مكة المكرمة حماها الله

ت + ت - الحجم الطبيعي

أحِنُّ إليْكِ يا بَلَداً حَرَاما

وأشْتاقُ الزّيارةَ والسَّلاما

حنينَ مُوَلَّهٍ قدْ فاضَ وجْدَاً

وتِحْناناً وأشْواقاً عِظاما

فيا أغْلى بلادِ اللهِ عنْدي

ويا مَنْ حُبُّها سَكَنَ العِظاما

ويا عِشْقاً تَغَلْغَلَ في شِغافي

كَفجْرٍ نَيِّرٍ أجْلى الظَّلاما

حَماكِ اللهُ من كيْدِ الأعادي

ورَدَّ شُرورَهُمْ فيهمْ سِهاما

فأنتِ الحُبُّ حُبٌّ ليسَ يَبْلى

فقد ذابَ الفؤادُ وفيكِ هاما

وظَلَّ البُلْبلُ الغرّيدُ يَشْدو

على أدواحِكِ الغَنّا غَراما

ويُرسِمُ في فضاءِ الكَوْنِ وَجْداً

يُناجي شَدوُهُ كُلّ النَّدامى

فيا أرضَ السّلامِ ويا مُنانا

لقد كُنْتِ السَّلامَ لنا مَراما

وعَهْدٌ نازلٌ من عنْدِ رَبٍّ

بِآي الذِّكْرِ نَتْلوهُ دَواما

رِياضٌ في مغانيها وَفَضْلٌ

وأمْنٌ فوقَ هامِ الخَلْقِ حاما

وآلاءٌ ونَعْماءٌ وخَيْرٌ

ورِضْوانٌ منَ الرّحمنِ داما

فيا بَلَدَ الحبيبِ وَمُصْطفاه

وأرضَ الدينِ والبيتَ الحَراما

ويا حُبّاً تَرَدّدَ في حَشاهُ

كوقْدٍ زادَهُ الشّوْقُ اضْطِراما

وإِذْ يَنْسى فلا يَنْسى حِماها

تَجَلَّتْ في فَمِ الهَادي ابْتِساما

ويا بَلَدَ الصحابةِ حين عادوا

فكانتْ في صدورِهمُ وِساما

بِلادٌ حُبُّها في النفسِ دِيْنٌ

وإيمانٌ وحَقٌ لنْ تُضاما

رَعاكِ اللهُ يا بلَدَاً تَسامَتْ

إلى العلياءِ تَعلوها مَقاما

إلى حيثُ النّجومُ مُسَبّحاتٌ

بذكْرِ اللهِ يُغْتَنَمُ اغْتناما

أمَكّةُ قِطْعَةٌ من لُبِّ قلبي

وَوجْدٌ ذابَ من حَرٍّ هُياما

يَتيهُ الوالهونَ بها كثيراً

وليسَ عليهِمُ في ذا مَلاما

فقدْ طَفَحَ الحنينُ وفاضَ قَلْبٌ

من الشّوقِ الذي حَرَمَ المناما

فيا أحْلى البلادِ عَداكِ كَيْدٌ

شُعوبُ الأرضِ تُوليكِ احْتِراما

لِأنَّكِ قِبْلَةُ الإسْلامِ دُمْتِ

مَدى الأيّامِ في الدّنيا إِماما

وأعْطَيْتِ الأمانَ بِلا جِدالٍ

فَصُرْتِ بِذاكَ للْكوْنِ السّلاما

وَعَظّمْتِ الوِئامَ وكنتِ رَمْزاً

لِشرْعٍ في الدُّنا حَفِظَ الذِّماما

جَعَلْتِ الأمْنَ كالسّلسالِ يَجْري

يُرّوي طِيبُهُ رَوْضَ الخُزامى

وأضْحَيتِ لبيتِ اللهِ حِصْناً

وللأعْداءِ صِرْتِ لَهْمْ زُؤاما

مباركَةٌ مقدّسَةُ النَّواحي

حَباكِ اللهُ خَيْراتٍ جِساما

يَفيضُ الخيُر فيكِ كما عَهِدْنا

بِنَصِّ الآيِ مَوْصولاً دَواما

تُطَفِّي لَوْعَةَ المُضْنى بِوَصْلٍ

وتَمْسَحُ مِنْ عَنا شَوْقِ النَّدامى

يباتُ المسُلمونَ وهُمْ أُسارى

لِذاكَ البيتِ وجْدَاً مُسْتَهاما

بِهِمْ يَسْري الخيالُ إلى رِحابٍ

تروّي الصّبَّ كاساتٍ مُداما

فيا لمِشاهِدِ الباكينَ فيها

جَمَالٌ لا أوفّيهِ كَلاما

تَعلّقتِ القلوبُ بها وَحَنّتْ

وباتَتْ تَسْجِمُ الدّمعَ انْسجاما

لَها في القلبِ منزلةٌ وقَدْرٌ

سَقاها اللهُ مِنْ فيْضٍ غَماما

حَمامُ البَيْتِ إذ للبَيتِ يُنْمَى

فَحيَّا اللهُ ذلِكُمُ الحَماما

ويا أمَلَ الحَجيجِ وقدْ تَنادوا

إليها في الدُّنا عاماً فَعاما

يشوقهُمُ إِلى الْغُفرانِ حُبٌّ

فَجُلُّ الوقتِ تَزْدحِمْ ازْدِحاما

فَتِلْكَ عَلامَةُ الْوَلَهِ المُصَفّى

لها قدْ شَبّ نيراناً ضِراما

فَيَا حَرَماً يَتُوقُ إليْهِ قلبي

كَمَنْ فَقَدَ الأحِبَّةَ والمُقاما

فَكمْ في العَصْرِ يَرْعاها ملوكٌ

حُماةُ الدِّينِ زادوها اهْتماما

فمَدّوا الكَفَّ أنْهاراً تَوالَتْ

عَطاءً يَسْبِقُ الفِعْلُ الكَلاما

ودُرَّةُ عِقْدِهِمْ سَلمانُ أضَفى

مِن اليُسْرِ الذي خَدَمَ الأناما

يُسَهِّلُ للْحَجيجِ أداءَ نُسْكٍ

رَعاهُ اللهُ ذا الـمـلِكَ الهُماما

وَصلّى اللهُ ما غَنَّتْ طُيورٌ

على الهادي الذي نَشَرَ السّلاما

وأسقْى منْ يَديْهِ العَذْبَ شَهْدَاً

ومَنْ أسْقاهُ لا يَظْمَا لِزاما

شعر:

إبراهيم محمد بوملحه

مكة المكرمة

حماها الله

Email