كانوا يستحقون

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان الأسوأ في هذا الربيع الدامي أن الناس فقدوا الأمل، وتحول حلمهم بالغد الأفضل إلى كابوس طويل لا سبيل إلى نهايته.

بعد أيام، تدخل الثورة السورية عامها الخامس، وليس في الأفق أي حل، بل انصرف الكثير عن تسميتها ثورة، لأن الذين قفزوا إلى قطارها جعلوها حرباً لأهداف هي ليست مطالب الناس بعيش كريم وآمن في وطن حر له حضوره وتقديره بين الأمم.

كان حلم السوريين أن تتحول حياتهم من كابوس أمني طويل إلى احترام إنساني. فلا يشعرون برعب إذا مروا أمام مخفر للشرطة، أو ترتعد فرائصهم في منفذ حدودي إذا ذهبوا في رحلة استجمام.

كانوا يحلمون باختفاء أكشاك الرعب أمام بيوت مسؤولي الحزب، وأن يدخلوا إلى وظائفهم دون أن يفتش ملابسهم رفيق ينفذ الخطة الأمنية، أو تنبش حقائب الموظفات عشماوية قُد وجهها من صخر. كانوا يحلمون باختفاء حاملي البنادق من أمام المدارس والجامعات، أو الذين يشدون المسدسات السود إلى خصورهم ويتعمدون إظهارها أمام الأبرياء ليقفزوا فوق المجتمع والقانون.

ومثلما كانوا يحلمون بانتهاء عهد طوابير الخبز وطوابير المحروقات وطوابير الجمعيات للحصول على بعض التفاح في بلد ثروته الزراعة وقبلته القمح والقطن، أصبحوا يحلمون بوطن أخضر بعدما تصحر لأن المدينة قتلت الزراعة، والفلاحين ريّفوا المدن، أصبح حلمهم بسقف لا يطردهم.. برغيف لا يركضون خلفه.

من أجل حقوق بسيطة انتفض السوريون ثائرين، لكن قدرهم قادهم إلى لعبة أمم أكبر من أحلامهم، لعبة هم الضعفاء فيها، الخاصرة الهشة، والجدران الآيلة للسقوط، وها هو عامهم الخامس يؤكد حجم الأذى الذي أصابهم، ذلك الأذى لا تمحوه أزمنة، ولا تمر من فوقه السنوات، سيذكره التاريخ بكثير من الحبر، وقليل من الأسى.

Email