كنز معلومات عن مختلف المسائل المتعلّقة بالتغذية والبدانة

«جائع دائماً».. أنظمة صحيّة مفيدة وأكثر فاعلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعاظمت النقاشات خلال السنوات الأخيرة حول المسائل المتعلقة بالأطعمة والأغذية والأنظمة الصحيّة الأكثر فاعلية وفائدة بالنسبة لأولئك الذين يتبعونها بقدر كبير من الدقة من أجل تخفيف الوزن في عصر «البدانة بامتياز». بل والنقاشات حول مجموعة من القواعد الصحية بين مؤيدّ ومناهض لما هو شائع من آراء حول ما هو ضار وما هو مفيد للصحّة.

في خضم النقاشات الدائرة ترتفع بعض الأصوات التي يحذّر أصحابها من «المعلومات الخاطئة الكثيرة» التي يتم تداولها على أساس أنها حقائق بما لا يقبل الجدل. ومن بين هذه الأصوات ديفيد لودويغ، الطبيب المختصّ بالغدد الصمّاء وهو يتولّى اليوم رئاسة قسم أمراضها في مستشفى الأطفال بمدينة بوسطن، وهو أحد الرموز الصحيّة الأساسية في جامعة هارفارد الأميركية حيث يطلقون عليه توصيف «المحارب ضد البدانة».

إنه يقدّم كتاباً يساهم فيه في تصحيح مجموعة من المقولات الرائجة في مجال الصحّة والتغذية. يحمل الكتاب عنوان: «جائع دائماً؟»، بصيغة الاستفهام. انه يشرح الأسباب التي تجعل السواد الأعظم من أنظمة «الريجيم» غير فعّالة. ويقدّم بالمقابل مجموعة من الاقتراحات التي يمكن أن تساهم في «صحّة البدن» بعيداً عن الإحساس بالجوع والحرمان.

يحدد مؤلف هذا الكتاب منذ البداية أن أحد الأهداف الأساسية التي يسعى لها من عمله «محاولة إعادة كتابة القواعد المتعلّقة بالصحّة عموماً، وبالأنظمة الغذائية ــ الريجيم ــ الخاصّة بتخفيف الوزن»، بشكل خاص. وإدراك أن «المشكلة الأساسية للبدانة» لا تكمن في الإفراط بتكديس الحريرات كدهون.

وبالتالي عندما يتم تقليص السعرات الحرارية في نظام غذائي يحتوي على كميات قليلة من المواد الدسمة إنّما قد يتم «تأزيم الوضع أكثر» و«نشوب معركة بين الذهن والاستقلاب الغذائي». ولا يتردد المؤلف في التأكيد أننا مهزومون في هذه المعركة الحاسمة.

الأنظمة الغذائية

ويشرح أن العديد من الأنظمة الغذائية التي يتم التأكيد أنها تساهم في تخفيف البدانة إنما هي في الواقع ضارّة ومؤذية للجسد. ذلك مثل القول إن «البقول بشتى أنواعها» يمكن تناولها في كل وجبة من وجبات الطعام اليومية. بل ويشرح القائلون بمثل هذا التأكيد أن «البقول بحدّ ذاتها» لا تؤدّي إلى السمنة، وإنّما «طريقة تحضيرها» بكميات كبيرة من الدسم وبـ«الحموض الدسمة المشبعة».

يشير المؤلف أنه أمضى العقود الأخيرة في حياته، وبالتحديد منذ سنوات التسعينات حيث «انطلقت موجة الهستيريا حول أنواع الأنظمة الغذائية التي ركزت على التقليل من المواد الدسمة»، وهو يبحث في المسائل الخاصّة بـ«مراقبة كل ما يتعلّق بالوزن».

ووصل بالمحصلة إلى نتيجة أساسية مفادها أنه ينبغي «تجاوز المسألة المتعلّقة بكمية السعرات الحرارية التي يتلقاها الجسد من التعذية والتوجّه مباشرة نحو الخلايا المسؤولة عن الدسم». وهو يركّز في التأكيد على «التقليل من السكريات للاقتراب أكثر فأكثر من نظام تغذية صحّي».

ويذكّر ببعض تلك الأنظمة التي كان يركّز واضعوها على تناول الحبوب «بلا اعتدال» ووصولاً إلى أكثر من عشر مرّات يوميا في اليوم. وهذا ما اكتشف خطأه بصورة كبيرة.

ذلك أن البقول ـ الحبوب بأنواعها ــ تحتوي على كميات كبيرة من السكّر، وبالتالي هي «السبب الرئيسي في انتشار وباء البدانة الذي ظهرت ملامحه بوضوح في سنوات الثمانينات»، بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية.

بالمقابل تبنّى «الدكتور لودفيغ» برنامجاً غذائياً يقوم على الابتعاد عن النشويات سريعة التحوّل على صعيد السكّر مثل الخبز والأرز الأبيض ومختلف أنواع البقول ــ الحبوب ـ في وجبات إفطار الصباح. وكذلك الابتعاد عن مختلف أشكال «السكّر المضاف» والمشروبات الغازيّة.

تقليص

بالمقابل يشرح أن البشر إذا نجحوا في تقليص تلك المواد، والتعويض عنها بمواد دسمة سليمة ومفيدة ولا تؤدي للسمنة مثل «الجوز وزيت الزيتون والأفوكاتو والشوكولا السوداء» وعلى السكريات «الطبيعية» مثل الفواكه والخضار فإن «استقلاب الأغذية لديهم سوف يتغيّر ويفقدون الوزن دون الإحساس بالجوع».

ويؤكد على ضرورة مواجهة مشكلة «إفراط الوزن» تدريجيا وعلى مراحل. المرحلة الأولى يحددها بـ «تناول أغذية فقيرة جداً بالسكّر وغنيّة نسبياً بالمواد الدسمة». ثمّ التدرّج وصولاً إلى «التقليل إلى أكبر قدر ممكن من تلك المواد الدسمة»

. بالتوازي مع ذلك يحدد المؤلف هدفاً آخر لعمله وهو أن يتعلّم المعنيون الكثير من المعلومات عن «التغذية الجيّدة والتغذية السيئة». والوصول إلى تعليمهم ما يعتبره المؤلف أفضل الطرق لـ «طبخ الأغذية» بحيث يتم «تحسين آلية عمل أجهزة الجسد كلّها».

والاهتمام في نفس الإطار بمختلف المسائل المتعلّقة بالتمارين البدنيّة والنشاطات المختلفة ــ وفي مقدّمتها «رياضة المشي» ــ ومحاولة «السيطرة على القلق والتوترات النفسية» و«بسيكولوجية السلوك». ويرى أن هذه كلها ــ وخاصّة أهمية النوم ــ تساعد في «كسب المعركة ضد البدانة».

السكّر في قفص الاتهام

بعد عقود طويلة من حالة الثبات في «معدّلات البدانة» في أميركا عادت بعد ذلك للارتفاع منذ سبعينات القرن الماضي. ذلك بالتوازي مع تغيير «أنماط العيش» من خلال انتشار ما يتم توصيفه بـ«السكريات الصناعية» التي زادت من مستوى «الأنسولين»في الدم وبالتالي أدت إلى «تكديس» الحريرات كـ«شحوم». هذا في ظل قاعدة بسيطة وصحيحة دائماً وهي أنه ينبغي لتجنّب تكدّس الشحوم تناول عدد قليل من السعرات.

المؤلف في سطور

ديفيد لودفيغ، أستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد الأميركية. وهو رئيس قسم الغدد الصمّاء في مستشفى الأطفال في مدينة بوسطن. أولى اهتمامه منذ عقود للمشاكل المتعلّقة بالبدانة. له العديد من المساهمات في هذا المجال.

Email