في الحلقة الـ 43 من البرنامج الوثائقي الدرامي «قصتي»

درس في التنظيم والتخطيط «جيش واحد لدولة واحدة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يتوقف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن إبهارنا بما يتلوه على مسامعنا من حكايات وقصص، تشع من بين ثناياها رياح التجربة.

وتتجلى الخبرة في أبهى صورها، التي نعاينها عبر جملة المحطات المفصلية، التي يتوقف عندها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في كتابه «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً»، لافتاً أنظارنا إلى الطريقة التي بنيت عليها الدولة، وكيف تم تأسيس جيش الإمارات، الذي يصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بأنه «الرادع للأعداء الخارجيين»، وأنه «الضامن للتماسك الداخلي».

صناعة الوحدة

بناء جيش موحد للدولة الجديدة، بدا من أكثر المهام التي تولاها سموه حساسية، هكذا آثر سموه أن يفتتح قصة «جيش واحد لدولة واحدة»، تلك الحاملة لرقم 29 في كتاب سموه «قصتي»، فاتحاً أعيننا عبر مشاهد الحلقة الـ 43 من برنامج «قصتي» الوثائقي، الذي تولى إنتاجه المكتب التنفيذي لسموه، ويعرض على شاشات تلفزيون دبي، ومنصّاته المتعددة، على مهمته في بناء القوات المسلحة.

متجاوزاً بذلك كافة التحديات والصعاب التي واجهته، وهو الذي تعوّد أن «يقاتل إلى جانب رجاله عندما يلبون النداء»، قائلاً: «كنت حريصاً على أن أكون أول من يقود الرجال في النزاعات المسلحة، وآخر من يغادر».

«من أكثر المهام حساسية التي توليتها في حياتي، بناء جيش موحد للدولة الجديدة. الجيش دائماً أساس وضمان وحماية واحترام بين الأمم»، بهذا التعبير، يشرع الباب أمام قصته، ويضيف:

«وفي حالة دولة الإمارات، كان التحدي الرئيس، بناء جيش رادع لأعداء الخارج، وضامن لاستقرار الداخل، والعمل على توحيد كافة القوات الإماراتية خلال الدورة الأولى من عمر الحكومة الاتحادية، وهو خمسة أعوام، أي قبل عام 1976».

خطة وطنية

في تفاصيل الحكاية، يفتح سموه أرشيف تلك الأيام، التي تولى فيها مهمة تنفيذ الخطة التي باركها المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما.

ويشير سموه إلى أنه «فور تأسيس الاتحاد في 2 ديسمبر 1971، بدأ العمل على إدارة عملية تسلم المهام من القوات البريطانية»، قائلاً: «كنت أعرف قاعدة سلاح الجو الملكي في الشارقة حق المعرفة. وفي 22 ديسمبر، تسلمت منهم «قوة ساحل عمان»، التي تحولت إلى «قوة الدفاع الموحد»، والتي ضمت نحو 2500 فرد.

وقد شكلت تلك القوة لاحقاً، نواة صلبة لقواتنا المسلحة، التي توسعت لتضم قوات دفاع الإمارات المحلية، التي أنشئت من قبل حكام الإمارات».

منذ اللحظة الأولى، كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يدرك هدفه، ويعرف جيداً كيف يستطيع تحقيقه، وفي ذلك يقول: «الهدف الأول الذي سعيت إلى تحقيقه، بصفتي وزيراً للدفاع، هو توحيد قواتنا المسلحة قبل حلول عام 1976، تمكنت من تحديد الآلات والتكنولوجيا التي نحتاجها.

كما حرصت بنفسي على فحص وتجربة كل قطعة من الآلات والمعدات التي كنا نجلبها، كنت قادراً على رؤية وتحديد ما الذي سينجح في صحرائنا، وما الذي سيكون فعالاً ومناسباً للتضاريس المختلفة، وما الذي سيقاوم أشعة الشمس الحارقة، وينقذ حياة رجالنا في الوقت نفسه».

لقد أثبت سموه آنذاك، قدرته على تحمل المهام مهما عظم ثقلها، وأن يستفيد من التحديات، ويحولها إلى نجاحات، وهنا، يفتح سموه أعيننا على تفاصيل أعمق في مهمته، حيث يقول:

«في ذلك الوقت، كان لدي نواة من الرجال الذين تدرجوا في الرتب خلال ثلاث سنوات من التدريب والتعليم، وكنت قد أجريت محادثات مع جيوش المنطقة، وأرسلت مجموعات صغيرة للمشاركة في دورات تدريب العمليات في المنطقة، كان لا بد أن يفهم ضباطي أنظمة تلك الجيوش.

ولذلك، قمنا بتجربة الأسلحة والأنظمة، وهياكل القيادة من جيراننا، كالأردن ومصر، كما أرسلنا ضباطاً إلى الخارج، إلى بريطانيا وغيرها، وهكذا أدركت أنني سأتمكن من تفويض بعض صلاحياتي لبعضهم، وأنه سيتسنى لي العمل على إنشاء وزارة الدفاع».

إدراك سموه لطبيعة الخطوات التي يمضي بها، مكنته من البدء في إنشاء وزارة الدفاع، بعد اطمئنان قلبه على عملية تأسيس الجيش، ويقول: «كنت أعرف أن مؤسسة الوزارة، تعتمد في المقام الأول على العلاقات والشبكات التي سنقيمها وننشئها خلال أقصر وقت ممكن، ولذلك، بدأت بعقد عدد هائل من الاجتماعات، مع نظرائي وزراء الدفاع في بلدان المنطقة».

رجال ونداء

رغم انشغاله بالمهمة الملقاة على عاتقه، إلا أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لم يتخلف عن المقدمة، كان، ولا يزال، موجوداً فيها، ولم يغض الطرف أبداً عن مهام التدريب، حيث يقول: «على الرغم من ضغط العمل، إلا أنني حرصت على ألا أفوت أي تدريب صباحي في ساحة العرض مع رجالي، لأنني كنت حريصاً على متابعة التطورات بدقة.

كان العمل بتسع عشرة ساعة، جزءاً من حياتنا الطبيعية، في تلك الأيام، قمت بأول عملية شراء للمعدات أيضاً، ورأى رجالي بكل شفافية، أنني اخترت أفضل المعدات العسكرية المتوفرة آنذاك، ما أضفى السعادة على الجميع».

أيام عظيمة وتحديات

يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في قصة «جيش واحد لدولة واحدة»، أنه «بقدر ما كانت تلك الأيام عظيمة، فقد انطوت على الكثير من التحديات». ويقول: «عندما كان رجالي يلبون النداء للقتال، كنت أقاتل إلى جانبهم، كنت حريصاً على أن أكون أول من يقود الرجال في النزاعات المسلحة، وآخر من يغادر»، مضيفاً:

«تعاملنا مع نزاعات مسلحة بين بعض القبائل، ومحاولة انقلاب ومقتل حاكم الشارقة، ومحاولات اختطاف طائرات، وتوترات إقليمية، وتهديدات مستمرة، لكن كنا نعرف أننا نمضي في الطريق الصحيح، وأن اتحادنا يترسخ يوماً بعد يوم».

Email