الآداب الكلاسيكية

ت + ت - الحجم الطبيعي

سألتُ مرة دخيلاً على الأدب أصدر رواية على حسابه الخاص، بعد أن رفضته دور النشر والمراكز الثقافية خارج الدولة وداخلها، إن كان قد قرأ كلاسيكيات الأدب العربي والأجنبي، أو قرأ لكتاب الإمارات، ولكنه أعلن «براءته من كل هذه التهم»، قدم رواية كان ثمن الورق لنسخة واحدة منها، أغلى مما كتبه من هذا الهذيان.

ونحن في هذا التوجه في إعادة الإنسان للكتاب والقراءة أجد أننا لا بد وأن نبدأ من المدرسة ومن أدنى فصولها إلى أعلى الدراسات الجامعية. وأن نضع بشكل إجباري قراءة الأدب الكلاسيكي لكل المنتسبين وحسب مراحل الدراسة، إذ نشترط أن توضع في المناهج مجموعة من هذه الكلاسيكيات لكل عام ولكل مرحلة، وفي الدراسات الأولية يمكن أن تُعد كتب مبسطة عن تلك الكلاسيكيات لتقريبها لمفاهيم الطلبة في بداية حياتهم الدراسية وأن نضع النصوص الأساسية في مراحل الثانوية العامة والدراسات الجامعية، وحتى نكون عمليين يجب أن تكون الاختيارات من أمهات الكتب العربية والأجنبية ولكبار الكتاب وأن لا نسمح للنصوص الرديئة بدخول عقول الطلاب لأنها سترسخ أدباً رديئاً وسطحياً وستكون المهمة عكسية تماماً.

هذه الأطروحة ليست جديدة، بل كانت موجودة في المناهج السابقة، على الأقل لجيلي أنا، إذ كان علينا حفظ عشرات الأبيات للشعراء العرب: من العصر الجاهلي إلى الأموي والعباسي إلى عصر النهضة، وطبعاً للكبار منهم. كما كان لزاماً علينا كطلبة أن ندرس الأدب الأجنبي.. فتعرفنا على شكسبير وموليير وتولستوي وغيرهم، ولكن هذه القامات ونتاجاتها تلاشت من الحضور في المناهج رويداً رويداً حتى فقدت منها وأصبحت دخيلة أو غريبة حينما يذكرها أحد منا.

أجهزة الكمبيوتر ليست وسيلة ناجحة في إعادة القراءة. ففي أوروبا عادة تراها في الشوارع وعند محطات الأتوبيس أو القطارات، إذ تلحظ الجميع لديه كتب صغيرة محمولة باليد بسهولة. وهذه الكتب يمكن لأي شخص قراءتها في القطار أو الباص أو حتى وهو ينتظر دوره، إنما جهاز الكمبيوتر وإن صغر حجمه تتعذر القراءة منه بهذه السهولة.

العودة إلى القديم ليست عيباً ولا تخلفاً إنما لأخذ الدروس والعبر وتطويرها بما يتناسب وعصرنا الذي يعيش التطورات التقنية والعلمية ويحتكم إلى السرعة في كل شيء.

Email