أطفال العرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينقل لنا التلفاز كل يوم صور الأطفال العرب المهجرين من أوطانهم وهم في معسكرات الإغاثة، صور مأساوية لا يتحملها الإنسان، لا أعرف كيف تمر علينا كل مساء والكاميرا تنتقل من معكسر إلى زورق في وسط البحر، هلع، وجوع، وبرد، وأطفال مستباحة طفولتهم، السماء لا ترحمهم بأمطار أو ثلوج أو شمس تصل حرارتها إلى أكثر من 50 مئوية.

المصور يصور المعسكر وهو بارد الأعصاب، والمذيع يعلق بصوت محايد لا نبرة للتعاطف فيه، والناس تعودوا والمناظر وهي تتكرر كل يوم.

كيف للقتلة النظر لكل هذه الصور ولا يحن قلبهم ويوقفوا الحرب ولو أياماً معدودات؟ كيف لتجار الأسلحة والمتفجرات لا يريدون وقف أو خفض الإنتاج خوفاً على مصالحهم المادية، وانخفاض أرقام الملايين والمليارات الفلكية؟

وجود الصغار الذي تنقله الكاميرا وهي ما عادت تتقبل التعاطف، لسان حالهم يقول لا لتصويرنا أو التعاطف معنا، بل أوقفوا هذا الدمار أولاً، وامنحونا مدرسة نتعلم بها، وأحضروا لأخينا الرضيع علبة حليب، فقد مللنا عدساتكم ومللنا عطفكم ورفضنا كلمة «خطية» ومللنا ضمائركم الكذابة التي تتعاطف كذباً مع صورنا ودموعنا، لقد نسينا طفولتنا، لم يعد واحد منا يلعب بلعبة أو دراجة صغيرة، وجوهنا تدل على خوفنا من يوم غد ومن بعده، ومن المستقبل وجوهنا تعكس حقدكم فينا، وتنذر بمستقبل أسود لا خيط أمل فيه، نرفض الشجب والاستنكار.

هل فكرتم ما الذي ينتظر آلاف الأطفال العرب، وكيف هو مستقبلهم؟ وهل تعرفون أن نصف هؤلاء على الأقل سيضطرون عندما يكبرون لأن يجندوا أنفسهم مع المنظمات المتطرفة الحاقدة على الناس؟ هل من سبيل لوقف الموجة الكبيرة من الحروب الانتقامية ومن التهجير واللاإنسانية؟

Email