ممدوح حمادة مؤلف «ضيعة ضايعة» و«الخربة»:

الفن ليس قوة سياسية لتغيير الواقع

ت + ت - الحجم الطبيعي

ممدوح حمادة، روائي وصحافي وكاتب سيناريو ورسام كاريكاتير في فترة ما من حياته. يقودك في نصوصه إلى درجة الإدهاش، التي وصلت ذروتها وخصوصاً في عمليه التلفزيونيين: «ضيعة ضايعة»، و«الخربة».

قدم العشرات من الأعمال، بدءاً من «عيلة ست نجوم»، و«بطل من هذا الزمان»، انتهاء بـ«الواق واق»، الذي عرض في رمضان الماضي، مروراً بـ«ضبو الشناتي»، والذي يروي حكاية عائلة سورية قررت الهجرة جراء الحرب الدائرة في البلاد، فانتهى مصيرها في أعماق البحر. من مواليد عام 1959 من الجولان السوري المحتل، درس الصحافة في جامعة بيلاروسيا الحكومية في مينسك أيام الاتحاد السوفييتي سابقاً، وتخرج منها عام 1994 بدرجة الدكتوراه.

وعمل مدرساً في الجامعة هناك، وأخرج عدداً من الأفلام القصيرة. «البيان» التقت حمادة، وحاورته حول تجربته في الأدب والشعر وكتابة السيناريو، حيث أكد أن مسؤولية الفن الإشارة إلى معالجة القضايا من خلال الإشارة إلى مواضع الخلل، وبذا فهو ليس حزباً او قوة سياسية نعول عليها في تغيير الواقع.

بين الفاعلية والرمزية

يرى الفيلسوف الألماني هيغل أن «فاعلية الإدهاش أهم ما يجب أن يتمتع به العمل الرمزي». كيف وصل ممدوح حمادة إلى هذه الدرجة، وأخص هنا «ضيعة ضايعة» و«الخربة» وحتى في «ضبو الشناتي» و«الواق واق»، وإن بدرجة أقل؟

عندما يكتب الإنسان بصدق ويعيش الحالة التي يتحدث عنها ويفعّل خياله، لا بد من أن يصل إلى الحالة التي تشير إليها، وأرجو أن تكون قد تحققت ولو بشكل نسبي في أعمالي هذه، أنا بصراحة لا أستطيع أن أقول إنني وصلت أو لم أصل إلى هذا المستوى الذي ذكرت.. فهذا من مهمة النقاد والجمهور.

يعاد عرض هذه الأعمال بشكل دوري على الكثير من الفضائيات، ويتابعها المشاهد دون ملل. في كل مرة نكتشف فيها أشياء جديدة. كيف تفسر هذا؟

الكوميديا تتميز بذلك عموماً، فهي لا تعتمد التشويق في بنائها التقني بقدر ما تعتمد المفارقات، وبالتالي فإن إعادتها لا تفقدها زخم ارتباطها بالجمهور، بعكس الأنواع الدرامية الأخرى المبنية على الحكاية التي تصبح معروفة للجمهور بعد العرض الأول، ما يفقدها فاعليتها في العرض الثاني، وربما يكون العرض الثالث لها بارداً.

التنبيه إلى خلل

في نهاية مسلسل «ضيعة ضايعة - الجزء الثاني»، تصور اندثار الضيعة، في تحذير مبطن، ودعوة للتنبه، رغم أنك كتبت السيناريو قبل الحرب في سوريا. ما فائدة رسائل التحذير كهذه إن لم يسمعها أحد؟

الذي يوجه التحذير يقوم بواجبه، ولا يتم محاسبته على ذلك. السؤال يوجه لمن لا يسمع التحذيرات، فالعمل الفني ليس حزباً ولا قوة سياسية يمكن التعويل عليها في تغيير الواقع. والتنبيه إلى خلل ما هو أكثر ما تستطيع فعله، من هنا فأنا عندما أحذر من شيء فإنني أؤدي الوظيفة المنوطة بي ككاتب، ولا أستطيع أن اطلب ضمانات من أحد لكي أقوم بالتنبيه، هذا خارج إمكانياتي.

في مسلسل «الخربة»، تختلف النهاية، إذ يُسقطُ أهل القرية مشروع تقسيمها، ويشعر «أبو نايف وأبو نمر»، محركا الشر فيها بالندم، لدرجة تجعلنا نتعاطف معهما. ما تفسيرك لذلك؟

في «الخربة» أردت القول إن من يتأخر في اتخاذ قرارات صحيحة يصبح خارج اللعبة، ولم تكن لدي أدنى رغبة في أن يتعاطف الجمهور مع الشخصيتين اللتين في الواقع تمثلان شراً مبرماً. ولكن رومانسية المشهد، وربما رومانسية الجمهور، جعلت الصورة تبدو كذلك، أنا نفسي هنا أبحث عن تفسير.

لم ينل عملك الأخير «الواق واق» الشهرة نفسها، مقارنة مع «الخربة» و«ضيعة ضايعة». ووجّهت انتقادات لتشابه أداء بعض الشخصيات مع مسلسل «ضيعة ضايعة» و«الكابتن طنوس» و«عبده غلاصم»، كما رأى البعض أن بعض الإسقاطات كانت مباشرة وإن اعتمدت على الرمزية، ما تعليقك على ذلك؟

«الواق واق» تجربة جديدة وتقبُّلها بالطريقة التي تم تقبل بها الأعمال الأخرى صعب. وفي الحقيقة فإن نجاح عمل في بعض الأحيان يصبح عائقاً في وجه الأعمال الأخرى، حيث يطمح الجمهور لرؤية عمل شبيه له، بينما الحالة الصحية هو أن يقدم العامل في حقل الدراما دائماً شيئاً جديداً، وأي عمل معرض لانتكاسات لهذا السبب أو ذاك.

حاول البعض استخدام شخصيات في أعمالك لخدمة توجه سياسي معين.. ما تعليقك على ذلك؟

عندما تسود شريعة الغاب ماذا يمكنك أن تفعل؟ بصراحة لم أعد أعير أي اهتمام لمثل هذه الأمور، لأنك تخوض نقاشاً مع أشخاص مستعدين بكل دم بارد لارتكاب الخطايا السبع دون أن تهتز لهم شعرة، أترك الحكم للجمهور وأكتفي بذلك.

مشاريع جديدة

درست الإخراج السينمائي في بيلاورسيا حيث تعيش الآن، وتخرجت عام 2009 ماذا عن هذا الجانب في حياتك؟ وما جديدك كروائي وكاتب للقصة القصيرة؟

أقوم بين فترة وأخرى بتصوير أفلام قصيرة بما تسمح به إمكانياتي المادية، كونه لا يوجد لي علاقات بشركات الإنتاج، وقد صورت حتى الآن ثلاثة أفلام ولكنها لم تعرض خارج إطار سوشيال ميديا، أما في مجال الكتب فأنا أتابع نشر دفاتري التي كان آخرها الدفتر الخامس «دفتر الهذيان»، وهناك قيد الطبع قصة اسمها «أحلام رودي»، ومسرحية اسمها «الجلاد المتقاعد».

ما الأثر الذي تركه الاغتراب على تجربتك؟

الاغتراب يغني شخصية الإنسان ويكسبه خبرات جديدة، ويهيئ له التعرف على ثقافات أخرى، وأنا لا أرى فيه مأساة للإنسان.

Email