أرصفة

أحزان العصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

لكل عصر أحزانه وأفراحه، ومظاهر أخرى تختلف من عصر إلى آخر ومن مكان إلى حيز يصبح نهاية حركة الإنسان.

برامج التلفزيون المحبطة للهمم، حتى وأنت تفتش في أكثر من 400 محطة فضائية لا تجد فيها برنامجاً واحداً يحيي فيك الأمل الضعيف الذي تبقى معك، أمام كل هذه الإحباطات التي يعرضها لك التلفزيون والعجز الفني بكل أسلحته وأشكاله من التعبير عن مدى هذا الخراب..

مئات البشر، أطفالاً ونساءً ورجالاً، يموتون غرقاً وهروباً من جحيم القنابل إلى الموت اختناقاً، اللاجئون من الأطفال والمسنين والنساء الذين لا مأوى لهم بعد أن يتركوا كل نفيس وغال، يحاولون إيجاد سبل الحياة في أية بيئة مهما احتوت من مشاكل البرد أو الحر، أو الجليد أو الشمس الحارقة، وانتشار الأمراض والأوبئة في عديد من هذه البلدان والمنظمات الإنسانية التي تسارع خطاها لمحاولة الوصول إلى هذه المجموعات من البشر لإنقاذهم من القنابل العنقودية التي تأكل البشر، وكذلك الصواريخ.

إنه عصر لا تزدهر فيه إلا صناعة السلاح لتنفيس الحقد الذي يحمله كل الأطراف، حتى إنك لا تستطيع أن تتلمس الحق والحقيقة وسط هذه الكثافة من الدخان والانفجارات والقنابل والصواريخ وقصف الطائرات.. تحاول أن تهرب من هذه المناظر اللاإنسانية إلى الأفلام، فلا تجد في هذه الفضائيات ما يجعلك تشاهده، لأن كل الأفلام، بلا تحفظ، مكررة وتم بثها عشرات المرات، حتى الأفلام الهندية التي قد تصبح ملاذك أو الأفلام الأجنبية التي تبثها بعض هذه المحطات.

إذن أين الهرب يا بن آدم، تلوذ بالأغاني فتندم من سماع الجديد وتذهب إلى الكلاسيك الذي لا جديد فيه، الجدران تعلوا من حولك والطرقات تغلق في وجهك.

صور البشر الذين يحملون أطفالهم، الأم التي تموت وهي تحتضن وليدها، وموتى الكوليرا على أرصفة صنعاء، صور مأساوية وليس فيها ما يفرح. بينما نسمات الفرح والانفتاح، على قلتها، لا نراها إلا في بلدان الغرب التي أصبحت هدفاً يسعى إليه الهاربون من الحرب وجدران الموت.

 

Email