«نفح الطيب».. أشعار تسمو بالروح في النادي الثقافي العربي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أول من أمس، أمسية شعرية بعنوان «نفح الطيب» استلهمت الأجواء الروحانية لرمضان، من خلال عدد من القصائد التي دارت حول معاني التصوف والحكمة ومدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد اشترك فيها ثلاثة شعراء هم: عبد الرزاق الدرباس وأكرم قنبس ومصعب بيروتيه، وأدارها الشاعر محمد إدريس الذي استهلها بالحديث عن أجواء رمضان وما تبعثه في النفس صفاء روحي وسمو معنوي يجعل الحس الشاعري مرهفاً محفزاً لإطلاق المعاني التي تنشد المحبة والسلام والنور العلوي، وتسعى لتحرر من اشتراطاتها المادية مرتقية في مدارج التصوف الربانية.

قرأ عبد الرزاق الدرباس عدة قصائد منها ما خصصه لمدح النبي صلى الله عليه وسلم، وما خصصه للرؤية التأملية التصوفية، وأخرى حملت معاني وجدانية، والدرباس شاعر سهل المأخذ سلس العبارة حاذق الصورة، تتدفق مشاعره عبر أبيات شعره فيأخذ بوجدان سامعه، ومما قرأه:

من أرض مكة نور الهدي عم على

كل البلاد، وآي بالبيان سما

ورفرف الوحي للأمصار منطلقا

حاكت وشائجه توحيدنا علما

للتائهين جعلت الدرب فيض هدى

فأبصر الحق من في مقلتيه عمى

أقمت للعدل حصناً بعدما ظلموا

وكنت خير قضاة الأرض، إذ حكما

فأنت خير بني الإنسان قاطبة

وأمر حبك في الأرواح قد حسما

بدوره، قرأ أكرم قنبس عدة قصائد بعضها في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وبعضها في الحكمة والتأمل في الحياة، وهو شاعر طويل النفس جزل العبارة يتكئ على ثقافة شعرية واسعة، ومعرفة عميقة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن القصائد التي قرأها نقتطف هذا المقطع:

نور أطل فهاجت الغبراء

وتلقفت شوقا له الصحراء

نور أطل فعانقته أنجم

وانداح في ثغر الحياة نداء

فدعاء إبراهيم فيه كناية

وعناية ومحجة بيضاء

من نسله انسل السنا متوهجا

وتشكلت بمشيئة أشياء

وبأرض مكة أينعت شمس الهدى

واستبشرت بنضوجها الأنحاء

عهد جديد، ليس فيه اللاة والـــ

ـــعزى، ولن تشقى به حواء

واسأل حراء كيف كان يعيشه

بوحا ووحيا هيأته سماء

المصطفى المختار فيه رسولنا

ووسيلة وفضيلة غراء

الصادق المصدوق، تاج رؤوسنا

وأميننا وسراجنا الوضّاء

قراءات مصعب بيروتيه عكست عذابات الروح وشوقها إلى التحرر من سجن المادة للسمو في علياء النور، والسباحة في ذلك العالم العلوي الذي هو نور سرمدي لا ينتهي، وأن رمضان هو مناسبة من مناسبات ذلك الانعتاق المنشود، ومصعب بيروتيه ينطلق في شعره من عمق الحداثة الشعرية الراهنة، التي أصبح فيها نسق النص هو المرجعية الأولى لدلالة الصورة المنبثقة منه، وخبرة الشاعر وموهبته هي الضامن لصناعة ذلك النسق، وبيروتيه خبير بتلك الأساليب متمرس بها يقول، من قصيدة «أعدو به نحوي»:

أخْرَجْتَنِيْ مِنِّي لِتَدْخُلَ ذَاتِي

وفَتَحْتَ فِيَّ نَوافِذَ الكَلِمَاتِ

وترَكْتَنِي أنْمُوْ عَلى حُزْنِي الذَّي

في الغَيْبِ يَكْبُرُ مُثقلَ العَبَرَاتِ

ورَسَمْتَنِي في لَوْحةٍ مَجْهُوْلَةِ الـــ

أبْعَادِ، كُنْتَ مُلوِّنَاً فُرْشَاتي

وكأيِّ غَيْمٍ كُنْتَنِيْ، ضِدَّانِ مِنْ

مَطَرِ الخَيَالِ تَسَاقَطَا قَطَرَاتِ

أطلقتَ أسْرَابَ الحَنِيْنِ حَمَائِمَاً

وَتَرَكْتَهَا تَمْضِيْ بكلِّ جِهَاتِي

وَحَمَلْتَنِي بِيَدَيَّ، ثمَّ قَذَفْتَنِي

فِي اليَمِّ طِفْلاً كيْ تَطُولَ حَيَاتِي

وإلَى مَتَى سَأَظَلُّ.. وحْدَكَ مِلئِيَ الــ

كَلِمَاتُ تُنْطَقُ مِنكَ في خَلَواتِي

حَتّى كَأنَّ الظّلَّ يَحْبسُ ضَوْءَهُ

في عتْمةٍ للنُّوْرِ أو ظُلُمَاتِ

أنْتَ احْتِبَاسُ الحُلْمِ في جَسَدٍ مِنَ الــ

أوْهَامِ أنْتَ عُصَارَةُ الصَّبَوَاتِ

لَوَّنْتَ ظِلِّي بالرَّحِيْلِ فَلَمْلَمَتْــ

ـــنِي الرِّيْحُ واستَلْقَتْ على شُرُفَاتِي

وتَقَاذَفَتنِي مِثْلَمَا رُوْحِي كطَيْـــــــ

ــرٍ في مَهَبِّ الوَجْدِ والغُربَاتِ

كَانَتْ كَمثْلِي تَنْزفُ الذِّكْرَى

وتَبْكِي في رَحِيْلِ المَاءِ كالغَيْمَاتِ

كَسَفيْنةٍ هوجَاءَ تاهَ شراعُها

بيْنَ احتكَاكِ الصَّخْرِ بالمَوْجَاتِ

Email