الروايات الناجحة والدراما.. قِران أفرزه النفور من القراءة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس بجديد تحويل أعمال روائية وقصصية إلى دراما سينمائية وتليفزيونية؛ إلا أن الآونة الأخيرة شهدت توجهاً لاختيار الأعمال الإبداعية التي تحظى بنجاح كبير بين القراء وتحقق مبيعات كبيرة، لاستثمار هذا النجاح بتحويلها إلى الدراما.

فهل تواصل هذه الأعمال الحفاظ على نجاحها بعد تحويلها من هيئة المقروءة إلى المشاهَدة أم إنها تسقط في فخ المقارنة؟! وفي الخصوص، نجد أنه يذهب البعض إلى أن تحويل العمل الأدبي إلى عمل درامي، يهدر نجاحه ولا يضيف له، بينما يرى آخرون أن الدراما تخلق سحراً موازياً يضاعف نجاح العمل المقروء وفق شروط معينة.

«بيان الكتب» يضيء على آراء المتخصصين والأدباء حول هذه المسألة، راصداً مختلف وجهات النظر بشأنها.

يوضح الناقد عبدالوهاب الأسواني، أن هذه الظاهرة جاءت بعد أن افتقد التلفزيون كُتّاب السيناريو المتميزين لأعماله، وهو الأمر الذي جعل المنتجين يلجؤون إلى الأعمال الجاهزة والجيدة، من وجهة نظرهم، إذ حازت إعجاب القراء ولم يبق إلا كتابة سيناريو ملائم لها، ذاك مثل رواية «عايزة أتجوز» للكاتبة الشابة غادة عبدالعال، والتي حققت نجاحاً كبيراً حين طرحتها ككتاب وناقشت من خلالها قضية تهم معظم فتيات المجتمع وفتيانه، وهي قضية العنوسة، ومن ثم تضاعف نجاح الرواية أيضاً بعد أن تحولت إلى مسلسل درامي قدمته الفنانة هند صبري بأداء متميز أيضاً.

وأشار الأسواني إلى أن قبول بعض الكُتّاب تحويل أعمالهم إلى دراما سينمائية أو تلفزيونية يهدف في المقام الأول إلى تحقيق الشهرة، خصوصاً إذا ما كان المؤلف شاباً يبحث عن الشهرة. وتابع: بالتأكيد تحصد «الرواية» نجاحاً وشهرة إضافيين عند تحويلها إلى فيلم أو مسلسل.

خصوصاً مع تدني معدلات القراءة في المجتمع المصري، نتيجة الأزمات الطاحنة التي يعاني منها المواطن؛ ومن ثم فإن فرصة عرض الرواية كفيلم أو مسلسل ستضاعف من مبيعاتها من قبل المشاهدين الذين يودون الرجوع إلى العمل الأصلي.

توافق

يؤكد القاص سعيد الكفراوي أن تحويل الأعمال الأدبية إلى دراما سينمائية أو تلفزيونية، يعد حالة جيدة تشهدها الأوساط الثقافية في السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أن السيناريو غالباً ما يكون بعيداً بشكل كبير عن العمل الأصلي، وهو الأمر الذي جعل كاتباً بارزاً مثل الراحل نجيب محفوظ يقول، عندما سئل عن السيناريو الخاص بأفلامه: مهمتي إنجاز العمل الروائي، ولست مسؤولاً عما يجري تقديمه داخل هذه الأفلام.

ويشير الكفراوي في الوقت نفسه إلى أنه عند الاتفاق على تحويل العمل الناجح حين القراءة، يجب أن يكون لمؤلفه دور في الإشراف على السيناريو الخاص بروايته، حتى لا يخرج العمل الدرامي للنور كنسخة مشوهة من الرواية الأصلية، ومن ثم يضر بالعمل الأصلي بدلاً من أن يضاعف نجاحه.

ويشدد الكفراوي على أن عديداً من الأعمال الأدبية تحولت إلى أفلام في وقت سابق، وأثبتت نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيرين، وبالتالي فلا مشكلة في استثمار نجاح عمل مقروء بتحويله إلى عمل درامي، شرط أن يحدث ذلك بالتوافق مع المؤلف، حتى لا يتحول العمل الدرامي إلى انتكاسة تكبد النص المقروء خسائر جمّة.

تخليد وتحديث

توضح السيناريست مريم نعوم، سبق وأن حولت رواية «منخفض الهند الموسمي» لأسامة أنور عكاشة إلى مسلسل «موجة حارة».. وغيرها، أن العمل يمكن تخليده وحفظه إن التزم السيناريست بفكرته وأخلص إليها.

وهو الأمر الذي التزمت به بالفعل مع أعمالها، كما تبين، ما جعل عديداً من النقاد يشيدون بما قامت به في مسلسل «سجن النسا» الذي هو في الأصل مسرحية للكاتبة فتحية العسال كتبت سنة 1993؛ لتجعلها مريم متلائمة للغاية مع روح العصر الذي أنتجت فيه، لتصبح منتمية بشخوصها وقضاياها إلى العصر الحالي.

ورغم هذا البعد بين العمل الأصلي والسيناريو الجديد، إلا أن العديد من النقاد أثنوا على الجهد الذي بذلته مريم، مؤكدين ضرورة أن يحمل العمل روح كاتبه كي يكتب له الخلود.

وتشرح نعوم أنها في أعمالها تقوم بهضم العمل الأصلي إلى جانب اعتماد المعاينة الحقيقية، وهو الأمر الذي جعلها في مسلسل «سجن النسا» تعاين المكان نفسه قبل الكتابة عنه؛ لكي يصبح قريباً ومتماهياً مع الواقع نفسه.

وتلفت إلى أن كل عمل أنجزته له صعوبته الخاصة، حيث أرهقها في مسلسل «موجة حارة» التعامل مع فكرة «الفلاش باك»، وكذلك بعض تفاصيل الشخصيات الشيوعية التي غيرتها من العمل الأصلي، حيث لم يعد لها وجود راهناً، إضافة إلى تضييقها للعديد من العلاقات في المسلسل ليتسع للبناء الدرامي الجديد، وكذلك صعوبة إدخال تفاصيل جديدة لعناية صاحب العمل الأصلي أسامة أنور عكاشة بتفاصيل شخصياته.

استسهال

يجزم الناقد الفني طارق الشناوي، بأن بداية فكرة تحويل الأعمال الأدبية إلى الفنية، كان بسبب استسهال المُنْتِج في المقام الأول، حيث يضطر إلى البحث عن قصة جيدة، رغم أن الأمر، اقتصادياً، يصبح مختلفاً، إذ يضطر إلى دفع مبالغ مالية لدار النشر وللمؤلف، بينما النهاية غير محسوب على المستوى الفني.

ويضيف: لا يشترط أن تتحول الرواية الناجحة إلى عمل فني ناجح؛ لأن الأصل في هذا التحول هو السيناريست نفسه الذي يهرب منه في بعض الأحيان خيط العمل، فالسيناريست يجب أن يجتهد كي يصنع عملاً موازياً في قوته للعمل الأصلي، وهو ما فعله السيناريست حسن فؤاد، الذي استطاع تحويل رواية «الأرض» لعبدالرحمن الشرقاوي، إلى فيلم يعتبر من أهم أفلام السينما المصرية، وبصمة مميزة تعاون في صناعتها المؤلفان.

طريقة تحويل

جمع الناقد شعبان يوسف، في كتاب صدر عن الهيئة المصرية العامة للثقافة بعنوان «صبري موسى.. سيرة عطرة وإبداع شامخ»، مجموعة من مقالات صبري موسى حول تجربته في كتابة سيناريو وحوار فيلم «البوسطجي» لكاتبه الأصلي يحيى حقي، والذي يعد من أهم مئة فيلم أنتجتها السينما المصرية.

وتطرق إلى مذكرات صبري موسى حول ما قام به من أجل تحويل القصة إلى فيلم: «أذكر أننا عندما تصدينا لعمل السيناريو لاحظنا أن الشكل المتقدم المكثف الذي يعتمد على الفلاش باك سيكون إطاراً متنافراً مع هذه الدراما الدموية.

وهكذا قررنا بشجاعة أنا وزميلتي دنيا البابا التي شاركتني في المونتاج بإعادة صياغة القصة بأسلوب تقليدي، يناسب الزمان والمكان المتخلفين، مع إضافة بعض الطعم الملحمي كتعويض عن الحداثة التي تركناها، وحينما جاء دور الحوار السينمائي كانت نصب عينيّ مهازل الحوار اللقيط الذي ينطق به الفلاحون في الأفلام المصرية ذلك الحين».

ويضيف: «فقررت أن يكون الحوار باللهجة واللكنة الصعيدية «القح» التي كانت تستغلق عليّ أحياناً، وأنا «بحراوي» النشأة والمولد، فقمت باختطاف أحد أصدقائي الصعايدة، واحتجزته معي في كابينة على شاطئ رأس البر في شهر ديسمبر وهو شهر العواصف والنوات هناك، حتى تمكنت من استخلاص مفاتيح اللهجة الصعيدية من فمه الذي لم يكف عن الشكوى والتوسل بأن أعيده إلى مصر، وأنقذه من هذا البرد الشديد والسمك المشوي الذي أطعمه إياه كل يوم».

2012

شهدت السنوات الأخيرة بروز عديد من الروايات التي حققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً بين القراء، ومن ثم اتفق على تحويلها إلى أعمال سينمائية، مثل ما حدث مع رواية «الفيل الأزرق» التي نشرتها دار الشروق عام 2012 للكاتب أحمد مراد، وتحولت إلى فيلم سينمائي عام 2014، بعد أن حصدت نجاحاً كبيراً وظلت في صدارة قائمة الكتب لعامين كاملين.

الأمر ذاته واجهته رواية «هيبتا» التي ظلت في صدارة قائمة «البيست سيلر» وصدر منها أكثر من 40 طبعة، لتعلن شركة «ذا بروديوسر» لهاني أسامة، عن حصولها على حقوق الاقتباس من الرواية بنيّة تحويلها إلى فيلم سينمائي، ومن ثم أعرب الكاتب محمد صادق عن سعادته لتحويل روايته الثالثة إلى عمل سينمائي حقق إيرادات كبيرة في دور العرض السينمائية في مصر والإمارات.

كما استطاعت رهام راضي في روايتها الأولى «مرآة فريدة» جذب القراء وصناع السينما في آن، لتتحول روايتها إلى فيلم سينمائي من إنتاج شركة «سبوت 2000» للمنتج أشرف غطاس، خصوصاً بعدما طبعت الرواية عدة طبعات وحازت بالفعل إعجاب القراء، عقب أن نشرتها دار رواق للنشر والتوزيع.

ومن المنتظر أن تتحول رواية «عقار 24» إلى فيلم هي الأخرى مع شركة سبوت 2000 أيضاً، والرواية صدرت عن دار رواق عام 2014. وهناك رواية أخرى في طريقها إلى الشاشة الفضية هي «ميس إيجيب» التي كتبتها الروائية سهير المصادفة عام 2008، إذ تتعاقد مع المخرج علي بدر خان لتحويلها إلى فيلم سينمائي.

«ذات» و«أنا عشقت».. التلفزيون يكسب الرهان

ليست السينما وحدها التي استحوذت على الروايات الناجحة، فالدراما التلفزيونية أيضاً، صار لها نصيب من هذه الأعمال، ومن الأعمال التي حققت نجاحاً واسعاً مسلسل «بنت اسمها ذات» الذي أدت بطولته الفنانة نيللي كريم، وكتبت السيناريو والحوار الخاص به مريم نعوم عن الرواية الأصلية «ذات» للكاتب صنع الله إبراهيم، والتي تعد من أهم الروايات المصرية الحديثة.

كما حولت رواية «أنا عشقت» للروائي محمد منسي قنديل إلى مسلسل يحمل الاسم نفسه، من بطولة الفنان أمير كرارة، ذاك إلى جانب أعمال أخرى يحضرها المنتجون، مثل مسلسل «واحة الغروب» الذي أخذ عن رواية الكاتب بهاء طاهر، إذ تقوم ببطولته الفنانة منة شلبي، بينما كتبت السيناريو والحوار الخاص به السيناريست مريم نعوم. وهذا إلى جانب رواية «أفراح القبة» للأديب الراحل نجيب محفوظ التي كتبها عام 1981، إذ تحولت إلى عمل درامي من بطولة منى زكي وإياد نصار.

1930

تعود العلاقة الثنائية بين السينما والأدب إلى عام 1930، عندما قرر المخرج محمد كريم تقديم رواية «زينب» على الشاشة، من خلال فيلم يحمل الاسم عينه، لتستكمل الرحلة مع مخرجين آخرين اعتمدوا بشكل كبير على النص الأصلي؛ مثلما أخذ المخرج محمد شعبان فيلم «الشرف» عن رواية «بيوت وراء الأشجار» لمحمد البساطي، كما أخذ إيهاب راضي فيلم «فتاة من إسرائيل» عن قصة «الوداعة والرعب» لمحمد المنسي قنديل.

وعلى جانب آخر، قام بعض المخرجين بمغامرة أخرى، حينما حوّلوا بعض النصوص العالمية الشهيرة إلى أفلام مصرية، مثل ما فعله عاطف الطيب في فيلم «الغيرة القاتلة» المأخوذ عن مسرحية «عطيل» لشكسبير.

Email