فتى أسمر قهر عذابات التمييز العنصري وغدا بطلاً عالمياً

«كلاي »..أسطورة القبضة الفولاذية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عام 1964 استقبلت القاهرة ضيفاً استثنائياً رحب به الناس، العامة والخاصة على السواء، بلغ الترحيب ذروته عندما استقبله «جمال عبد الناصر» في بيته وبين أفراد أسرته، فيما ارتسمت على ملامح الزعيم ابتسامة ترحيب بالضيف الأسمر القادم من الولايات المتحدة، وقد سبقته شهرته التي طبقت آفاق العالم في ذلك الزمان.

كان اسم الضيف: محمد علي كلاي، بطل أبطال العالم في الملاكمة.

بدأ البطل الرياضي الأسمر حياته باسم يتألف من كلمتين: كاسيوس كلاي، لكن بعد أن أضاءت هذه الحياة بنور الإسلام تحوّل الاسم إلى كلمات ثلاث هي: محمد علي كلاي.

وكم كان سائغاً ومحبباً أن يشيع في جنبات العالم على مدار سنوات الستينيات وما بعدها ذلك الاسم المختصر: محمد علي.

ثم يأتي في الأشهر الأخيرة كاتب أميركي متخصص ومقتدر فيضع أحدث كتاب عن البطل الرياضي الأسمر المسلم تحت عنوان هو: «علـي -محمد علي كلاي- .. سيرة حياة».

ألف الكتاب صحفي في جريدة وول ستريت «جوناثان إيج». ومن ناحيتها، استقبلت جريدة «نيويورك تايمز» الكتاب موضحة أن «محمد علي كلاي» صدر عنه أكثر من 50 كتاباً لعل آخرها كان الكتاب المنشور في عام 1998 بقلم الكاتب «دﻳﭭيد رمنك».

من هنا يلاحظ قارئ كتابنا كيف بذل المؤلف جهوداً حثيثة في تدارس نشأة الصبي الأسمر في شوارع وأزقة أحياء الزنوج الفقيرة، حيث عانى مبكراً من عذابات التمييز العنصري بحق بني جلدته من ذوي الأصول الأفريقية، ومن ثم فقد تشرّب الفتى «كاسيوس كلاي» ظروف المعاناة التي ترجمت نفسها في مواقف التمرد التي دفعته إلى رفض التجنيد لخوض الحرب في أدغال فيتنام بجنوب شرقي آسيا.

وفي تلك الفترة أعلن «كلاي» آراءه قائلاً: «ليس لديّ ما يدفعني شخصياً إلى العراك مع أهل فيتنام.. كل ما أعرفه هو أن هناك من يعتبرهم من الآسيويين السود، وليس هناك ما يجعلني أحارب قوماً من السود». كما لا يفوت المؤلفَ الحديثُ عن إعلان البطل الجديد تحوّله المشهود إلى عقيدة الإسلام تحت الاسم: محمد علي كلاي

من ناحية أخرى، يتوقف مؤلف الكتاب ملياً عند التطورات السلبية التي قُيض لها أن تصيب الأوضاع الجسمانية للبطل الأسمر.. يوضح المؤلف كيف جاء عقد السبعينيات ولمّا يصل «كلاي» بعد إلى عامه الثلاثين – فإذا بطبيبه الخاص، واسمه كما يسجله الكتاب هو:

«فردي باشيكو»، يعمد إلى حقنه قبل الدخول في الحلبة بجرعات من عقار الكورتيزون، وهو ما أوصل البطل إلى حال أقرب إلى عجز الحركة ناهيك عن إصابته في عام 1984 بآفة الشلل الرعّاش التي تحمل اسم «متزامنة باركنسون».

من جانبها، لم يفت مؤسسة الإعلام والدعاية التجارية أن تواصل استثمار اسم وشهرة «محمد علي كلاي»، لتحويله إلى ما يشبه الأسطورة، حيث وضعت اسمه على العديد من العلامات التجارية والمنتجات السلعية التي كان لا بد وأن تلقى رواجاً واسع النطاق سواء بين المخضرمين ممن تمكنوا بحكم السن من متابعة كتاب أسطورة بطل الأبطال، أو بين المحدثين والناشئة ممن تسامعوا بسيرة «كلاي».

ومنهم من تعامل مع الرياضي الأميركي، وخاصة عندما اتضحت إصابته بالمرض، بمنطق التعاطف والإشفاق، فضلاً عن استدعاء مواقف التحدي التي تجلت في سلوكيات ومواقف الفتى «كلاي» شخصياً ضد حرب أمريكا في فيتنام.. مقترنة بمواقف تحوّل البطل الأسمر إلى عقيدة الإسلام، مستظلاً بالاسم الكريم للنبي عليه الصلاة والسلام.

كانت حياة «كلاي» ملحمة كما يصفها الناقد الأميركي «دوغلاس ووك» في معرض تحليله لكتابنا. والناقد المذكور يشيد بالخلاصة التي انتهى إليها مؤلف الكتاب قائلاً: «هناك من يذهب إلى أن «محمد علي كلاي» قد تخطى عابراً حواجز الأصل العرقي.. والحاصل أن «علي» لم يتجاوز أو يتجاهل حاجز العِرقْ (أو اللون).. وإنما عمد «كلاي» إلى رفضه وتنحيته ومواجهته إلى حيث وصل به إلى محطة النهاية».

الكتاب: محمد علي كلاي .. سيرة حياة

المؤلف: جوناثان إيج

الناشر: مؤسسة هوتون هاركور

الصفحات:

623 صفحة

القطع: المتوسط

Email