رواية اجتماعية أبطالها الأطفال والحيوانات

«جامبلو».. رؤية ساخرة للواقع في أوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

صدر أخيراً عن دار «بيجماليون» الفرنسية، رواية جديدة للروائية والكاتبة والسيناريست والمخرجة الفرنسية جوزيان بالاسكو، بعنوان «جامبلو»، سوف تطرح في المكتبات أول مارس المقبل، تقدم الكاتبة خلال صفحاتها الـ 270 من القطع المتوسط، رؤية ساخرة للواقع الحالي الذي تعيشه أوروبا، ممزوجاً بالخيال الذي يجعل القارئ يستسيغ بحلاوة السرد والتحليل مرارة الواقع المتناقض، خاصة التناحر الديني والطائفي وانتشار ظاهرة الإرهاب والتطرف والأزمات النفسية التي تواجه الأطفال في مجتمع بات مليئاً بالتعقيدات، وتتداخل الرواية بشكل مهم مع الظاهرة، وتفككها بطابع كوميدي خفيف، وتوجه النصيحة للأسرة بشكل مقبول.

واقع وخيال

وكما هي عادتها، استعرضت، جوزيان بالاسكو، بعينها السينمائية وخبرتها الأدبية أزمات المجتمع الفرنسي والأوروبي، وخاصة الاختلافات الدينية والطائفية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة جوانب إهمال تربية الأطفال تحت ضغط المشاغل الأسرية، في صورة أدبية أبطالها الأطفال والحيوانات في نطاق أسري متناقض، ولم تغفل جوزيان أن تزيد من جرعة الكوميديا بين السطور، من خلال بطل القصة الطفل الفضولي، الذي يتصور أشياء غير موجودة، هي في الواقع إسقاطات على أزمات اجتماعية ونفسية واقتصادية وسياسية في المجتمع الفرنسي، واستغلت الحيوانات لجعل الرواية مختلفة ومتميزة، واستطاعت بخبرتها السينمائية، أن تجعل من الرواية بيئة خصبة لإطلاق الخيال والربط بين الأحداث.

البطل الصغير

وتدور الرواية حول قصة الطفل «جامبلو»، الذي يهوى تربية الحيوانات الأليفة، وخاصة الكلاب، ويعيش جامبلو الطفل كثير الحركة، أو المشاغب، في أسرة صغيرة مكونة من أب وأم وشقيقة، ويتعمد أن يثير المشكلات، وأن يتخيل أموراً بعضها غير موجود، وأغلبها واقعي، لكنه يترجمه وفق مفهومه هو ويضخمه، وأغلب هذه المشاكل، مكمنها انشغال الأب والأم عن الطفل بالحياة، وتأثير الأزمة الاقتصادية في فرنسا على الأسرة، والضغوط الحياتية في أوروبا على سلامة المجتمع الحقيقية، وهو بُعد اجتماعي مهم في الرواية، تناقشه جوزيان بشكل مختلف، وتسير الكاتبة خلال فصول روايتها السبعة، حول فكرة أهمية تربية الطفل تربية سوية، ومحاولة توجيه أفكاره وطموحاته، والاهتمام بتفاصيل حياته، منعاً لانحرافه نفسياً وسلوكياً.

زومبي التطرف

وفي ختام الرواية، ركزت جوزيان، بشكل ساخر، على فكرة أن التطرف والصراعات الطائفية والتناحرات داخل المجتمعات، لا تأتي مصادفة، بل تنمو داخل الإنسان من الصغر، سواء بالتأثير المباشر من الأب والأم، أو التلفزيون أو المدرسة والجيران والمحيط العائلي، تبدأ بفكرة، وتنمو هذه الفكرة لتصبح عقيدة أو سلوكاً عدوانياً، يصعب علاجه في المستقبل، ورمزت جوزيان في روايتها للتطرف بشخصية «الزومبي»، الذي يبدأ حياته كإنسان، ثم يتحول بفعل الظروف إلى كائن آكل للحوم البشر، لتنتهي الرواية بتلاشي هذه الشخصية بعد أن أدرك الأب والأم أزمة طفلهم النفسية، وتدخلوا بشكل إيجابي لتقويم سلوكه، ليكتشف في النهاية أن شخصية الزومبي كانت في خياله فقط، وهو إسقاط على أن التطرف فكرة مخيفة، لكنها ضعيفة، يواجه ويهزم بكل سهولة داخل عقل الإنسان.

Email