مكتبة " المحمود" بيت الطلبة وكنز الباحثين

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تتخلف »مكتبة عبدالله بن علي المحمود«، في الشارقة يوماً عن مواكبة روح التجديد والتطوير. وهكذا قرنت التركيز على المؤلفات التراثية بتوسيع اهتمامها بجديد الكتب النوعية في الساحة الثقافية العربية. وبذا بقي النمو المتواصل والمواكبة الفعّالة، على الدوام، نهجاً وشعاراً لديها.

وبذا نمت خلال الفترة الماضية، حتى وصلت محتوياتها إلى ما يفوق الـ25 ألف عنوان، وأكثر من 1500 دورية و10000 مادة سمعبصرية، فضلاً عن الكتب النادرة والوثائق وغيرها.

وتتيح المكتبة كامل محتوياتها من الأوعية المعرفية والمعلوماتية، لجميع الباحثين والقراء والطلبة، موفرة لهم بفضل برامج عملها، سهولة الاستفادة من ما لديها، خصوصا في ظل برامج الفهرسة والتصنيف التي تبعها (تصنيف ديوي العشري). وينظر إليها، حاليا، من قبل الباحثين والطلبة والمتخصصين، على أنها بيت المراجع وحضن الدراسات الفقهية والتاريخية المتنوعة. ويعرفها كثيرون على أنها: بيت الطلبة وكنز الباحثين.

نشأة وتاريخ

أنشئت مكتبة المحمود في العام 1982، وهي في منطقة الناصرية بإمارة الشارقة، وكان تأسيسها بمبادرة من الدكتور سالم بن عبدالله المحمود وإخوانه، تيمناً بمسيرة والدهم الشيخ عبدالله بن علي المحمود، رحمه الله، وإحياءً لتراثه الفكري والعلمي.

وبرعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. وتتضمن المكتبة مؤلفات متخصصة في شتى صنوف العلوم والفنون والمعارف، وذلك مع اعتنائها بشكل موسع في المؤلفات والدراسات الخاصة بمصادر الدراسات الإسلامية واللغة العربية والوطنية والخليجية.

كما أضيفت إلى المكتبة، التي يشرف عليها الدكتور سالم عبدالله المحمود، مجموعة أقسام جديدة. وهي: قسم الطالبات والباحثات، الموقع الإلكتروني، صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر). ويأتي ذلك في سياق منهج التنويع ومواكبة التجديد العصري.

أقسام

يضم القسم الرئيس في المكتبة أكثر من 25 ألف وعاء معلوماتي، تتخصص في جميع الحقول الفكرية والعلمية والفقهية. وتشتمل على تجهيزات ممزية وقاعات عديدة، منها ما هو مخصص للطالبات والباحثات، ذلك خاصة وانها تتفرد بميزة كونها تلبي الاحتياجات القرائية الأساسية للباحثة والطالبة. وإضافة إلى ذلك يوجد فيها قسم للناشئة والأطفال.

وهي تضم الموسوعات والمصادر المعلوماتية التي تناسبهم. وأما قسم النوادر فيها، فله أهمية كبيرة، إذ يضم مجموعة من الكتب القديمة والمطبوعات النادرة والأعداد الأولى لبعض الدوريات، لاسيما الدوريات الحديثة الخاصة بالهيئات العلمية (كالجامعات ومراكز البحث العلمي والهيئات المتخصصة).

وهناك أيضا دوريات المؤسسات الاعلامية من داخل الدولة وخارجها، علاوة على دوريات ونشرات عن الدروس العلمية المنهجية في اللغة العربية وفروعها: كالنحو والصرف والبلاغة وغيرها.

ويتبدى لزائر المكتبة مدى حرصها على توفير كافة الخدمات الإرشادية المتطورة التي تفي بأغراض واحتياجات جميع رواد المكتبة باهتماماتهم وغاياتهم المختلفة. وما يدعم دور المكتبة ومقدرتها على تقديم خدماتها بشكل كامل ووفق أعلى المستويات، أنها تواصل على الدوام، تأمين مستلزمات الباحثين بشكل مريح..

وفي هذا السياق وبناء على تلك الاعتبارات، فإنها تؤمن في الموقع الخاص بها على الشبكة العالمية العنكبوتية، خدماتها ودراساتها ومراجعها. إذ بإمكان الراغب الوصول الى ما تحتويه وتشتمل عليه بسهولة، من خلال الموقع www.mlb.ae

تفرد

ربما ليس من قبيل المبالغة، القول إن المكتبة تتفرد باشتمالها على مجموعة نادرة من الدراسات والمراجع الفقهية. إذ إنها واحة للكثير من أهم الكتب. وفي الخصوص فإنها تحتوي المصادر الأساسية في التفسير والحديث والفقه واللغة. وهي جميعها مصادر هامة من الصعب المفاضلة بينها، ولكن يمكن القول إنه هناك بعض الاضافات المميزة ..

والتي لها وزن علمي ومعرفي بارز، ومن بينها: علوم القرآن بأنواعها، مثل: كتب التفسير وإعراب القرآن الكريم - أسباب النزول - الناسخ والمنسوخ. والكتب المعروفة، كالصحاح والسنن والمسانيد وشروحها المتعددة، وكتب غريب الحديث وغير ذلك. كما تضم المكتبة طائفة كبيرة من كتب مصطلح الحديث القديم والحديث منها، وكتب فقه المذاهب المشهورة وشروحها ومختصراتها.

وكذلك الموسوعات الفقهية، مثل: معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية (وهي موسوعة رائدة تعتبر إضاءة بارزة في التراث الإسلامي)، كتب اللغة العربية في شتى الفنون المعروفة من نحو وصرف وبلاغة. كما تضم المكتبة باقة متنوعة من دواوين الشعر وأمهات الكتب في الأدب.

ولا تقصر المكتبة اهتمامها العلمي والمعرفي على مساق ومجال فكري محدد، بل تضم كما هائلا من الدراسات الوطنية والخليجية، ومن أبرزها: مؤلفات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. وكذلك إصدارات المجلس الوطني الاتحادي، والدراسات والمؤلفات الصادرة عن مركز زايد للتراث والتاريخ، جامعة الشارقة، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث.

إسهام نوعي

حاولت المكتبة، منذ انطلاقتها، أن تتولى مسؤوليات وأدوارا مجتمعية فاعلة، عبر جملة فعاليات ثقافية تنفذها وتشرك فيها كافة فئات المجتمع. وهي في هذا الصدد، لا تدخر جهدا، انطلاقاً من ايمانها بمسؤوليتها التعليمية والثقافية والوطنية العامة، في مواصلة تنظيم ندوات وزيارات ومحاضرات..

وبرامج فكرية تنويرية متنوعة، لجميع شرائح المجتمع، وفي مقدمها طلاب المدارس. وفي هذا الإطار، ركزت في خلال السنوات الماضية على اقامة ندوات وملتقيات ودورات، أشرف عليها واستضيف فيها كبار الدعاة والمفكرين والعلماء لتقديم الفائدة المجتمعية القضوى.

دورات علمية

ولأهمية الدورات العلمية المتخصصة التي تعتبر رافدا تعليميا للراغبين في الاستزادة من بعض فروع الشريعة، قامت المكتبة بواجبها في أداء هذا الدور التعليمي الهام، من خلال مجموعة برامج متخصصة، إذ لقيت إقبالاً كبيراً من طلبة العلم، ومن أبرز الدورات العلمية المتخصصة التي نظمتها المكتبة بالتعاون مع كبار العلماء وكليات الشريعة واللغة العربية:

تجويد القرآن الكريم - قدمها أ.د. محمد عصام القضاة (جامعة الشارقة)، المواريث- قدمها أ.د. مصطفى مسلم (جامعة الشارقة)، دراسات فقهية -قدمها أ.د. عمر صالح بن عمر (جامعة الشارقة)، مصطلح الحديث -قدمها أ.د. سعيد القزقي (جامعة الشارقة)، أصول الفقه -قدمها أ. د. صبحي جميل (جامعة الشارقة)، دراسات في السيرة -قدمها أ.د. محمد نافع المصطفى (جامعة الشارقة).

قيمة ومكانة

تحظى المكتبة بإقبال واهتمام كافة فئات المجتمع. ولك من بين أكثر الفئات حضوراً إليها: طلبة المدارس. إذ يستفيدون منها في إعداد ما يطلب منهم من أبحاث وتقارير، وكذلك طلاب الدراسات العليا نظراً لوجود بغيتهم من المراجع التراثية القديمة. كما يحضر للمكتبة بعض المستفيدين من أبناء المجتمع، ممن لديهم الوعي بأهمية القراءة ودورها البارز في الارتقاء والتميز.

ومما يخدم تعزيز وكثافة الاقبال على مكتبة المحمود، موقعها الحيوي بين الأحياء السكنية. وهو ما يجعل الوصول إليها عملية أكثر سهولة.

رجل فكر وعلم كان همه خدمة الثقافة والطلبة والباحثين

 

 

 

يعد المرحوم فضيلة الشيخ عبدالله بن علي المحمود (1909-1982)، مؤسس المكتبة، من الرواد على صعيد الفكر والثقافة في الدولة. وكان مهجوساً على الدوام بتذخير المكتبة بمراجع نوعية. وهو مولود في السابع عشر من شهر صفر سنة 1327هـ الموافق 1909م في مدينة الشارقـة، وتلقى تعليمه في المدرسة التيمية المحمودية..

كما درس على يد بعض كبار علماء عصره، ومنهم: عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، محمد بن إبراهيم آل الشيخ، عبدالكريم بن علي البكري (مدير التيمية المحمودية). كما سافر إلى قطر ليكمل دراسته في المدرسة الأثرية وتلقى العلم على يد شيخها ومديرها محمد بن عبدالعزيز المانع، رحمه الله. كما تقلد الشيخ عبدالله بن علي المحمود، رحمه الله، العديد من المناصب الهامة، بينها:

المدير العام للشؤون الاسلامية والأوقاف بإمارة الشارقـة، رئيس مركز الدعوة الاسلامية بإمارة الشارقـة، عضو مؤسس في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، عضو المجلس الأعلى العالمي للمساجد بمكة المكرمة، عضو مجمع البحوث الاسلامية بالقاهرة، رئيس اللجنة الخاصة بالاشراف على مشروع المصحف المسجل والمترجمة معانيه إلى اللغة الانجليزية.

وتمثل المكتبة، التي اعتنى بإغناء محتوياتها، مشروعاً مهماً شكل هاجس ومشروع حياته، إذ سخر كامل جهوده لتوفير إطار فكري منهجي ومرجعي، يلبي احتياجات الباحثين والمفكرين والطلبة والمثقفين عامة.

 

عالم بارز وأدوار عديدة

 

 

 

كان فضيلة الشيخ عبدالله بن علي المحمود، رحمه الله، من علماء دولة الامارات العربية المتحدة البارزين ومن الشخصيات الاسلامية المعروفة عالمياً، وكان من المهتمين بقضايا الجاليات الاسلامية، حيث زار المسلمين السود في أميركا، والمسلمين في الصين والجاليات الإسلامية في أوروبا، ودافع عن قضاياها وحمل لواء مناصرتها. ونجح في التعريف بهذه الجاليات وإسماع صوتها.

 

Email