جايلز دولي: أنتقي مواضيع صوري مثلما أختار أصدقائي

3568117

ت + ت - الحجم الطبيعي

«عندما تتابع الأخبار وما يحدث في هذا العالم، تدرك تماماً أنك عاجز عن تغييره، وهنا بدأت باستخدام موهبتي بالتصوير الفوتوغرافي في نقل قصص مختلفة عن حياة الشعوب والتوعية بمعاناتها وبضرورة العمل على تغيير واقعها».هذا ما قاله المصور البريطاني جايلز دولي الذي يستضيفه المهرجان الدولي للتصوير الفوتوغرافي «إكسبوجر»، في دورته الخامسة التي ينظمها المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، خلال الفترة من 10 فبراير الجاري وحتى الثالث عشر منه في مركز إكسبو الشارقة.

يلتقي المصور البريطاني جايلز دولي جمهور الصور وعشاق وهواة التصوير، ليروي تجربة الصورة التي غيرت حياته، إذ لم يعتقد أنه وفي لحظة تغطيته لمناطق النزاعات المسلحة في أفغانستان أن عبوة ناسفة بدائية الصنع ستفقده يده اليسرى وساقيه، لكنه سرعان ما حوّل تلك اللحظة إلى قوة دافعة أوصلته لأن يتابع مشواره ويترك بصمة كواحد من أهم مصوري الصراعات حول العالم.

ومن تجربة إلى أخرى، تتكشف سيرة جايلز دولي فمن العمل في مجال الأزياء إلى الموسيقى وصولاً إلى تغطية الحروب والنزاعات، مواقف كثيرة كل مرة كان يتجاوز فيها المعوقات باحثاً عن طموحه وحلمه في توثيق معاناة الإنسان ورصد المآسي التي يمر بها يومياً، حيث يقول الفائز بجائزة منظمة العفو الدولية المرموقة عن سلسلة أعماله التي تصور محنة وعزيمة اللاجئات في أنغولا، أبريل عام 2019: «في بداية مسيرتي بمجال التصوير الوثائقي للحروب، لم أكن مصوراً صحفياً بل مجرد رجل يشعر بالغضب لما يراه من مآس ويطوف البلدان حاملاً كاميرا ليوثق بها آثار الحرب ويكشف صورتها الحقيقية».

ويتابع: «بالنسبة لي كان التغيير صعباً، لكنني اكتسبت مهارات مختلفة حتى تمكنت من الانتقال من تصوير الأشخاص والأزياء في الاستوديوهات والمواقع الفاخرة، إلى العمل الوثائقي المحفوف بالمخاطر، إذ إنك كمصور في مجال تصوير الأزياء تكون سيّد الموقف والمتحكّم بالتفاصيل، أما في التصوير الوثائقي فغالباً ما تجد نفسك أمام واقع مفروض، وعليك التعامل معه، هناك العديد من المهارات التي تعلمتها وأخرى أتعلمها حالياً، لكن ما يصنع الفرق هو الغاية من العمل الذي أقوم به والرسالة التي أرغب بإيصالها إلى العالم».

مواضيع

الكثير من المواقف التي يتعرض لها المصور تكسبه خبرات متواصلة أبرزها التواصل مع الأشخاص الذين يحددون شكلاً لمواضيع الصورة، هذا ما يؤكده دولي حيث يرى أن التواصل أمر ضروري مع الشخص الذي يريد المصور تصويره وتوثيق قصته للوصول إلى الكثير من الحكايات، ويقول: «أركز بالدرجة الأولى على التواصل، وذات مرّة سألني أحدهم كيف تختار المواضيع التي ترغب بتصويرها، أجبته (بنفس الطريقة التي تختار فيها أصدقاءك)، دون تخطيط مسبق وإنما باتباع الحدس. عندما أسافر إلى مكان جديد، لا أحب أن أعرف مسبقاً القصة التي سأقوم بتصويرها، بل أسعى دائماً لاكتشاف تجارب جديدة لأشارك بها العالم».

اتجاه صحيح

«مهمة التصوير تتطلب الكثير من الجهد والتركيز، فهو شخص يرى العالم من نافذة عدسة واحدة، يضع الموضوع أمام عينه ليخلّده مرّة واحدة وإلى الأبد، لكن هذا الأمر ليس سهلاً بل يكمن وراءه الكثير من التفاصيل والموهبة والخبرة»، بهذه العبارات يختصر دولي الأدوات اللازمة للمصور المحترف وما يجب أن يتحضر لملاقاته في مسيرته المهنية.

وتابع: المصور الذي يسعى لالتقاط أعمال متميزة لا بد أن يبني علاقة تواصل صادقة مع الموضوع الذي يقوم بتصويره، وبالنسبة لي، التصوير عملية بسيطة تتضمن توجيه الكاميرا في الاتجاه الصحيح ثم الضغط على الزر، لكن في الواقع تطلب الأمر مني 40 عامًا من العمل إلى أن تمكنت من معرفة الاتجاه الصحيح الذي يجب عليّ التركيز عليه.

وأضاف: أنا شغوف في الطهي، وأرى أن الطعام وسيلة رائعة للتواصل مع الآخرين، ولذلك فإن تناول الطعام مع شخص ما يعزز علاقتي به وبالتالي يمكنني من التقاط صور أفضل له، من ناحية أخرى أعتبر الطهي تعبيراً عن الاحترام المتبادل والمساواة، وبالطبع هو وسيلة لإشاعة الفرح والسعادة في قلوب الناس.

لا أشعر بأي ندم!

ما بين العدسة والموضوع الذي يلتقطه المصور حديث كثير، ومعاناة طويلة تجمّدها الصورة وتؤطرها، وفي أحيان كثيرة تسهم في إنهائها، لكنها تعجز عن وصف المشاهد كما يشعر بها أصحابها، فالمصور ينقل الحدث كما هو دون زيادة أو نقصان، وكثيراً ما تخلّف تلك المواقف آثاراً طويلة الأمد على المصورين، هذا ما يشير إليه دولي بالقول: لا أؤمن أنني أستطيع تغيير العالم من خلال أعمالي لكنني آمل أن تكون مصدر إلهام لأصحاب القرار القادرين على صنع ذلك التغيير.

وتابع: أسعى دوماً لقضاء الكثير من الوقت في الأماكن التي تذكرنا بالجانب المظلم للإنسانية، خلال عملي رأيت الإنسان في أسوأ حالاته، لكنني أيضاً رأيت الحب سواء في مشهد جدة تمشط شعر حفيدتها أو أب يدرّس أطفاله على الأرض أو أمّ تطعم طفلها أو زوجين يمسكان بأيدي بعضهما، وهذا ما يجعلني أؤمن أن الحب ما زال موجوداً حتى في أحلك الأماكن وأكثرها شقاءً.

وعن سؤال يتعلق بتأقلمه مع وضعه الجديد بعد ما مرّ به من ظروف خلال توثيق الحروب والصراعات، وهل يشعر بأي ندم على كلّ تلك التجارب؟ أجاب دولي: «لا أشعر بأي ندم».

Email