Pieces of a Woman دراما عاطفية تحاكي ألم الفقدان

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تظن أنك ستكون مرتاحاً أثناء متابعتك تفاصيل فيلم «بقايا امرأة»

(Pieces of a Woman) للمخرج كورنيل موندركسو فمعه لن تتمكن من خلع التوتر عن كاهلك فترة طويلة، لا سيما في مشهده الافتتاحي الذي يمتد لنحو 30 دقيقة، فالعمل يدور حول فقدان طفل وما يصاحب ذلك من ألم، سرعان ما يتسع نطاقه ليصل بالشخصيات للعزلة والحزن والإصابة بالاكتئاب.

«بقايا امرأة» فيلم درامي عاطفي في مقامه الأول، يعد التجربة الإخراجية الأولى للمجري كورنيل موندركسو.

على متنه يعود الممثل شون لابوف إلى الشاشة الكبيرة، بينما بنيت الحكاية برمتها على تجربة حقيقية مرت بها كاتبة السيناريو كاتا ويبر، الأمر الذي يقرّبنا أكثر من شخوص الفيلم وحكايته التي تدور حول شون الذي يعمل في بناء الجسور، وزوجته مارثا، واللذان يقرران أن يعيشا تجربة إنجاب طفلهما الأول في البيت، بدلاً من المستشفى، ولأجل ذلك يستعينان بقابلة شرعية، إلا أن «الرياح لم تجر بما تشتهي سفن شون ومارثا»، حيث يفقدان الطفلة بعد دقائق معدودات من خروجها للحياة، بعد إصابتها بنقص في الأكسجين، الأمر الذي يؤدي إلى دخول الأم مارثا في حالة اكتئاب نتيجة لذلك، ليزيد من وجعها تخلي زوجها عنها في «منتصف الطريق»، بينما تعمل والدتها على دعمها، عبر تشجيعها للحصول على كل حقوقها من القابلة الشرعية، والتي ترى والدة مارثا إنها تسببت في مقتل حفيدتها، إلا أن مارثا وبعد أن تمضي في رفع دعوى قضائية، تقرر لاحقاً التراجع عنها لاقتناعها بأن القابلة ليس لها دخل فيما حدث، لتتجاهل ما حدث وتقرر انجاب طفلة أخرى.

في هذا الفيلم يسير المخرج كورنيل موندركسو، في دروب الدراما النفسية، ويحاول جاهداً الاستفادة من تأثيراتها عبر وضع الحكاية في أجواء «قاتمة»، متوسداً عليها لطرق أبواب العديد من القضايا ذات الطابع الاجتماعي، بعضها يتعلق بصحة المرأة وحقوقها وأخرى تتصل مع قضية التبرع بالأعضاء، وهي قضايا تكاد أن تكون مثار جدل في بعض المجتمعات الإنسانية.

المخرج ومعه كاتبة السيناريو حاولا اللعب جيداً على وتر الإنسانية، ما نتلمسه في المشهد الافتتاحي، الذي يظهر الجانب الإنساني جلياً فيه، ففيه نشهد تدفقاً للمشاعر الإنسانية وما يقدمه الزوج لزوجته من دعم خلال مشاركتها لحظات أولى تجاربها في الإنجاب، فيما يبدو لوهلة أن المخرج قد بالغ في تغليف هذا المشهد بالشاعرية، لا سيما وإنه منحه مساحة واسعة، ليبدو ذلك بمثابة تمهيد لرواية بقية تفاصيل الحكاية ومراحلها، وما سنشهده من تحولات درامية.

المشهد الافتتاحي بدا متكاملاً في أركانه، وإيقاعه الدرامي، وقد زاد من ترابطه أداء الممثل شيا لابوف، والممثلة فانسيا كيربي التي تمكنت من معايشة الحالة النفسية والتعبير عن اللحظات الدقيقة التي تمر بها المرأة خلال مرحلة المخاض، ولذلك يمكن وصفه بـ «المروع»، لا سيما وأنه استغرق نحو 30 دقيقة، ولكنه كان بمثابة «طوق النجاة» للفيلم من الوقوع في فخ الرتابة، في ظل هيمنة الإيقاع الهادئ على مجموعة المشاهد اللاحقة، والتي نكتشف فيها كيف أدى فقدان الطفل إلى وقوع الزوجة في حبال الاكتئاب بينما دخل زوجها في غرف العزلة، عن الواقع والحياة.

محافظة المخرج على هدوء الإيقاع لم تمنعه من إحداث تحولات درامية في العمل، وهو ما تجسد في مشهد الخلاف على «التبرع بأعضاء الطفلة»، ففي وسط مشهد «غاضب»، نجد أن الأم تقرر التبرع بأعضاء طفلتها الأولى التي لم تر الحياة إلا لدقائق معدودات، حيث تواجه بهذا القرار رغبة زوجها ووالدتها اللذان يطمحان إلى دفن الطفلة، لينتهي المشهد بسير الأب بين المقابر، ليعبر المخرج من خلاله عن حالة الضيق التي يعيشها الزوج الذي يشعر بفقدان طفلته الأولى.

أما التحول الدرامي الآخر، فيتمثل في حالة الشرخ الذي يصيب العلاقة الزوجية، حيث يتجه كل واحد منهما في طريقه، رغم تواجدهما معاً تحت سقف واحد، الأمر الذي يزيد من جرعة الاكتئاب التي تدخل فيها الأم، والتي تجتهد في تجاوز هذه الحالة، عبر التوجه نحو الزراعة، ظناً منها أن ذلك يذكرها بطفلتها.

خلو العمل من الموسيقى التصويرية بدا أمراً لافتاً، ويبدو أن المخرج قد عمد إلى ذلك ليحافظ على هدوء الإيقاع، والذي كان بالإمكان كسر حدته عبر الموسيقى التصويرية، والتي من شأنها أن تزيد من تأثير الأحداث في النفس.

Email