آمن بقدرة الفكر والمعرفة على تعميق علاقات الشعوب وتقاربها

حمدان بن راشد.. راعي الدبلوماسية الثقافية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لطالما كان المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيب الله ثراه، أحد عشاق الثقافة ورجالاتها، لم يبق يده مغلولة أمامها، وإنما فتحها لتغدق خيراً وعطاءً على المجال الثقافي، مترجماً إيمانه بالقوة الناعمة للثقافة، وبكونها تمثل جسراً بين الشعوب، فسعى جاهداً إلى ردم الهوة بين الثقافات، وتعميق التقارب بين الشعوب، وهو الذي طالما اعتبر أن الإمارات تمثل نموذجاً عالمياً في ترسيخ قيم الأخوة الإنسانية.

إيمان الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، بقوة الثقافة مكنه من لعب دور مؤثر في مد الجسور الثقافية بين الشرق والغرب، عازفاً على «ناي» الدبلوماسية الثقافية، باعتبارها شكلاً جميلاً ومدروساً قادراً على تحقيق التبادل الثقافي والفكري بين الشعوب، الأمر الذي يزيد من تمازجها، ويقوي عضد علاقاتها الثقافية، لتكون داعمة لعلاقاتها السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية.

وقد أدرك، رحمه الله، منذ البداية مدى أهمية البعثات التعليمية، وتأثير الحوارات الثقافية بين الشباب الإماراتي ونظرائهم من مختلف دول العالم، وقدرتها على تعزيز الوعي ورفع مستواه لدى الشباب الإماراتي، ولذلك فقد لعب الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، دوراً مهماً في تأسيس كلية آل مكتوم للتعليم العالي في مدينة دندي في اسكتلندا، والذي لعب منذ اللحظة الأولى لنشأتها في 2001 دوراً بارزاً في تحفيز وتعزيز التبادل الثقافي الإماراتي الاسكتلندي، وذلك تجسد في شكل زيارات طلبة جامعات الدولة إلى هذه الكلية، والتي مكنتهم من الاحتكاك مع نظرائهم من دول أخرى وأبناء المجتمع الاسكتلندي، وهو ما ساهم في تعزيز سبل التواصل بين الطرفين، وبالتالي تبادل الأهداف والأفكار على تنوعها، والتعريف بالقيم والتقاليد الإماراتية الأصيلة، والتعريف بالثقافة الإماراتية، ورموزها وأشكالها وإنجازاتها أيضاً.

ومع توالي السنوات، نجحت كلية آل مكتوم للتعليم العالي بفضل دعم المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيب الله ثراه، في التحول لأن تكون منارة ثقافية ومعرفية وأكاديمية إماراتية تعمل على نشر ثقافة التسامح بين الشعوب، وتحتفي بالاختلاف الثقافي وتعدده، حيث عبر ذلك عن طموحات، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، بأهمية سيادة القوة الدبلوماسية الناعمة، وترجم هذا المعهد إدراك الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، بأن الثقافة تعد من أرقى أشكال التبادل الإنساني عبر الزمن.

دعم الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، للثقافة لم يتوقف عند حدود كلية آل مكتوم، وإنما اتسعت عباءته كثيراً، ليشمل مناطق أخرى متعددة، فسخى في دعمه لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، ورسالتها الحضارية، وبرامجها وأنشطتها خاصة تلك المتعلقة باللغة العربية للناطقين بغيرها، ومجالات التربية والتعليم، و«جائزة الشيخ حمدان – الإيسيسكو للتطوع في تطوير المنشآت التربوية في دول العالم الإسلامي»، والتي تهدف إلى تحفيز وتكريم القائمين على المبادرات التطوعية والأعمال الخيرية في مجال التعليم، وتُمنح كل عامين لثلاثة فائزين من الشخصيات أو المؤسسات التي أسهمت في تطوير المنشآت التربوية في دول العالم الإسلامي.

لم يتوقف عطاء الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، للثقافة وروادها يوماً، ولعل آخر عطاياه تمثلت في توجيهاته الصادرة مطلع مارس الجاري، إنشاء مكتبة رقمية جديدة في جامعة أفريقيا العالمية، في العاصمة السودانية الخرطوم، حيث تبلغ كُلفة إنشائها 50 ألف دولار، وهي تُعد إضافة للمكتبة الحالية في الجامعة، التي تم إنشاؤها عام 2013 بكُلفة 50 ألف دولار بدعم من هيئة آل مكتوم الخيرية، التي تولت أيضاً تقديم تبرعات مالية لجامعة الإمارات من أجل دعم الطالبات المشاركات في دورات برنامج التعددية الثقافية ومهارات القيادة الشتوية والصيفية بكلية آل مكتوم للتعليم العالي في أسكتلندا.

Email