رغم وقوعهم في دائرة العدوى لا يصابون بـ«كورونا» فما السبب؟

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لطالما اهتم العلماء بأسباب قدرة أناس دون آخرين على مقاومة عدوى معينة، رغم وقوعهم في دائرة الخطر ذاتها. ولم تكن عدوى فيروس كورونا (كوفيد 19) الجديدة نسبياً استثناء. وقادت أبحاث علمية مكثفة أجريت في روسيا أخيراً نتائج مثيرة للاهتمام في هذا المضمار.

ففي الأشهر الأولى من الجائحة، لاحظ علماء روس عدم تعرض أشخاص للعدوى رغم تواجدهم بما يسمى بـ«المنطقة الحمراء» (الخطرة)، أو أن أسرة بأكملها تعرضت للإصابة بالفيروس، فيما لم يتأثر أبداً أحد أفرادها.

ويوضح مدير معهد أبحاث علم الأوبئة في أكاديمية العلوم الروسية، أريج توتوليان، أن نتائج دراسة المناعة ضد الفيروس التاجي التي أجريت في المعهد، أدت لاكتشاف علامتين تشيران إلى تمتع جسم الشخص بخصوصيات، تساعده على تجنب الإصابة بالعدوى، أو بأن يصبح خطر الإصابة منخفضاً، وهذه العوامل هي: الإنترفيرون (البروتين الذي تنتجه الخلايا اللمفاوية المنشطة، وخلايا الأنسجة المصابة بالفيروسات، التي تطلق بدورها الخلية المصابة بالفيروس ما يتسبب في زيادة الخلايا المجاورة للدفاعات المضادة للفيروسات)، والعامل الوراثي.

ويضيف الأكاديمي الروسي أن الدراسات المختلفة أثبتت إلى حد كبير، أن مقاومة الشخص للعدوى تتوقف إلى حد كبير كذلك على مدى الإجهاد الذي يتعرض له، سواء كان متكرراً أم مزمناً، مشيراً إلى تأثير الإجهاد على كبت جهاز المناعة، ما قد يعرض الشخص لالتقاط أي مرض بسهولة، بما في ذلك الأمراض المعدية، وهو ما يفسر حاجة المصابين بكوفيد 19 إلى إعادة التأهيل لاستعادة جهاز المناعة.

كما يؤكد أن عامل الحماية الأول هو الحماية الذاتية إذ يدخل فيروس كورونا إلى الجسم عبر الجهاز التنفسي العلوي، عبر الغشاء المخاطي، وفي مقدمته الأنف والحنجرة. وإذا كان مستوى الإنترفيرون ألفا في الجسم مرتفعاً، وهو الذي يتم تصنيعه وإنتاجه بواسطة خلايا الجهاز المناعي، وله تأثير مضاد للفيروسات بشكل مباشر، فإن خطر الإصابة ينخفض.

ويتابع أنه ليس من قبيل المصادفة، أن مضاد الفا للفيروسات موجود كدواء ويستخدم في علاج الالتهابات الفيروسية التنفسية والوقاية منها. وفي حالة كوفيد 19، فإنه يعمل أيضاً عن طريق تحييد الجزيئات الفيروسية التي لم تدخل الخلية بعد.

لكنه ينبه إلى أن التحقق من أن الشخص لديه مستويات عالية من مضاد ألفا للفيروسات ألفا، يتم في مختبرات متخصصة، وهذا التحليل ليس متاحاً دائماً للجمهور، وفي هذه الحالة يجب الاعتماد على الأدوية، شرط استخدامها بشكل صحيح أثناء الجائحة، وهو ما يدخل تحت مسمى العلاج المبكر.

وبخصوص العامل الثاني ـ الوراثي، يقول توتوليان إنه عثر عليه ضمن الجينات التي تشفر الاستجابة المناعية لدى البشر.

واللافت في حديثه، أن الواسمات الجينية التي تم اكتشافها تخص سكان الشمال الغربي، لأن الجينات المشفرة للاستجابة المناعية – حسب قوله - تعتمد على عوامل قومية وعرقية، ونتيجة لذلك، لها خصائص إقليمية.

وكانت دراسات خاصة أجريت في أكثر من معهد أكاديمي في روسيا وخارجها، أشارت أن العوامل الوراثية تشكل نحو 50% من الاختلافات بين أعراض «كوفيد 19» لدى الناس، فضلاً عن حضورها بشكل خاص في أعراض المصابين بفقدان حواس الشم والتذوق والشعور بالهذيان والحمى والإسهال، كاشفة بذلك أسباب ظهور أعراض خفيفة، أو غيابها بشكل تام لدى البعض، واستفحالها عند البعض الآخر.

Email