نهج اقتصادي يغري العديد من بلدان القارة

المثلث الصيني.. أميركا اللاتينية والتنين الآسيوي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

اتساع نشاط المارد الصيني الذي بات يعمل جاهداً، وفي أناة موروثة وتؤدة آسيوية من أجل المزيد من الانتشار؛ تجارة ونشاطاً واقتصاداً في شرق عالمنا وغربه على السواء، لفتت اهتمام الكثير من الباحثين، لكن الجديد على محللي وراصدي حركة السياسة العالمية الراهنة هو ظاهرة الصين في أميركا اللاتينية، فمن هذا المنظور اختار البروفيسور كيفن غالاغر، أستاذ السياسة الإنمائية العولمية في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة دراسة التوسع الصيني في أميركا الجنوبية من خلال مؤلفه الذي اختار له عنوان «المثلث الصيني»، ويعالج فيه طفرة ازدهار الصين اقتصادياً، وتطلعات أميركا الجنوبية «اللاتينية» إلى مواصلة مسيرة التنمية الاقتصادية، والجسور التي باتت الصين تمدها عبر القارة اللاتينية وتعمد إلى بنائها على دعائم مغرية اسمها: القروض.

ويطرح مؤلفنا أفكاره الجديدة بشأن علاقة الصين، الجديدة بدورها، مع دول أميركا اللاتينية من زاوية تأثير هذه الوشائج على علاقة الولايات المتحدة مع جارتها الجنوبية وهي العلاقة التي مازالت تجسدها وثيقة محورية تم التوصل إليها على المستوى الإقليمي في هذا الشطر من عالمنا. ويمضي المؤلف موضِّحاً كيف أن هذا النموذج من التحول الإيجابي هو الذي دفع أقطاراً عديدة في قارة أميركا اللاتينية إلى محاولة السير على نهج الصين بكل نجاحاته وجاذبيته.

ثم تمضي فصول هذا الكتاب في متابعتها مسيرة المثلث الصيني العجيب، وقد بدأ هذه المسيرة مع استهلال القرن الجديد الحالي وتواصلت خطاها حتى سنة 2013 بالذات حين انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية، وفي سياقها ظلت أميركا اللاتينية تشكل كما يقول مؤلفنا - موقعاً استراتيجياً من حيث إمداد الصين بالمواد الخام والسلع الأولية اللازمة لمواصلة تطورها الصناعي.

ثم إن هناك عاملاً فريداً في بابه، تتوقف عنده فصول هذا الكتاب، وتجسده حقيقة سلبية تمثلت في أن واردات التصنيع الوافدة من الصين، وقد لاقت رواجاً واسع النطاق في أسواق الدول اللاتينية، نجمت عنها حالة منافسة ضد المنتوجات المحلية، وتلك ظاهرة سلبية بدورها أدت، في رأي مؤلف هذا الكتاب، إلى انكماش قدرات وإمكانات وآفاق التصنيع في معظم أنحاء قارة أميركا اللاتينية.

وقطاع الصناعات التحويلية - الاستهلاكية بالذات كان أشد القطاعات تأثراً أو تضرراً في هذا المضمار، وإن كان الجانب الإيجابي من هذه العلاقات الصينية - اللاتينية مازال يتمثل، برأي المؤلف أيضاً، في ما تلقاه الطرف اللاتيني من اعتمادات مالية لصالح دعم البنى والهياكل والمرافق الأساسية ولاسيما في مجالات توليد الكهرباء واستخدامات البترول وتطوير صناعات التعدين الاستخراجية، في حين لاحظ المؤلف أن دولة لاتينية بالذات هي فنزويلا استفادت من القروض والمعونات الصينية من أجل شراء واقتناء السلع الاستهلاكية.

وأخذ المحللون على مؤلف الكتاب أنه لم يسهب في عرض وتحليل مواقف الولايات المتحدة الأميركية من هذه العلاقات الناشطة والديناميكية التي باتت تربط بين الطرف الآسيوي الصيني والطرف المتمثل في الجار؛ الولايات المتحدة.ولعل هذا الجانب من العلاقات التي درجت على أن تنشأ وتتبلور بين القوى القادرة المتقدمة (الصين في هذه الحالة) وبين الأطراف النامية والمتلقية تشكل درساً مستفاداً ليس في علاقات بكين مع شركائها في أميركا اللاتينية بل أيضاً في علاقات العاصمة الصينية مع أطراف شتى من جنوب شرقي آسيا، ناهيك عن أطراف مناظرة عبر ساحات وأصقاع القارة الأفريقية.

Email