حالة سبات تعيشها معجزة أبهرت العالم في ظل صعود التنين الصيني

اليابان المرمّمة.. بلاد تحاول إعادة اختراع ذاتها

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد قصف مدينتي ناغازاكي وهيروشيما اليابانيتين بالسلاح الذري في مطلع شهر أغسطس من عام 1945من قبل الطيران الأميركي أعلنت اليابان استسلامها وخضوعها للشروط التي فرضتها الولايات المتحدة. لقد استسلمت اليابان لكنها عرفت كيف تنهض سريعاً لتحقق بعد سنين ما عُرف بـ«المعجزة اليابانية» الاقتصادية ولتغزو منتجاتها وتكنولوجياتها أسواق العالم، بما في ذلك الأسواق الأميركية ذاتها.

وقبل سنوات ليست بعيدة عادت اليابان لما يبدو حالة من السبات والجمود لتتراجع مكانتها الاقتصادية من جديد بالتوازي مع صعود الصين«القوّة الآسيوية المجاورة والمنافسة» لليابان بالوقت نفسه. ولكن ماذا لو برزت من جديد «اليابان المرممة: وكيف يمكن لليابان إعادة اختراع ذاتها ولماذا هذا هام بالنسبة لأميركا وللعالم؟».

«اليابان المرممة» هذا هو موضوع كتاب كلايد برستويتز، مؤسس ومدير «معهد الاستراتيجيات الاقتصادية في واشنطن»، ومستشار وزير التجارة الأميركي في إدارة الرئيس الأسبق رينالد ريغان. وهو يدرس فيه «كيف يمكن لليابان إعادة اختراع ذاتها، ولماذا هذا هام بالنسبة لأميركا وللعالم».

هذا في منظور تأكيد أن الولايات المتحدة الأميركية والعالم يواجهون جميعاً اليوم ما يسميّه المؤلف «تحدّي الشرق الأقصى». وبتحديد أكثر التحدّي حيال «الصين الصاعدة» و«اليابان الحليفة» التي تعاني اليوم من «مؤشرات عديدة على الهمود في اقتصادها» بعد زوال صورة «المعجزة اليابانية».

ما يتوقعه المؤلف هو أن اليابان سوف تعود من جديد «إحدى القوى العالمية، إن لم تكن القوة العالمية الأولى، في القرن الحادي والعشرين». ذلك بفضل خطط اقتصادية وسياسية «ستدفعها»، حسب السيناريو المقدّم، إلى «مكان الصدارة بين أمم العالم الأخرى». هذا مع التركيز بالوقت نفسه على أن اليابان تتميّز دائما بثقافتها النوعية العريقة.

يشرح المؤلف في سياق النقاشات العالمية الدائرة منذ سنوات حول مستقبل القوى القائمة في العالم اليوم أن اليابان هي بلاد «اليقظات» المتكررة، كما أثبتت في تاريخها الطويل. ولا شكّ أن النهوض الذي عرفته بعد نهاية الحرب العالمية الثانية هو أقرب وأهم البراهين على ذلك. ويؤكّد المؤلف على الدور الجوهري الذي تلعبه المرأة اليابانية في النهوض الاقتصادي العام لليابان.

إن مؤلف هذا الكتاب يدرس اليابان في منظور أفق عام 2050 واستشفاف أنها تستعيد «أمجاد سنوات السبعينيات والثمانينيات في القرن الماضي، العشرين». والتأكيد أنها ستستعيد موقعها السابق في الإنتاج والتصدير، خاصّة للمنتجات التكنولوجية العالية مثل السيارات.

وبالتوازي مع ذلك يرى المؤلف أن اليابان سوف تستفيد من دروس الماضي القريب بحيث لا تتكرر عملية فقدانها لميزاتها التنافسية في العديد من الأسواق العالمية بعد «انفجار فقاعة قطاع البناء وأسواق البورصة لعام 1992. مثل هذا الأفق يراه المؤلف بعيداً بالنسبة لليابان في أفق عام 2050.

إن المؤلف يقوم في هذا الكتاب بمقاربتين أساسيتين لليابان مستقبلاً. من جهة يرسم صورة لليابان كما يراها في أفق عام 2050. ومن جهة ثانية يقوم بنوع من الجرد لما ستكون عليه الملامح البارزة في تلك الصورة وليس أقلها بناء الجيش الياباني الحديث من جديد، والانفتاح على المهاجرين القادمين من الخارج.

وهذه الصورة تستجيب بقدر كبير لما يمكن أن يصب في مصلحة أميركا والعالم. وهذا كلّه يتم رسمه فيما يشبه «عمل روائي تخيّلي ليابان الغد». بكل الحالات يتم تقديم اليابان بمظهر «حديث واستشرافي للمستقبل» كما يظهر في صورة الغلاف الأول لهذا الكتاب.

في الفصل الأول من العمل يرسم المؤلف الصورة التي يتخيّلها لليابان بشتى ملامحها الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والسياسية والثقافية ليتم في الفصول اللاحقة تحليل التحديات وأشكال التبدّل المطلوبة والمنعطفات التي لا بدّ منها لـ«تنشيط مختلف آليات عمل المجتمع الياباني» في مسيرته المستقبلية.

ويحدد المؤلف القول إن اليابان مثلاً هي بحاجة إلى «سلسلة من الإجراءات من أجل تفعيل دور المستثمرين». ذلك بالتحديد على نقيض ما فعلته المكسيك عندما أنهت دور المزارعين الصغار في مجال زراعة الذرة الأميركية».

ويشرح المؤلف مجموعة التحديات الكبرى التي تواجهها اليابان، والتي ليس اقلّها التحدي الديموغرافي مقابل الصعود الكبير الذي يعرفه العملاق الصيني، المنافس التاريخي لليابان. والتأكيد أن الصعود الياباني في هذا القرن الحادي والعشرين مرهون بمدى قدرتها على مواجهة التحديات الكبرى المطروحة عليها.

Email