روبن هاموند يعاين تأثير التصوير على تغيير حياة الناس

«اكسبوجر 2021» يناقش أثر الحروب على المصوّر الصحفي

ت + ت - الحجم الطبيعي

عقد المهرجان الدولي للتصوير «اكسبوجر»، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، في نسخته الخامسة، حواراً ملهماً بعنوان «أين ترسم الخط؟»، استضاف فيه المصورين الروسيين «سيرجي بونوماريف» و«ديمتري بيلياكوف»، للحديث عن العديد من تجاربهم الخاصة كمصورين في مناطق النزاع وأثر الحروب وصعوبتها على أعمالهم وحياتهم.

وتناول المصوران خلال الجلسة التي أدارها المصور راي ويلز تغطيتهما للصراع في أوكرانيا بين انفصاليين روس وقوات موالية للحكومة، والصعوبات التي مرّوا بها، حيث قال سيرجي بونوماريف: «عانيت كوني مواطناً روسياً من قمع القوات الحكومية الأوكرانية لي وضربت وكُسِر ضلعي لأنهم اعتقدوا أنني مع الجانب الآخر من الصراع».

وتابع: «الأمور في الحرب معقدة، وما لا يراه الناس على أرض الواقع لن يستطيعوا فهمه كفاية، الكثير من المتابعين والموالين غسلت أدمغتهم، في أوكرانيا حاولت القوات الموالية لها السيطرة على منابع الإعلام لبث رسائلها ودعايتها السياسية، وقد كُنت أتجنب الصراع المباشر مع الأطراف، حيث أسعفتني لكنتي الروسية أمام الموالين لروسيا، بينما زميلي كانت لكنته الأوكرانية بطاقة عبورنا من نقاط التفتيش الحكومية».



لست محايداً

وعن البقاء على الحياد كمصور صحفي خلال الحرب، خاصة فيما دار من صراع بين روسيا وأوكرانيا، قال بونوماريف: «في الحرب من الصعب أن تكون محايداً، لذلك قررت أن أوقف عملي في أوكرانيا لأنني أدركت أنني لا أستطيع أبداً أن أبقى على حياد، كلا الجانبين في هذا الصراع يمت لي بصلة، جزء من أسرتي يقتتل هنا وآخر هناك، الأمر مختلف عن ليبيا وسوريا والعراق وغيرها، ففي بلادي لا أستطيع أن أفصل الصراع عنّي شخصياً».

وأكد أنه في حال سنحت له الفرصة للعودة لتغطية الأزمة السياسية بين البلدين سيرفض، وقال: «لن أجد كلاماً هذه المرّة يناسب كل الأطراف، وسأضع نفسي في مشاكل وهذا أمر صعب بالنسبة لي».



أعصاب باردة


من جهته قال ديمتري بيلياكوف: «عندما تحمل كاميرا تكون محطّ أنظار الجميع، ذات يوم كنتُ أقف مع مجموعة من الأشخاص واقترب منّا مجموعة من المسلحين وكانوا يصرخون أن الصحفيين يجب أن يُقتلوا، ووضع أحدهم المسدس على بطني لكنه لم يطلق الرصاص وكنت أنتظر تلك اللحظة أن تنتهي.

تعلمت من تلك التجربة أنه على المصوّر الصحفي في مناطق الصراع أن يكون بارد الأعصاب».

وتابع: «لطالما كان لدي مقولة أرددها بيني وبين نفسي خاصة أنني أمضيت وقتاً طويلاً في ساحات الحروب، وهي: إن الحياة ليست أبيض وأسود وحسب، بل هناك منطقة رمادية، يجب الاهتمام بها، ويمكنني القول إن عملي في هذا المجال وإصراري على مواقفي زعزع علاقتي بأهلي وأصدقائي، لأنه تطلب مني أن أكون صادقاً». وختم حديثه بالقول: «أحد الأسباب التي جعلتني أكره الحروب هي أن الأبرياء يذهبون ضحيتها. لقد كانت صور الجثث دائماً تجعلني في حالة نفسية صعبة. لقد علمت منذ بداية الصراع أنه سيكون قبيحاً».



جلسة ملهمة

ومن جهته أكد المصور العالمي روبن هاموند أن بعض الصور لديها القدرة على تغيير نظرة العالم إلى القضايا المجتمعية المهمة، مما يجعل عملية التصوير بـ«المهمة غير السهلة»، جاء ذلك خلال تقديمه لجلسة ملهمة، حملت عنوان «مُدانون ـ الصحة العقلية في الدول التي تعاني من أزمة»، عقدت ضمن فعاليات النسخة الخامسة من المهرجان الدولي للتصوير «اكسبوجر» الذي تتواصل فعالياته في إكسبو الشارقة، حتى 13 فبراير الجاري.

واستعرض المصور هاموند مسيرته المهنية، وأبرز المشاريع التي عمل عليها، واستطاع من خلالها تسليط الضوء على شريحة من الناس الذين يعانون من مشكلات في صحتهم العقليّة، وما يتعرضون له من معاملة قاسية، خاصة في بعض الدول التي تعاني من أزمات وحروب وفقر.



إحداث تغيير

واستهل هاموند آثر الجلسة بالإضاءة على الهدف من التصوير ومدى قدرته على إحداث التغيير، وقال: «في 2011 طلب مني التوجه إلى جنوب السودان، من أجل تغطية عملية الاستفتاء على حق تقرير المصير، والذي جاء بعد صراع طويل، أدى إلى مقتل الآلاف ونزوح أعداد كبيرة من السكان نحو مناطق أخرى، وخلال تواجدي هناك لفتت نظري فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة تتسول على جانب الطريق، حينها سألت السائق عن ما يقدمه البلد من دعم للمصابين بأمراض عقلية وإعاقات ذهنية، فكانت إجابته بأنه يتم إيداعهم في أحد السجون، فطلبت منه اصطحابي إلى المكان، حيث عثرت هناك على عشرات الأشخاص وقد قيدوا بالسلاسل، وبعضهم يمكث في زنازين تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، ويعيشون جميعاً أوضاعاً صعبة، وذنبهم الوحيد أنهم يعانون من إعاقات ذهنية».



تقديم المساعدة

وتابع: «تلك المشاهد كانت كفيلة بدعوتي للعمل على تقديم المساعدة لهذه الشريحة، من خلال توثيق قصص حول الصحة العقلية والنفسية والاجتماعية في مجموعة من الدول»، وأكد أن التجربة التي مر بها في جنوب السودان، دعته إلى تخصيص حياته لتوثيق معاناة أولئك الذين يعانون من مشكلات في الصحة العقلية. وقال: «خلال جولاتي في عدد من دول العالم، اكتشفت مدى تأثير الحروب والأزمات التي تمر بها الدول، وكذلك تأثيرات الفقر والسجن على هذه الشريحة، وكيف يمكن أن تساهم في زيادة أعدادهم». وأوضح أن اختياره لمساره المهني دفعه للتواصل مع مجموعة من المنظمات الدولية من أجل تحفيزها على تقديم الدعم لأبناء هذه الشريحة، وتخليصهم من السلاسل التي يتم تقيدهم بها لما في ذلك من تأثير كبير على صحتهم العقلية والجسدية أيضاً.



ورش متنوعة

وشهدت فعاليات اليوم الأول من المهرجان إقامة عدة ورش تناولت مجموعة متنوعة من الموضوعات حول العناصر الجمالية والتقنية والفنية لمهنة التصوير، حيث قدم المصور مايك براون ورشة عمل بعنوان «تفسير البعد البؤري» سلط فيها الضوء على أهمية إتقان مهارة تعديل البعد البؤري وضبطه وتطبيقه بشكل صحيح لالتقاط صور مميزة.

وقال في حديثه للمشاركين في الورشة: «يحتاج المصوّر إلى إتقان خمسة عناصر لالتقاط صورة جيدة، هي الغالق، وفتحة العدسة، ومعدل تعرض المستشعر للضوء (ISO)، والبعد البؤري، والتركيز الأوتوماتيكي، فالمعرفة المتعمقة بهذه العناصر الخمسة هي مفتاح الصورة الجميلة، حيث يسهم حسن استخدامها بتغيير جذري في الصورة ووقعها في نفس المشاهدين والمشاعر التي تثيرها فيهم».

وخلال تناول الجوانب التقنيّة، وجه مايك براون بعض النصائح العملية للمشاركين في ورشة العمل، مستعيناً بالتجارب الكثيرة التي مر بها في مسيرته المهنية، وأكد على أهمية مراقبة كافة الجوانب والإعدادات أثناء عملية التصوير، وليس فقط مراقبة موضوع الصورة، مشيراً إلى أن الصور الملفتة للنظر تتطلب من المصوّر أن يتحرك مع الكاميرا وأن يرقص معها إذا تطلب الأمر.



كيمياء الصورة

وقدم براون ورشة عمل ثانية بعنوان «كيمياء الصورة» وجه فيها للمشاركين مجموعة من النصائح حول كيفيّة تحويل الصور العادية إلى صور استثنائية، وقال: «تعد هذه الورش مهمة جداً لهواة فن التصوير، فهي لا تتناول الكاميرا وإعداداتها وحسب، لأن الكاميرات لا تلتقط الصور بل المصورون يلتقطونها، وإنما تلهم المشاركين وتساعدهم على التفكير مثل الفنانين والمهنيين القادرين على إحداث التأثير».

وقدم المصوّر عامر دابوب ورشتي عمل حملت الأولى عنوان «أساسيات التصوير: مقدمة حول فن التصوير»، والثانية «تصوير البورتريه»، حيث عرف المشاركين على هذين الموضوعين وتناول بعض الجوانب التقنية المتعلقة بتصوير البورتريه الاحترافي.

وفي آخر ورش اليوم الأول التي جاءت بعنوان «خلق عامل الإبهار في تصوير المناظر الطبيعية» التي قدمها مصوّر الرحلات العالمي إليا لوكاردي، تعرف المشاركون على التقنيات التي استخدمها لوكاردي في تحرير الصور وتعديلها ومعالجتها لتقديم مجموعات صوره التي لاقت إشادة وقبولاً عالمياً.

Email