«خطاف رفّاي».. قصة تراثية في حلة جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تهدف الكاتبة الإماراتية دبي أبوالهول في قصتها «خطاف رفّاي» إلى إثراء الحكايات الخرافية والشعبية الخاصة بدولة الإمارات. وأصدرت هذه القصة في عام 2018 عن مجموعة كلمات، وقامت الرسامة سارة طيبة باستخدام مخيلتها لرسم الذاكرة الإماراتية، التي طال تخيُلها، وتستهدف القصة الفئة العمرية من سن 6 إلى 9 سنوات، وحصلت على دعم من مبادرة 1001 عنوان.

تدور أحداث الحكاية حول جني ظنه الجميع غير عادي، فهو يعيش في البحار بين الأمواج، لا يغفر ولا يرحم، تقشعر منه أبدان البحارة خوفاً من أنيابه البيضاء وأظافره الحادة، ولكن هذا فقط ما كان ترويه الأمهات لأبنائهم، وحقيقة الأمر أن «خطاف رفّاي» يحلم منذ نعومة أظافره أن يصبح قبطاناً، نوخدة، يجوب البحار ويحقق هدفه، وذلك أن يجمع اللآلئ بألوانها المتعددة، ولكن حدث ما لم يكن بالحسبان، حيث رآه فريق البحارة المتخصصين في الغطس وجمع اللؤلؤ على طبيعته المخيفة، فسيطر عليهم الخوف من رأسهم حتى أخمص قدميهم، وذاع صيته أنه يغرق السفن غضباً. وطال الخوف قلوبهم من جنيّ البحر المخيف هذا، ولكن لم يمنعهم ذلك من العودة إلى عرض البحر. وتتوالى أحداث القصة عندما يقرر القبطان خلفان أن يشق أمواج البحر، ولسوء حظهم، يسقط خلفان ورجاله إثر اصطدام السفينة بصخرة عملاقة أوشكت أن تفقدهم حياتهم لولا تدخل «الخطاف رفّاي».

لا تزال الحكايات الخرافية منذ قديم الأزل أحد الفنون الكتابية التي تجمع بين التسلية والتوعية، والتي ما زالت تداعب مخيلاتنا ومعتقداتنا. وعليه، انغمست الحكايات الخرافية والشعبية من دولة الإمارات بموسوعة الكائنات الخرافية، والتي احتضنها التراث الإماراتي، فحفظها الأجداد في الذاكرة الإماراتية، ورسخت في وجدان الآباء إلى يومنا هذا، والتي تم نقلها بشكل أو بآخر إلى هذا الجيل.

الجدير بالذكر أن جمال الكتاب هذا لم يكمن في موضوع الحكاية فقط، والذي عبّر عن التراث الإماراتي، بل أيضاً تمتعت القصة بأسلوب حكائيّ مُسلٍّ ليس فقط للأطفال، بل وللكبار أيضاً. كما تميزت القصة برسومات معبرة عن القصة وتشير إلى الكائنات الخرافية لغرض التسلية في إطار تعليمي ومخصص للأطفال. وتمكنت الكاتبة دبي أبوالهول من تطوير الشخصيات بتغيير آرائهم، ودوافعهم، ومعتقداتهم حول «الخطاف رفّاي»، ففي بداية الأمر كان الجني مصدر ذعر لجميع الناس، ولكن في نهاية الحكاية توضّح لهم أنه يوجد تفسيرات مختلفة لحقيقة «الخطاف رفّاي». فتطور تفكير الشخصيات ومعالجتها للأحداث التي تدور من حولهم كان أمراً ملحوظاً.

أعطتنا هذه القصة عدسة واضحة لتعمق في الحكايات الخرافية من دولة الإمارات، وكيف يكمن تاريخ الدولة وتراثها في عادات وتقاليد الشعب، فمنها سيتعرف القُراء على ثقافة التراث البحري الإماراتي كالغوص على اللؤلؤ قديماً، وحرفة صيد السمك التي تشكل جزءاً أساسياً من التراث الإماراتي بالإضافة إلى صفات وأخلاق أهل دولة الإمارات العربية المتحدة.

اقتباس من الكتاب:

«لم يلتَقِ خلفان بخطّاف رفّاي بعد ذلك اليَوم، لكنه من وقتٍ لآخرَ كان يَجدُ عشراتِ حبّاتِ اللؤلؤ على سطحِ سفينتهِ، فيبتسمُ وينظرُ نحو البحرِ. لم يَعُد خلفان يخافُ أن يُبحِر بسفينتهِ مهما اشتدَّتِ العواصفُ، كان يعلم بأنّ عنده صديقًا مُستعداً لمساعدتِه».

* زاوية مراجعات الكتب الأسبوعية تُنشر بالتعاون بين صحيفة البيان ومؤسسة الإمارات للآداب

Email