عارف الشيخ: العالم الرقمي سلاح ذو حدين

ت + ت - الحجم الطبيعي

«ما حوى العِلْمَ جميعاً أَحَدٌ.. لا وَلَوْ مارَسَهُ أَلْفَ سَنَه. إنَّما العِلْمُ لَبَحرٌ زاخِرٌ.. فَخُذُوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَحسَنَه»؛ بهذه الكلمات التي ترسخ أهمية العلم والتعلم رسم الدكتور والشاعر والأديب عارف الشيخ، طريقه المليء بالإنجاز والعطاء في عالم الأدب والشعر وعلوم أخرى أثمرت ما يزيد على 66 كتاباً، منها كتب توثيقية ودواوين شعر ومقالات كثيرة.

معلمي الأول

في المكتبة وبين الكتب وقصص التاريخ، والفنون، عاش منذ الصغر، في بيئة علمية فرضت عليه طفولة مختلفة، فهو لم يعرف اللهو واللعب مثل بقية الأطفال، يقول: بدأت رحلة التعلم منذ صغري وعمري سبع سنوات.

حيث كان والدي، رحمة الله عليه، يعيشني في أجواء العلم والمعرفة، بالرغم من صغر سني، وحتى إنني كنت في كثير من الأحيان أقرأ كتباً هي فوق مستواي الفكري حينها، ووزنها أكبر من وزني الصغير آنذاك، إلا أن والدي كان يزيد إصراراً على وضعي في هذه الأجواء، كانت شخصيته جدية، وباعتبار أنه درس دراسة موسوعية كان حريصاً على أن أشبهه، وأدرس كل شيء.

وفي الوقت نفسه، كان يريدني أن أكون عالماً أقرب إلى التفقه في علوم الدين. علماً أن كلمة عالم في ذاك الوقت، تعني شخصاً يقرأ ويعرف الفقه والشرع ويفتي، وهو أقرب إلى عالم الدين، وهذه الكتب الدسمة التي تعرفت إليها منذ الصغر كانت سبباً في تأهيلي العلمي طيلة سنواتي الماضية.

سلاح ذو حدين

ويتابع د.عارف الشيخ: أضحى العالم الرقمي أداة مهمة بالنسبة للكثيرين، فهو سلاح ذو حدين، ينبغي الحذر عند استخدامه، فهو إيجابي من ناحية تسهيل عملية التواصل والبحث عن المعلومات في وقت قصير، لدرجة أنه بات يستحوذ على اهتمام الغالبية من مختلف الأعمار.

وأعتقد أنه من المهم جداً خلق توازن بين العالم الورقي والرقمي، للاستفادة ومواكبة متطلبات العصر والانتشار الهائل للمعلومات، من دون أن نغفل أهمية البحث والتأكد من المعلومات والمصادر في المواقع الرقمية، فبعضها يتضمن معلومات خاطئة ربما تسبب ارتباكاً للباحثين عن المعلومة الصحيحة.

ضيق الوقت

أسباب عديدة تحول دون أن ينشر قصائده ومقالاته إلكترونياً، أولها عدم التفرغ وضيق الوقت، ويقول في الخصوص: أُطالب كثيراً بالنشر الإلكتروني، لكن لا وقت لدي لكثرة التزاماتي ومهامي، وربما في الفترة المقبلة أنشر دواويني الشعرية والمقالات والقراءات التحليلية لأشعار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، على مواقع إلكترونية.

كتب الأجداد

يرى عارف الشيخ أنه إذا وضعنا الكتب جميعها.. وكافة ما نبدعه، على الصفحة الإلكترونية، فسينقطع الكثيرون عن الذهاب إلى المكتبات. ويضيف: أريد كسب الجميع؛ محبي الكتب الرقمية والكتب الورقية، خاصة في ظل التقدم الهائل في الحاسوب وثورة الانتشار الإلكتروني.

حيث تحولت مادة الكتاب الورقية إلى نسخة إلكترونية مقروءة ومسموعة سهلت على الجيل الحالي من الشباب الاستفادة والاطلاع على غير الكتاب الورقي، لكن في الوقت نفسه، لا بد للقراء، والشباب خاصة، التمسك بقراءة الكتب وعدم الانقطاع عن تراث الآباء والأجداد، الموثق في الكتب الورقية؛ فهي مراجع موثوقة أكثر، لها روح، ونكهة خاصة حية في ذاكرة التاريخ.

عالم مبهر

ويستطرد د.عارف الشيخ: نعاصر في وقتنا الحالي ظهور أساليب تقنية حديثة لا تتوقف، على صفحات الإنترنت، من حيث المعلومات التي باتت تنتشر بصورة سريعة وتحمل قدراً كبيراً من الإبداع على المواقع، فما نراه ليس نصوصاً مكتوبة فقط، إنما دعمت بالصور والرسومات والفيديوهات عبر تطبيقات أبهرت العالم بأدواتها المتنوعة.

فضل لا ينسى

خلف قامة الدكتور عارف الشيخ الفكرية، والزخم المعرفي الذي عرف به طوال السنوات الماضية، مفاتيح للنجاح والعطاء، أولها التواضع والاقتداء بفكر حكام الإمارات، يقول:

عندما أقرأ كتاب «رؤيتي» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أشعر أنني أمام فيلسوف عربي وليس شاعراً فحسب، قرأت هذا الكتاب عدة مرات وفي كل مرة أستنتج منه شيئاً مهماً، فالعبارات مدروسة والأفكار ملهمة تعزز بنفسي مفاهيم عديدة كالتواضع والإخلاص والعطاء.

جواهر الأدب

كتاب مميز لأحمد الهاشمي، وأعتبره من الكتب التي لا تفارقني إلى اليوم، أعطاني إياه والدي وأنا بعمر الـ 9 سنوات، تأثرت به كثيراً فهو كتاب قيم، موسوعي، يتحدث عن الأدب وفنون الشعر وأغراضه، ويذكر شعراء المعلقات، ونماذج من طبقات الأدباء في العصر الإسلامي والأموي والعباسي، والحديث، مع نماذج لرسائل كانت متداولة آنذاك، وبالفعل، بعد تعمقي في بحور هذا الكتاب شعرت أنها أهلتني لكي أكون أديباً وشاعراً وعالم دين.

قيمة الزمن عند العلماء

يحث الكتاب على الاستخدام الأمثل للوقت، وإدراكنا كيفية التحكم الأمثل به، فمن لا يعرف قيمة الوقت عمره ضائع، وهذا الكتاب لـعبدالفتاح أبو غدة، من أروع الكتب التي تتحدث عن أهمية الوقت في حياة الإنسان، كما أنه يستشهد بالآيات والأحاديث والأبيات الشعرية، والقصص من الماضي مجسدة بشخصيات. كتاب رائع أقرأه بين الحين والآخر.

جامع الدروس العربية

يذكرني بمراحل حياتي الأولى منذ الصغر، وأحمله معي حتى في أسفاري، لمحتواه القيم في اللغة العربية، ولأنني تعلمت منذ الصغر النحو والصرف والبلاغة، حتى أصبح النحو في حياتي مثل الهواء، ومع هذا الكتاب وكتب أخرى غيره، تنقلت بين بحور اللغة العربية لتعلم فن النحو من الألف الى الياء، بدأت بكتاب «الآجرومية» ولم أفهمه كثيراً..

وأخذت كتاباً ثانياً وهو «الكواكب الدرية على متممة الآجرومية» ثم «قطر الندى» لابن هشام، إلى أن تعلمت النحو وصقلت أدواتي اللغوية بتمكن وصلابة.

فقه السنة

على اعتبار أن تخصصي هو في الفقه والقانون، فإنني أميل إلى قراءة الكتب الفقهية والموسوعات، ويعجبني هذا الكتاب لأنه لم يلتزم بمذهب فقهي معين، وهو مؤلف من 3 مجلدات، يضم فقه العبادات والمعاملات والجنايات، والجميل أن محتوى الكتاب يتماشى مع جميع المذاهب الفقهية ويبين رأي جمهور الفقهاء.

القراءة من أجل التعلم

ألّفت هذا الكتاب لكي أحضّ الناس على القراءة، وأذكر فيه أقوالاً للشعراء والفلاسفة ممن يحثون على القراءة، بعبارات جميلة ومؤثرة، مع مقتطفات من الكتب الأجنبية، ثم تطرقت فيه إلى ذكر بعض الأحاديث والآيات، وبعد ذلك شرحت طرق القراءة المختلفة قراءة صامتة، ومتأنية وسريعة وجاهرة، أو قراءة من أجل التعلم والثقافة، وقراءة من أجل الاختبار. وكتبت المحتوى بأسلوب سلس وعصري.

الكتاب الرقمي

عقبات في طريق الكتاب الرقمي

يواجه الكتاب الرقمي صعوبة في الانتشار في أغلب الدول الفقيرة، وهناك عقبات عليه اجتيازها قبل أن ينال النجاح الذي حققه في الدول المتقدمة، ومن أبرز تلك العقبات التي تقف في طريق انتشاره، صعوبة توفر وسائل دفع سهلة وغير معقّدة في ظل ندرة أو انعدام الخدمات البنكية المتقدمة، ناهيك عن عدم توافر خدمات إنترنت جيدة ومبولة في غالبية دول العالم الثالث.

القراءة ترفع معدل استيعاب الطلاب

أظهرت دراسات حديثة تعنى بأسلوب التعليم، أنه يرتفع مستوى استيعاب الطالب إلى 8 أضعاف، عندما يقرأ فكرة في كتاب إلكتروني أو يشاهدها بأسلوب رقمي تفاعلي، وهذا ينعكس على مستوى تفوقه وعلى الزمن المستغرق في التفكير والقراءة والتعلم. وهذا يجعل من الكتاب الإلكتروني أداة فاعلة لضخ عدد كبير من المعلومات، في وقت قصير وبأسلوب بسيط. ومن ثم تحويل القارئ إلى صانع للمعرفة.

«التمكين الرقمي» في البحرين

حقق مشروع «التمكين الرقمي في التعليم»، الذي دشنته مملكة البحرين في العام الماضي، وشمل 5 مدارس إعدادية، أهدافه المرجوة، بشهادة منظمة «اليونسكو» التي صنفت المملكة كدولة رائدة في التعليم الإلكتروني، ويمثل المشروع مرحلة متقدمة من مشروع «مدارس المستقبل»، بما يوفره من إمكانات متطورة في مجال دمج التقنية في التعليم، ليصبح أداة رئيسية لتطوير طرائق التعليم.

Email