«أن تكون صديقاً للبيئة».. فلسفة حياة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

نعيش في عالم أصبحنا مجبرين فيه على التعامل مع مشكلات البيئة بشكل يومي؛ فهل نحن بحاجة فعلاً لأن نطمر أنفسنا في هذا الكم الهائل من «المعلومات المخيفة» عن التلوث، أم نحن أمام مرحلة جديدة من التجربة الإنسانية والوعي البيئي تستلزم مقاربة مختلفة لهذا الموضوع، كما يطرح كتاب «أن تكون صديقاً للبيئة» للأستاذ الجامعي تيموثي مورتون الصادر حديثاً، والمتفائل بقدرة البشر وإرادتهم لإحداث تغيير في فهم مكانتهم وسط المحيط الحيوي.

الكتاب لا يتضمن «حقائق» يُقصد منها إثارة مشاعر الذنب؛ فهذه الوسائل قد تكون «مثبِّطة لطريقة أكثر واقعية للتعامل مع المعرفة الإيكولوجية»، كما أن أعمال الأفراد غير ذات تأثير يذكر من الناحية الأخلاقية، لكن فقط عند ممارستها من جانب الجنس البشري ككل، عندها فقط تصبح عملاً جماعياً في الإبادة البيئية.

مقاربة الكتاب البيئة تجري عبر عدسات الفلسفة والأدب والثقافة الشعبية، حيث ترتكز على أفكار الفيلسوف «كانت» حول العقل والوعي والأنثروبولوجيا، وتستعين بفنون ما بعد الحداثة، وحتى بشخصية أوبي- وان كينوبي في «ستار وورز»، في توضيحه لطريقة فهمنا لأنفسنا وارتباطنا الواحد بالآخر وبالمحيط الحيوي الذي يدعم وجودنا، مروراً بمفاهيم متعددة كعلاقة الفرد والجماعة، والذاتي والموضوعي، والذنب والمسؤولية، والأخبار الزائفة.

وفي صلب الكتاب نقرأ نقداً لفهمنا لموقع الجنس البشري في العالم، حيث إن جزءاً من إهمالنا وسوء استخدامنا للبيئة متجذر في واقع أننا نرى أنفسنا منفصلين نوعاً ما عن الطبيعة، نستخدم التكنولوجيا كدرع لحماية أنفسنا من الفيروسات وغيرها من الكائنات، فيما نحن لا بد أن نتنفس الهواء ونشرب المياه النظيفة ونتعايش مع البكتيريا والميكروبات التي تعشش فينا، وموصولون بشكل تكافلي مع أشكال من الحياة الأخرى الدقيقة والهشة والجميلة بطريقة دينامية.

وكان المؤلف قد كتب في أحد كتبه السابقة: «نحن سكان «ما بين الرافدين» كما أجيال المجتمعات التي تلت الزراعة اعتقدنا أننا نتلاعب بكائنات في فراغ، كما لو أننا في مختبر، والطبيعة في مكان منفصل عنا، وعلينا أن نستفيق لحقيقة أننا لم ننفصل عن تلك الكائنات، بل مرتبطون بها بالعمق».

وفيما تلك الاحتياجات وواقع أننا مخلوقات بيولوجية تكافلية تشكل الرابط الذي يجمعنا مع الطبيعة، فإن معرفة ذلك وإدراكنا له يجعلنا أكثر استعداداً وتحفزاً وقدرة على معالجة قضايا البيئة، فحتى الأشخاص الأكثر لامبالاة بالبيئة يهتمون بما يجري في محيطهم الحيوي، لأن الجنس البشري من دون إدراك منه، مرتبط بغيره من الكائنات، في نقد لنزعة التفوق الاثنية.

لكن الكاتب في مقابلة بمناسبة صدور الكتاب، يطرح تساؤلات عما إذا كان العالم عدّل طريقة تناوله للموضوع، أم إننا ما زلنا نسأل تلك الأسئلة داخل الفضاء نفسه، والخطأ ليس في الزراعة أو ترويض الحيوانات، بل في طريقة تفكيرنا بالأشياء.

الكاتب يرى أننا في سبيل أن «نعيش المعرفة الإيكولوجية» فإننا بحاجة إلى اختراق «جدار حماية هائل» أوجده أسلافنا من العصر الحجري بين البشر وغير البشر. يصف محرر صحيفة «غارديان» قراءة الكتاب كخوض تجربة من ألعاب فكرية نارية، قائلاً: إنه يخلط النثر مع إشارات إلى أفلام ونصوص بوذية وكلمات أغان ومفاهيم من الفلاسفة الألمان.

Email