في الحلقة الـ33 من البرنامج الوثائقي «قصتي»

«ثلاثة دروس مع بداية حكم راشد» قواعد ذهبية في القيادة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الرجال هم من يصنعون التاريخ، وليس العكس، والمغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، صنع تاريخه ومجده الذي لا يزال قائماً، فقد كان، رحمه الله، معلماً وقائداً، وحكيماً، ومن سيرته نستلهم الدروس والحكمة، فقد كان له فلسفته الخاصة في الحكم، والتي أسست لنهضة دبي.

ذلك ما نستقيه من قصة «ثلاثة دروس مع بداية حكم راشد»، الحاملة لرقم 12 في كتاب «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً»، لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي يكشف فيها عن بعض ملامح فلسفة الحكم في عهد والده، مانحاً إيانا عبرها ثلاثة دروس أساسية في الحكم والقيادة، حيث يقول: «ثلاث نصائح من حكيم ومعلم أصبحت منهج حكم لي، وفلسفة حكم مع شعبي».

حكاية «ثلاثة دروس مع بداية حكم راشد» التي شكلت جوهر الحلقة الـ33 من برنامج «قصتي» الوثائقي، المستلهم من كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي تولى إنتاجه المكتب التنفيذي لسموه، ويعرض على شاشات تلفزيون دبي ومنصاته المتعددة، ليست عادية، فهي غنية في معانيها، وثرية بالحكمة، جميلة في مشاهدها التي تمددت على مدار نحو 7 دقائق ونصف الدقيقة، ويبدو فيها مستوى الحماس عالياً، كما في بداية القصة التي يفتتحها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بقوله: «بدأ الشيخ راشد حكمه بطاقة كبيرة، وحماسة عالية وروح متقدة».

مدرسة راشد

مرافقة سموه لوالده كانت كفيلة بأن تفتح أمامه طريق التعلم، حيث يؤكد لنا بأن «كل يوم في حكم الشيخ راشد كان مدرسة» بالنسبة له، ويقول: «أذكر أنه من القرارات الأولى التي اتخذها الشيخ راشد بعد توليه مسؤولية الحكم، تأسيس مجالس للبلدية والتجار، وغيرهم من الأشخاص الموهوبين في مجتمعنا، وعندما سألته عن سبب دعوته إلى كل هذه الوجوه، نظر إلي بكل جدية وقال: الإنسان لا يتوقف عن التعلم، نريد منهم أن يخبرونا كيف يريدون أن نبني دبي، ونريدهم أن يعلموك كيف تكون قائداً».

«المعرفة والتعلم» كان عنوان الدرس الأول، الذي تلقاه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على يد والده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراه، ويصفه سموه بأنه «كان الكلام عميقاً وبسيطاً»، ويضيف: «الإنسان لا يولد كاملاً، هو بحاجة إلى عقل غيره لاستكمال عقله ورأيه، وهو بحاجة لتعلم مستمر، بحاجة إلى مشورة من حوله أيضاً، كبرت وتعلَمتُ بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يستشير أصحابه وهو المعصوم عن الخطأ».

ويتابع: «كبرت ورأيت حكاماً وحكومات عربية لم يهتموا بالاستماع لرأي شعوبهم، بشأن الكيفية التي يريدون بها أن تُبنى دولهم. كبرت وشاهدت قادة كباراً لدول عظيمة كان خطؤهم التاريخي الأكبر الذي أطاح بهم هو مستشاروهم المنافقون»، تلك قاعدة ذهبية في الحكم يقدمها لنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على طبق من ذهب.

«صناعة القادة»

درس آخر، حمل بين ثناياه الكثير من الحكمة، فسموه يؤمن بأن «صناعة القادة هي صناعة التنمية»، ويدرك المعاني التي خبأتها كلمات والده التي ألقاها على مسامعه ذات يوم، حيث يقول: «في يوم آخر من أيام الشيخ راشد، تعلمت أيضاً شيئاً عظيماً ما زلت أطبقه حتى اليوم، كان الشيخ راشد يحدث أحد الرجال في المجلس ويقول له: «أعتقد أنك نشيط ولديك قدرات قيادية، هل تستطيع إطلاق المشروع الفلاني، ومتابعته حتى النهاية؟ كنت أبدي تبرمي لاحقاً وأهمس له: لماذا قلت لفلان إنه قائد.. هو قليل الكفاءة... كان رده بأن من أهم صفات الحاكم الناجح أن يحيط نفسه بقادة آخرين، ونحن نبحث عنهم دائماً، ولكن عندما لا نجدهم نصنع نحن القادة، نعطيهم المسؤولية، ونشجعهم حتى يصبحوا قادة حقيقيين».

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يصفها بـ«كلمات من ذهب»، وهو الذي لم يركن للراحة يوماً، ويقول: «طبقت هذا المبدأ على مدى خمسين عاماً من حياتي، واستثمرت بشكل شخصي في الشباب الطموحين، وخصصت برامج لإعداد القادة الذين أحطتُ نفسي بهم في كافة المناصب التي تقلدتها، واليوم أراهم قادة عالميين في مجالاتهم وأفتخر بهم».

أسرار القوة

«الاقتصاد محرك السياسة»، درس ثالث استلهمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، من إجابة والده، على سؤال ألقاه عليه يوماً ما، حيث يقول: «سألته من هم القادة الحقيقيون في العالم؟ أجاب: القادة الحقيقيون اليوم ليسوا كالماضي، لقد تغير العالم.

القادة الحقيقيون هم العمالقة الصامتون الذين يمتلكون الأموال، وليس الساسة الذين يصدرون الكثير من الضوضاء. هذه الإجابة ما زالت تذهلني حتى اليوم، إن الاقتصاد دائماً هو ما يحرك السياسة»، ويضرب لنا سموه في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، حيث يقول: «الدولة العظمى اليوم، الولايات المتحدة الأمريكية هي الأولى عالمياً ليس بسبب قوتها العسكرية فقط، بل بسبب قوتها الاقتصادية».

إجابة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراه، كانت كفيلة بأن تختصر الكثير من «فكر دبي وفلسفتها»، حيث يؤكد لنا سموه بأن هذه الإجابة تختصر «الكثير من مواقف الشيخ راشد.

كان يفضل دائماً الابتعاد عن ضوضاء السياسة وتشابكاتها، ومعاركها الصفرية، ويقول إنها لم تصنع لنا نحن العرب شيئاً»، ويضيف: «كان كل تركيزه وطاقته ووقته منصباً على المشاريع والاقتصاد، وكان يتجنب أي شيء يمكن أن يجر بلادنا إلى مستنقعات السياسة»، ويؤكد «اعتمدت هذه الفلسفة وهذه النصيحة عن قناعة وإيمان وتجربة أيضاً عبر مسيرتي الطويلة، وأصبحت بلادنا اليوم أيقونة اقتصادية عالمية، بسبب فلسفة الحكم هذه التي أرساها الشيخ راشد فينا».

Email