«جون لوثر».. يضع أبهيجيث جوزيف على طريق النجاح

ت + ت - الحجم الطبيعي

الفيلم الأول يشبه تماماً «الحب الأول» فكلاهما يحمل بين ثناياه تحدياً كبيراً، وكلاهما يشبهان حالة «الولوج إلى قاعة الاختبار»، حيث النجاح يكون مرهوناً بمدى القدرة على الإقناع. ذلك ما ستشعر به خلال متابعتك لتفاصيل فيلم «جون لوثر» (John Luther) للمخرج الهندي أبهيجيث جوزيف، والذي أطل بباكورة أعماله السينمائية، التي ستبدأ عروضها في الصالات المحلية والخليجية 2 يونيو الجاري، وفيه بدا جوزيف قد وضع عصارة خبرته وفكرته التي رسمها على صفحات سيناريو العمل الذي تولى بنفسه تأليف حبكته، ليأتي العمل خالياً من «بهرجة» أفلام بوليوود التجارية، إلا بعضاً منها، ليضمن له موطئ قدم في صالات السينما. 

مشوقة هي حكاية «جون لوثر» التي قدمتها شركة فارس للتوزيع في عرض خاص بصالات فوكس سينما بديرة سيتي سنتر دبي، خيوطها تدور حول «جون» ضابط الشرطة، الذي تعود تولي التحقيق في القضايا المعقدة التي تحتاج إلى البحث والتحليل، لفكفكة خيوطها، ومن خلال السياق، ندرك أن جون يتملكه الشغف حيال عمله الذي ينغمس فيه تماماً، لدرجة تشغله عن الاهتمام بأسرته، حتى في ظل أهم مناسباتها، المتمثلة في حفل خطوبة شقيقته، الذي يصله جون متأخراً ليكون من أوائل الذين يغادرون الحفل، تلبية لنداء الواجب. اهتمام جون بإحدى القضايا، التي يتم وصفها بـ «قضية سياسية»، لم يشغله عن الاهتمام بقضية أخرى، تتمثل في سقوط جثة على ظهر حافلة، حيث تبدو للوهلة الأولى أنها لا تتجاوز حدود حادث مروري، لتكشف خيوطها عن عصابة متورطة بالخطف. جون في هذا العمل، يبدو شخصية حادة، يتقن تماماً القيام بوظيفته، ولكنه يعاني من نقطة ضعف تتمثل في فقدانه للسمع في إحدى أذنيه نتيجة لتعرضه للضرب بضوء «نيون» خلال محاولته القبض على اثنين من المجرمين. 

في هذا العمل الذي تبدو افتتاحيته مبهرة ومثيرة من حيث المشهدية العامة والبدء في تقديم تفاصيل جريمة غامضة، لا يتخلى المخرج جوزيف، عن كونه مخرج أفلام مستقلة، ويسعى جاهداً في السيناريو لإيجاد عناصر مختلفة، قادرة على تعزيز الحبكة التي من شأنها أن ترفع من مستوى الإثارة والتشويق في العمل، ليجد في «الصمم الجزئي» الذي يعاني منه «جون» مفتاحاً له ليزيد من خلاله جرعة التشويق، فمن خلال هذا الصمم نشهد طبيعة التغيير الذي يحدث في سلوك الشخصية نفسها، وقد سعى جوزيف إلى ترجمته على الشاشة، عبر مجموعة من المشاهد التي من شأنها أن تثير «تعاطف الجمهور» مع الشخصية، وفي الوقت نفسه، تثير التحدي في نفس الشخصية، لمواصلة حياته العملية والمضي في عمليات البحث وجمع الخيوط وحل القضايا العالقة. 

المتابع لتفاصيل العمل، سيشعر بمدى الجهد الذي بذله المخرج جوزيف، ليظل ممسكاً بخيوطه الأساسية، من أجل المحافظة على خط سيره وبالتالي ضمان عدم خروج الفيلم عن سياقه الطبيعي، والانجراف نحو «الحشو» الذي قد يفقد الفيلم والحبكة جوهرهما الأساسي ووهجهما، ويمكن القول إن أداء الممثل جاياسوريا قد ساهم في رفع مستوى العمل، فقد بدا طبيعياً وغير متكلف، ولا يشبه ما تعودت بوليوود على تقديمه في أفلامها، في المقابل، لم يمنح المخرج جوزيف أهمية عالية للأدوار النسائية، حيث لم تخرج عن إطار الأمومة والزوجة والشقيقة، في ظل غياب تام عن أدائهن الفعّال في المجتمع، ليبدو أن ذلك قد انصب في إطار محاولة جوزيف التركيز على حبكة الفيلم عبر جعلها «حبكة مشوقة تسير في خطوط مستقيمة»، وصولاً إلى النتيجة التي ينتهي بها العمل، والتي تفضي إلى قاعدة «انتصار الخير على الشر».

Email