الجزائر.. ماذا بعد عام من تسجيل أول حالة لـ«كورونا»؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

غيّر فيروس «كورونا» منذ ظهوره في الصين أواخر العام 2019 وانتشاره لاحقاً في أرجاء المعمورة من أولويات الدول، حيث تصدر الوباء أولى أولويات العالم من أجل احتوائه، ومن أجل العودة إلى حياة طبيعية في أقرب الآجال.

وتعد الجزائر أبرز الدول التي لا تزال تحافظ على سياسة الإغلاق من خلال غلق جميع المنافذ الجوية والبحرية والبرية، من أجل الحفاظ على ما تعتبره السلطات الصحية «مكسباً» مع استمرار استقرار حالات الإصابة لفترة طويلة تحت سقف الـ200 حالة يومياً، إذ تبنت السلطات استراتيجية وقائية لكبح تفشي الفيروس، رغم بروز نقائص حالت دون تطبيق الإجراءات الاحترازية بالكامل.

فرضت الجزائر حجراً صحياً صارماً بعد ظهور أول حالة في البلاد لرعية إيطالية بحاسي مسعود (627 كيلومتراً جنوب العاصمة الجزائرية) في 25 فبراير 2020، وعقب ذلك كان 2 مارس الماضي عنواناً لحالتين سجلتا بالبليدة (مدينة الورود) (37 كيلومتراً غرب العاصمة الجزائرية) لامرأة وابنتها، وبعدها بدأت الإصابات بالفيروس بمدينة الورود تزداد يوماً بعد يوم إلى غاية تفاقمها وانتشارها بالعديد من المدن الجزائرية.

ومنذ 24 يناير 2020، بادرت وزارة الصحة بتوجيه تعليمات للسلك الطبي لمواجهة أي طارئ، مع تفعيل منظومة الترصد والإنذار للتصدي لأي طارئ خاص بالأوبئة ذات الانتشار الواسع.

ونظراً للوضعية الوبائية، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في 12 مارس الماضي، باتخاذ إجراءات استعجاليه احترازية، حيث تمّ غلق المدارس والجامعات ورياض الأطفال ومؤسسات التعليم والتكوين المهنيين وقاعات الرياضة والحفلات، وتعليق النقل بجميع وسائله البرية والجوية والبحرية، وكأولوية، جرى تنفيذ «بروتوكول» علاجي وتنظيم سلسلة العلاج، وتوفير وسائل الكشف عن الفيروس، إلى جانب نظام مراقبة. وشكّلت الجائحة فرصة لــ«مراجعة المنظومة الصحية من الأساس» وفق ما أكده الرئيس الجزائري.

وفي 30 يناير الماضي، انطلقت من البليدة ذاتها أول خطوة في تلقيح الجزائريين ضد الفيروس لتتواصل الحملة بشكل تدريجي، غير أن هذه الإجراءات أفرزت خسائر كبيرة لاسيما في قطاع النقل، كما حُرم المغتربون من دخول أرض وطنهم رغم مناشداتهم، بالإضافة إلى عدد من الذين حصلوا على تصاريح الخروج من أجل العلاج خارج البلاد، ووجدوا أنفسهم عالقين بلا خط رجعة إلى أجل مجهول، حيث تفاجؤوا من قرار تعليق مفاجئ لرحلات الإجلاء، الذي أصابهم بصدمة كبيرة خاصة أنهم لا يملكون نفقات 30 يوماً. وقال العديد من العالقين في الخارج، إنهم تحصّلوا على رخص الخروج من أرض الوطن إلى الخارج، متسائلين عن مصيرهم بعد هذا القرار، فضلاً عن الآلاف الذين لا يزالون عالقين إلى أجل غير مسمى.

من جهة أخرى، كشفت الحكومة الجزائرية في وقت سابق أن الوباء تسبب في خسائر لقطاع النقل في بلاده بلغت 49 مليار دينار، ما يعادل حوالي 372 مليون دولار.

وأوضحت أن حجم خسائر شركة الخطوط الجوية الجزائرية لوحدها يقدر بـ 40 مليار دينار، فيما بلغت خسائر المؤسسة الجزائرية للنقل البري 9 مليارات دينار، كما امتدت الخسائر إلى قطاع الطاقة، حيث بلغت خسائر شركة المحروقات الحكومية «سوناطراك» جراء الجائحة 10 مليارات دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي.

ويشكل عودة الحراك الشعبي منذ الاثنين الماضي إلى الشوارع بعد انقطاع طويل، تحدياً جديداً أمام السلطات، ففي حين يصرّ الجزائريون على التظاهر السلمي إلى أن تتحقق مطالبهم يبقى فرض إجراءات جديدة غير مستبعدة خلال الأيام المقبلة.

Email