كائن الذكاء الصناعي والمستقبل

مطلوب أن نجعل الروبوت شريكاً للإنسان لا منافساً

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عاش الأديب التشيكي كاريك كابيك 48 عاماً فقط (بين عامي 1890 و1938). ونشر في عام 1920 مسرحية بعنوان «أر يو آر» أدار وقائعها وأحداثها حول دور الآلة في حياة البشرية.. وجمع فيها خيال المسرح إلى تصوير استخدام الآلات كي تقوم بأعمال لم يكن ليؤديها سوى البشر.. ولما كانت حكاية السُخرة تؤديها في اللغة التشيكية كلمة «روبوتا» فقد شاع من يومها استخدام كلمة «روبوت» كي تدل على الكائن الآلي – مخلوق الذكاء الصناعي الذي نطمح إلى أن يؤدي ما يؤديه الإنسان.. وربما زيادة على ما يقوم به الإنسان.

من هنا جاء المنطلق الذي ظل يصدر عنه الدكتور ﭽون جوردان أستاذ نظم المعلومات في كلية التجارة بجامعة بنسلفانيا الأميركية، حين أصدر أخيراً واحداً من أحدث كتبه بعنوان موجز هو: الروبوتات أو ( كائنات الذكاء الصناعي).

وبحكم التعمق في البحث الأكاديمي، يعمد مؤلف الكتاب إلى تقصي جذور فكرة «الروبوت» حيث يرجعها البروفيسور جوردان إلى العشرينيات من القرن الـ 19، وقد شهدت أول حديث عن الكائن الخرافي «فرانكشتاين» الذي أبدعته ماري شيللي- زوجة شاعر الرومانسية الإنجليزي الشهير.. مروراً بالمحاولات والجهود العلمية التي أفضت عبر سنوات القرن ال20 للتوصل إلى الروبوت الذي بات وجوده وأنشطته، وأحياناً إنجازاته، جزءاً من حياة البشر في الوقت الذي نعيش فيه.

ويتميز الكتاب بأن المؤلف لا يتوقف فقط عند الجوانب التقنية. فالدكتور جوردان يعالج القضايا الكلية الأشمل من هذه الظاهرة: القضايا التي تبدأ بقرارات تصميم الكائن الصناعي المقرر له الاضطلاع بأدوار كانت مقصورة على البشر.. مع ما يرتبط بهذه الجوانب من عناصر غير تقنية، ومنها منظومات القيم وأنماط السلوك الناجمة عن أفعال الروبوت، فضلاً عن المنطلقات المعنوية والقيم الأخلاقية ذات الصلة.

هنا أيضاً تتفرع هذه الجوانب والعوامل اللامادية في استخدام الروبوت، إلى حيث تثير أسئلة تتصل بجوانب القوانين والمعتقدات ومستويات الوعي والتعليم، فضلاً عن ضمان السلامة لجموع الجماهير، ناهيك عن الحفاظ المستمر على الجانب الإنساني للبشر المكلفين باستخدام وتوجيه ومعايشة هذا الكائن الحاسوبي – الروبوتي- التكنولوجي. من هنا تصدق الأحكام التي لا ينفكّ هذا الكتاب يسجلها عبر السطور والصفحات، وهي تحمل الشعار الرزين التالي:

لا ينبغي للروبوتات أن تكون بمثابة العبيد للبشر، بقدر ما لا ينبغي لها أيضاً أن تكون كالأسياد. فتهيمن على حياة هؤلاء البشر في يوم من الأيام.

أما الذي ينبغي، في تصوّر مؤلف كتابنا، فيتمثل في أن يصبح الروبوت، مع مرور الأيام، رفيقاً للإنسان.. وبمعنى أن يعمل في إطار شراكة بناءة ومثمرة مع البشر، سواء أكانت هذه الشراكة داخل عنابر المصنع أو على امتداد الطرق السريعة..أو في أروقة مواقع الطب والعلاج وما إليها.

ويحرص المؤلف على التنبيه إلى أنه لا يجوز للروبوت أن يحل محل الإنسان بحال من الأحوال.

بل يزداد هذا الكتاب تألقاً حين يحذر من «تنافس» الإنسان مع الروبوت.. وبدلاً من ذلك يتحول إلى الحديث عن «تفاعل» الإنسان مع الروبوت.

Email