«مستقبل اللغة العربية» معاينة للواقع واستشراف للمستقبل

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حالة اللغة العربية والأوضاع المحيطة بها، مثلت العمود الفقري لجلسة «مستقبل اللغة العربية»، التي عقدها مهرجان طيران الإمارات للآداب، أمس، في فندق إنتركونتيننتال دبي فستيفال سيتي، واستضافت معالي نورة الكعبي وزيرة الثقافة والشباب، والدكتور علي بن تميم، الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، وعبد السلام هيكل، الرئيس التنفيذي لمجموعة هيكل.

وسلطت المتحدثون الضوء خلال الجلسة، على تقرير «حالة اللغة العربية ومستقبلها»، الذي يرصد واقع اللغة العربية، ويستشرف مستقبلها، وكيفية التعامل معها، حيث وصف التقرير بـ «الوثيقة المهمة»، التي يمكن الارتكاز عليها لمعاينة أوضاع اللغة العربية، ومدى قدرتها على استيعاب التغيرات. كما ناقشت الجلسة، النتائج المفاجئة للتقرير، الذي أجرته وزارة الثقافة والشباب.

جهود

في كلمتها الافتتاحية للجلسة، التي حضرها معالي الأديب محمد المر، أثنت معالي نورة الكعبي، على الجهود التي تبذلها مؤسسة الإمارات للآداب، وإصرارها على إقامة مهرجان طيران الإمارات للآداب، في ظل الظروف الاستثنائية التي نمر بها حالياً، واصفة ذلك بـ «جهد فذ»، قائلة إن كل ذلك «يبعث على الارتياح تجاه كل ما من شأنه أن يحتفي بالكلمة، بأي صورة تصلنا أو تمسنا، وهذا التداخل عن قرب مع صناع الأفكار، وهذه الاحتفالية العربية بالآداب والثقافة الإنسانية، هذه الاحتضانة بكل ما فيها من زخم وتعدد وثراء، استوقفتني هذه الكلمات لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يشرفني أن أضعها أمامكم اليوم، كفاتحة لحديثي إليكم، «اللغة العربية، هي شريان الأمة ووعاء تاريخها، ورمز عزتها وحضارتها وثقافتها، وأساس لتقدمنا ورفعتنا»..». وأضافت: «هذا التشخيص الدال، والانتباه لأن نكون ضمن خريطة العالم وحسب، بل أن يكون لهويتنا وعراقتنا خريطة لغوية، نلتمس من خلالها أن نمتد لكل الرحابة الإنسانية بجدارة تليق بنا، والوجود في عالم معاصر، بلغة زاخرة حية، بمقدورها أن تعبر عن الإنسان العربي وحداثته وتدفقه، وبوحي منها».

وذكرت معاليها أنه، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الداعمة، شرعت وزارة الثقافة والشباب، في إعداد تقرير «حالة اللغة العربية ومستقبلها». وقالت: «جهد أكاديمي وبحثي، استغرقنا لسنتين، وضعنا، وبواقعية، في صورة التحديات الماثلة أمام لغتنا العربية، وبمحاوره العشرة، سلط التقرير الضوء على بعض المظاهر اللافتة، التي تسترعي الانتباه»، وأشارت إلى أن التقرير تحدث «عن منصات النشر الرقمية باللغة العربية، وعن التزايد اللافت، سواء من ناحية أعداد الكتب الرقمية المنشورة عليها، أو في أعداد مرتاديها».

ملاذات

وقالت: «لقد أشار التقرير إلى ملاذات النشر الرقمي، إن صح لي التعبير، تلك المنصات الرقمية المعنية في نشر الروايات العربية الإلكترونية، وتعمل بمثابة حاضنة لنتاج الكتّاب الشباب في بداية مشوارهم الروائي، وبديل متاح لدور النشر الورقية، مع الإقرار بأنه يلزمنا الكثير من الجهد، لاحتواء كل هذه المبادرات والبوادر، وتطويرها، والبناء عليها، وتوفير ما من شأنه أن يأخذ بيدها إلى انتشار وتوسيع مظلة المستفيدين منها، إيماناً منا بدورها في رفع الإبداع، وتماشياً مع الأنماط المستمدة على المشهد الثقافي العربي».

ونوهت معاليها بأن التقرير وضع ضمن توصياته «إنشاء مرصد عربي للكتابة»، قائلة بأنه جاء: «ليكون بوسعنا أن نتابع، ومن خلال حركة النشر العربي، ومواجهة ظاهرة قرصنة الكتب، بكل ما تشكله من أرق للكتّاب والناشرين، على حد سواء، سيعمل المرصد، إن قُدّر لفكرته أن ترى النور، على إعلاء شأن حقوق الملكية الفكرية، والوعي بجدواها في تطوير بيئة النشر الإلكتروني، ودورها في تمهيد الأرضية أمام جدوى الاستثمار في قطاع النشر بشقية الورقي والرقمي»، وأكدت معاليها أن «تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها، ما هو إلا نقطة ضوء في سطور». وقالت: «اللغة العربية لا تخذل، وبوسعنا أن نتقدم بها، وبوسعنا أن تتقدمنا، وتعيد تقدمنا إلى العالم».

انطباعات

من جانبه، وصف الدكتور علي بن تميم، الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، التقرير، بالمهم جداً. وقال: «التقرير عمل عليه أكثر من 125 باحثاً، ومن ضمنهم شخصيات اعتبارية ومؤسسات وشركات وجامعات ومجامع، تمحورت حول هذا الجهد، لرصد التحديات، وتخلص إلى مجموعة من الحلول».

وأضاف: «عندما ننظر إلى اللغة العربية، نكتشف وجود ثمة الكثير من الانطباعات، وثمة أفق متعاظم من التأويلات، عندما نصف اللغة العربية، وكذلك طموحات عديدة». وتابع: «التقرير حاول الجمع بين الانطباعات الشخصية في الشهادات، حيث لا يمكن إقصاء هذه الشهادات، وكذلك دراسات موضوعية، ترصد وتصف واقع اللغة العربية»، مشيراً إلى أن هذا الجمع أعطى التقرير تميزاً نوعياً.

وفي رده على سؤال حول كيفية الاستفادة من هذا التقرير، قال بن تميم: «عندما ننظر إلى واقع اللغة العربية، هناك قدرة على وصف المشكلات، دون الخروج إلى الحلول، ولكن هذا التقرير استطاع أن يطرح التحديات، وأن يرصد الفرص، وأن يخرج بالحلول»، وقال: «بالنسبة لنا في مركز أبوظبي للغة العربية، نحن نعد هذا التقرير، وثيقة مميزة نعتز ونفتخر بها، ولا شك أن كثيراً من الأفكار وما يحتويه التقرير، قابلة للتطبيق».

إنجاز

أما عبد السلام هيكل، الرئيس التنفيذي لمجموعة هيكل، التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، فقال في مداخلته «الأدباء والعاملون في القطاع الأدبي، هم الأقل تشاؤماً بشكل عام حول اللغة العربية، التي قد تنافسها لغات أخرى في المعاملات اليومية، واستخدام الإنترنت، ولكن ليس في الأدب»، معتبراً أن «الأدب هو من حراس اللغة». وقال: «ما نجده اليوم من الشباب يكشف عن لغة حية، تنقل الأحاسيس والمشاعر التي تنقلها بدقة».

ونوه بأن التقرير إنجاز استثنائي بكافة المقاييس، وقال: «التقرير جمع باحثين من كافة أنحاء الدول العربية، بطريقة أعتقد أنه لا يمكن إلا للإمارات أن تقوم بها، حيث يعملون في قطاعات مختلفة، بقيادة الباحث الدكتور محمود البطل، وهو من الفاعلين في تجديد مقاربات اللغة العربية»، مشيراً إلى أن هدف التقرير، كان هو إخراج اللغة العربية من «القيل والقال»، إلى بناء نقاط مرجعية، وبيانات تساعد على مقاربة علمية وعملية.

وأضاف: «عندما بدأ المشروع، لم يكن عن اللغة العربية بحد ذاتها، حيث دأبنا على أن نسمع أنه من واجبنا خدمة اللغة العربية، ولكن بتقديري أن الأصح، هو أن على اللغة أن تخدمنا كأفراد ومجتمعات، ومن واجبنا أن نساعد اللغة على خدمة بلادنا واقتصادنا وإنساننا العربي»، مؤكداً أن «الحالة السلبية التي تحيط باللغة العربية، ليست جيدة، ولا تخدمها».

شكل قرار منح المثقفين والمبدعين وأصحاب المواهب، الإقامة الثقافية أو الذهبية، واحداً من القرارات التي أكدت مكانة دبي عالمياً، بوصفها مركزاً عالمياً للثقافة وحاضنةً للإبداع وملتقى للمواهب، حيث استطاعت الإمارات عبر هذا القرار أن تتصدر المشهد الثقافي العالمي، مع استقطاب الأدباء والفنانين والمبدعين، وترسيخ نفسها حاضنة لأهم المواهب والإبداعات العربية والعالمية جزءاً من مسعى رئيس لتحريك الاقتصاد الثقافي، واستقطاب المواهب والاحتفاظ بها وتمكينه.

Email