة القاطنة في مختلف مناطق العراق. وعلاقات تلك القبائل مع العثمانيين.

تعامل خاص

وبلا شكّ فإنّ البريطانيين كان لهم تعامل خاصّة مع العراق ومَن فيهم من ولاة وإداريين وأعمال. ويركّز على تجارة شركة الهند الإنجليزية الشرقية التي تمارس أعمالها مع المنطقة، وتتّخذ من البصرة ميناء لها.

وهو هنا كذلك يرصد الطريق البرّي من البحر المتوسّط إلى البصرة. وهو في حديثه عن العراق اتّبع التحقيب الزمني بناء على عهود السلاطين العثمانيين ممّا جعله يكرّر العناوين كلّما أفرد حديثاً عن أحد السلاطين.

فلهذا تتكرّر عنده المعلومات بصورة عامّة إلا فيما يتعلّق بتطوّر العلاقات بين العثمانيين والفرس التي تتغيّر في بعض الفترات، وتتداول بين السّلْم والحرب. وبالذّات فيما حصل من احتلال فارسي لمدينة البصرة بين عامَي 1776 و1779.

حديث تفصيلي

ومن الملاحظ أنّه استنفد 445 صفحة في حديثه عن العراق بما فيه، وبِمَن فيه، وهي أكثر منطقة خصّها لوريمر بحديث تفصيلي دقيق بلغ مداه، وغطّى جزءاً كبيراًِ من تاريخ العراق أثناء الحكم العثماني في هذا الجزء. ولكن ضمّن ذلك كلّ ما له علاقة ببريطانيا وحضورها في أراضي العراق. وكأنّها تخطّط للانقضاض عليه فيما بعد. وهذا تمهيد يقدّم لها معلومات قيّمة حول تاريخ بلاد الرافدين.

كما يضمّن ذلك كلّ ما يؤثّر على السلطة العثمانيّة في العراق، مثل حروب العثمانيين مع الروس أو مع الفرس، مع الإشارة إلى اختلاف طريقة وطبيعة الإدارة العثمانيّة بين فترة وأخرى، وكيف يتجاوب الولاة مع الظروف المُستَجّدة على الساحة العراقيّة بما فيها من مذاهب وأديان وأعراق. وألمح إلى أنّ أول رحلة لرحّالة وتاجر إنجليزي للعراق كانت في عام 1583، يدعى رالف فيتش (Ralph Fitch)، ضمّنها مراسلاته وأخبار رحلته.

كما أورد معلومات حول تأسيس المقيميّة البريطانيّة في بغداد منذ عام 1798 بما فيها من مراسلات لتأسيس المقيميّة. وهو في إشاراته لا يخفي طمع البريطانيين في تثبيت نفوذهم في العراق بما يحقّق مصالحهم فيه.

الجزء الرابع

وبدأ الجزء الرابع بالفصل العاشر، وفيه تفصيل حول عربستان التي اعتبرها مقاطعة عربيّة فارسيّة التي كانت تخضع آنذاك للحكم الفارسي. وذكر أنّه منذ عام 1604 حين عبر الرحّالة اليهودي البرتغالي پيدرو تيخسيرا (Pedro Teixeira) بمناطق شطّ العرب وإلى الشرق منه حيث ذكر الحضور العربي في هذه الأماكن.

وفي أول إحالة في الهامش أورد بعض مصادره، ثمّ كرّر ذلك في الهامش التالي. ثمّ نقل من رحّالة إيطالي قام بزيارة البصرة عام 1625. وأثبت وجود والي عربستان. وألمح إلى قيادة بني كعب لهذه المناطق إلى أن شنّ الفرس حملاتهم على الإقليم بقيادة كريم خان، بين عامَي 1757 و1779. كما أورد خبر التوافق البريطاني العثماني على الهجوم على عرب المنطقة.

وبالتأكيد يتحدّث عن علاقة بني كعب بالبريطانيين بين عامَي 1769 و1779. إضافة إلى علاقات إقليم عربستان مع المحيط الخليجي، والفارسي. وهو كعادته يتّبع التحقيب الزمني المعتمد على حكم الولاة، يعدّدهم وفترات حكمهم، وأهم الأحداث الجارية في تلك العهود.

سيطرة بالقوة

وبطبيعة الحال يبيّن أنّ الفرس سيطروا على عربستان بالقوّة، وعن طريق الحملات العسكريّة. ويشير إلى بعض مدن ومناطق عربستان مثل: المحمّرة التي عدّها مشيخة.

كما أشار إلى مناطق بني كعب. وألمح إلى ما سمّاه: «الحرب الإنجليزيّة الفارسيّة» بين عامَي 1856،1857 التي جعلها تأريخاً فاصلاً لعربستان. وبعدها تدخّل المسؤولون البريطانيون في الإقليم. وكعادته تطرّق للأوضاع الاقتصاديّة والملاحيّة. وفي ملحق هذا الفصل أورد معلومات حول نهر قارون الشّهير بما فيه من بيئة ومجرى.

وألمح إلى خطوط السكك الحديديّة في الإقليم التي بدأتْ بعام 1871، ونظام الريّ والسقاية. وهو بالتأكيد لا يفوت فرصة الحديث عن المنافسة الفرنسيّة والروسيّة. وهو في الوقت نفسه يكرّر إشاراته إلى الدور البريطاني في الإقليم، واستغلال موانئه لخدمة المصالح البريطانيّة، وتأثير الإدارة الفارسيّة على تلك المصالح.

فصل طويل

وخصّص الفصل الحادي عشر لتاريخ الساحل الفارسي والجزر، وهو فصل طويل جدّاً، بل هو احتلّ أغلب هذا الجزء. وفيه تفاصيل كثيرة حول هذا الساحل وجزره إلى إقليم مكران.

وبدأ بعام 1763، ثم أسهب في تاريخ إيران وعلاقتها بالساحل والجزر، وبلا شك فإنّ بريطانيا لها النّصيب الأكبر في تلك العلاقات، وهو أيضاً يضمّن علاقات فارس بالعثمانيين والأفغان والفرنسيين والروس وتأثيراتها على السياسة الفارسيّة في الخليج.

وعدّد القادة الإيرانيين وعهودهم وأهم أعمالهم وهي الطريقة نفسها المتبعة فيما سبق. وهو استرسال يكاد يضمّنه كل معلومة تحصّل عليها. وإحالاته في الهوامش قليلة فيها بعض المصادر، وبعض التعريفات.

إيجابيات

من الأمور الإيجابيّة في بحث لوريمر، أنه استعرض بإيجاز تواريخ بعض موانئ الساحل الفارسي على الخليج العربي، منها ميناء لنجة الشّهير عبر حقب زمنيّة مختلفة، ولكن في مواضع متباينة من هذا الفصل، حتى سقوط لنجة في أيدي الفرس.

وكذلك ألمح لحدوث بعض الأزمات الكونيّة مثل الزلازل التي ضربتْ أجزاء وعدداً من مدن وموانئ الساحل الفارسي. كما نالتْ عدد من الجزر بعضاً من الاهتمام من حيث تاريخها وبيئتها وسكّانها.

Email