من التصوير إلى الرصيف.. شاب مصري يتحدى الوباء

ت + ت - الحجم الطبيعي

الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الحكومة المصرية تكشف عن تراجع معدل البطالة، إلى 7.3 في المئة في الربع الثالث من العام الماضي، مقارنة بـ9.6 في المئة في الربع الثاني، و7.7 في المئة قبل أزمة جائحة كورونا.. محمد سعيد كامل يكشف جانباً من أسباب هذا التراجع!هو ليس مسؤولاً أو محللاً اقتصادياً، لكنّه نموذج عملي كاشف لمثابرة الشباب المصري وتحديهم الظروف المختلفة، لا سيما تلك الأخيرة، التي أفرزتها الجائحة، وجعلت واحداً من كل ستة شباب خارج العمل حول العالم، طبقاً لتقرير منظمة العمل الدولية منتصف 2020. (القاهرة - البيان)

جائحة «كورونا» قلبت حياة سعيد، البالغ من العمر 25 عاماً، رأساً على عقب، بعد أن انغلقت السُبل أمامه واضطر لترك عمله، بعد توقف الحياة تقريباً قبل شهور، فقرر تحويل المسار ليعمل بائعاً للأحذية بالشارع ببضاعة محدودة، وشعاره: «العمل ما دام شريفاً، فليس عيباً». سعيد المُحمَّل بتبعات آثار «كورونا» الاقتصادية يقول في حديثه مع «البيان»، إنه - مثل كثير من الشباب في مصر خلال الشهور الأخيرة- تحدى الجائحة منذ بدايتها، ولم يرضخ لآثارها أو يجلس بالبيت عاطلاً عن العمل.

عمل مبكر

ينحدر سعيد من حي المطرية الشعبي (شرق القاهرة)، وهو حاصل على شهادة الدبلوم الصناعي. انخرط في سوق العمل مبكراً، بعد أن تعلق بمهنة التصوير منذ صغره بفضل إخوته، الذين يعملون في المجال منذ العام 2000.«إخوتي يعملون مصوري فيديو منذ 20عاماً، أحببت منهم مهنة التصوير، واشتغلت مصوراً فوتوغرافياً حراً بعد رحلة طويلة من التجريب والتعليم، أعمل بحفلات الزفاف ومختلف المناسبات، وأصور ألبومات خاصة للعروسين، وجميع المناسبات، وأكثر ما يسعدني كان الحصول على اللقطة الحلوة المختلفة، التي تسعد أصحابها.. اشتريت كاميرا احترافية بالتقسيط، ومن عائد الحفلات كنت أقوم بسداد القسط شهرياً»، يقول سعيد.

لم ينته سعيد- الذي تلقى دروساً في التصوير عبر الإنترنت قبل احترافه العمل بالمجال، وبذل مجهودات مضنية، ليضع قدمه بتلك المهنة- من سداد أقساط الكاميرا خاصته، والتي يصفها بـأنها كانت «رفيقة الدرب والمشوار والحلم» قبل أن تأتي جائحة «كورونا» لتضع أمامه العراقيل وتحول دون تحقيق حلمه بأن يفتتح شركته الخاصة.

لحظة توقف

«بعد كورونا توقفت الحفلات، وتم غلق قاعات الأفراح، ولديّ التزامات مادية مختلفة، فلم أتردد في أن أتخلى عن رفيق المشوار، وأبيع الكاميرا من أجل سداد الأقساط المتبقية وباقي التزاماتي، حتى تتسنى لي العودة من جديد إلى المجال عندما تتيسر الأمور لاحقاً».

حفلات الزفاف توقفت قبل أن تعود بشكل محدود، حتى حفل زفاف «سعيد» نفسه ألغي، لكن ليس فقط بسبب الجائحة، ولكن أيضاً بسبب التحوّل المفاجئ في مساره، عندما قرر التخلي عن مهنته، واختبار تجربة جديدة ولو بشكل مؤقت، في بيع «الأحذية الخفيفة» بالشارع، حتى لا يضطر إلى الاستسلام لشبح البطالة الخانق، فأرجأ زفافه حتى تستقر أموره المادية.

منذ شهور يعمل سعيد بالبيع على الرصيف، على أمل العودة لشغفه كونه فناناً في مجال التصوير.

نصيحة سعيد للشباب للهروب من شبح البطالة تقول «لو انغلقت السبل أمامك، لا تتوقف، عملك في أي مجال شريف أفضل من الجلوس بالبيت والاستسلام للبطالة.. أي مشروع صغير يمكنك البدء من خلاله، وتعويض ما فاتك».

Email