بوح يمثل المرثية السياسية لأول مرشحة رئاسية

ماذا جرى؟.. هيلاري كلينتون تسرد أخطاءها وأسرارها

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أيام قليلة هي عمر هذا الكتاب، الذي اختارت له المؤلفة عنواناً يكاد يعكس مشاعر الحيرة، بل والارتباك التي لا تزال تساورها من جراء الملابسات السياسية التي واكبت موسم الانتخابات الرئاسية الأميركية التي دارت خلال الخريف من العام المنصرم.

المؤلفة هي هيلاري كلينتون، التي طالما حملت ألقاباً ومسميات شتى، ما بين السيدة الأولى في أميركا.. إلى جانب السيناتور الممثل لولاية نيويورك، ومن ثم مرشحة الحزب الديمقراطي أمام اثنين من المنافسين: الأول هو باراك أوباما (2012)، والثاني هو دونالد ترامب (2016).

وفيما كانت الشكوك تحفّ بفوزها على أوباما، كان انتصارها على ترامب يكاد يكون محسوماً، وهو ما أضاف إلى هزيمتها - لصالح ترامب طبعاً - لمسات درامية بالغة الإثارة، وإلى حد يجمع - من منظور التحليل - بين شجن التراجيديا وتخبّط الحيرة ومشاعر الارتباك في أغلب الأحيان، وهو ما يعكسه السؤال الحائر، والمرتبك أيضاً، الذي اختارته المؤلفة عنواناً لهذا الكتاب الجديد. والسؤال هو:

.. ماذا جرى؟

الواقع «كما يوضح المحللون» أن فكرة الكتاب قصدت في الأصل إلى تسجيل نوع من تجميع لأقوال وتصريحات ومختارات صدرت عن هيلاري كلينتون في مناسبات شتى. ثم ما لبثت الفكرة أن تحولت إلى عملية تحليل وتقييم لمسارات ومصائر الانتخابات الأميركية لعام 2016، بكل ما حفلت به من عِبَر ودروس.

ومن هنا، يصبح من المفروض أن يعكف القارئ والمحلل لمقولات وآراء هذا الكتاب، على استخلاص أهم هذه الدروس التي تجسد آراء المرشحة السابقة - مؤلفة الكتاب -، وعلى نحو ما نحاول تلخيصه على النسق التالي: أولاً: إن متابعتها لطروحات وأفكار منافسها، الملياردير الشرس المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، دفعتها إلى القول - كما تسجل في مستهل فصول كتابنا -، إن أقوال ترامب كانت بعيدة باستمرار عن الصدق ومجافية للحقيقة باعتبار أن المرشح المنافس المذكور أعلاه، كان حريصاً كما تقول هيلاري على استمالة «أقبح نوازع شخصيتنا القومية».

وفي موضع آخر من الكتاب، لم تتورع المؤلفة عن البوح بما كانت تشعر به من قلق وضيق بوصفها امرأة.. وكان ذلك خلال المناظرة الحوارية الثانية مع المرشح الجمهوري المنافس الذي «كانت أنفاسه تلفح رقبتي» في بعض الأحيان.

ماذا إذاً عن سلوكه كمرشح فائز ورئيس لأكبر دولة في العالم؟

هنا تجيب المؤلفة: أحياناً أتساءل، إذا ما عملنا على تجميع الوقت الذي ينفقه في لعبة الغولف وفي تغريدات التويتر وفي برقيات الأخبار.. فما الذي يبقى؟

كما تعترف مؤلفة الكتاب بعدم توفيقها في التواصل مع دوائر المال والأعمال في «وول ستريت»، وهو ما عرّضها - كما تضيف -، إلى انتقادات من جانب الجناح اليميني الذي كان يجسده المنافس ترامب، وأيضاً من الجناح «التيار اليساري الذي كان يمثله منافسها» الديمقراطي أيضاً برني ساندرز.

وتعترف كلينتون بخطأ سبق لها ارتكابه، ويتمثل في استخدامها بريدها الإلكتروني الشخصي خلال حقبة توليها وزارة الخارجية في واشنطن. وهو ما أدى في تصورها إلى الخلط بين الخاص والعام- بين الشخصي والرسمي، وكان موضع اقتناص للأخطاء ورصد للسلبيات خلال ملابسات الحملة الانتخابية.. بل إنها لم تتورع عن وصف هذا السلوك على النحو التالي: «كان قراراً بالغ الحمق».

كذلك، تتوقف المؤلفة ملياً عند اللحظة التي أذيعت فيها أنباء التحقيق الذي باشره مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن البريد الإلكتروني للمرشحة هيلاري كلينتون. وتذهب في تحليلها إلى أن جيمس كومي رئيس المكتب الاتحادي المذكور عمد «بصورة درامية»، بمعنى بأسلوب بالغ الإثارة، إلى الإعلان عن إعادة التحقيق في مراسلات المرشحة «هيلاري».. رغم أنه أحجم «كما تضيف مؤلفة الكتاب» عن أن يتفوه ولو بكلمة واحدة عن علاقات المنافس ترامب مع روسيا.

صحيح أن كومي أعرب عن شعوره «بالغثيان»، إزاء فكرة أنه بهذا خلّف تأثيراً على نتيجة الانتخابات. والصحيح أيضاً، أن المؤلفة تسجل تعليقها في هذا السياق قائلة: عندما سمعت بذلك.. انتابتني بدوري نوبة من الغثيان.

ومن ثم تتوقف مؤلفة كتابنا: هيلاري كلينتون، عند جانب محوري، من جوانب الكتاب وتلخصه العبارة التالية: عوامل»النوع«الاجتماعي. وذلك بمعنى الآراء والتوجهات والسلوكيات التي تميز كلا الجنسين: الرجال والنساء. أو فلنقل»البعد الجنساني«، حسب مصطلحات منظومة الأمم المتحدة. وهنا تذهب هيلاري إلى أن هذا البعد»الجنساني» لعب دوراً في انتخابات 2016 الرئاسية في بلادها، وتدلل على ما تذهب إليه، حين تقول: إن أنصع البراهين على ذلك يتمثل في حقيقة فوز المرشح المتحيز بصورة صارخة إلى الرجل.. الذَكَر في التحليل الأخير. ثم تضيف موضحة أن جمهرة واسعة من الأميركيين أصغوا إلى الشريط الذي ظهر فيه المرشح المذكور متباهياً بغزواته بحق العديد من النساء.

بيد أنها لا تلبث أن تعترف - موضوعياً - بأن سّجلَها مع الناخبات كان مختلطاً على نحو سلبي. وتورد في هذا السياق إحصائية فصيحة الدلالة وتقول بالتالي: حصلت على نسبة 94% من أصوات النساء من السود وعلى نسبة 68% من أصوات نساء اللاتينو (من أميركا الجنوبية)، ثم نسبة 54% من أصوات النساء بشكل عام.. وكان معنى ذلك هو الفشل في الفوز بأغلبية أصوات النساء من البيض في طول الولايات المتحدة وعرضها.

Email